«راند»: من المستفيد من رفع العقويات على إيران؟

الاثنين 6 يوليو 2015 12:07 م

الاتفاق النووي النهائي بين إيران وقوى مجموعة (5+1) والتي تضم )الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا( قد يفضي لتخفيف إضافي للعقوبات ولفائدة اقتصادية لإيران، فإن أكثر من ١٠٠ مليار دولار من أموال النفط الإيراني «مجمدة» في حسابات بنكية أجنبية طبقا لنظام العقوبات الحالي ولا شك أن إعادة أموال إيران ستدعم اقتصادها المتداعي. وبالإضافة إليه، سوف تساعد الأموال إيران على زيادة صادراتها النفطية، وفي استقطاب الاستثمارات الأجنبية في المستقبل.

ورأى بعض المحللين والمعلقين بأن تخفيف العقوبات سيدعم مساعي الحكومة الإيرانية لتوسيع نفوذها الإقليمي عبر زيادة مساعداتها لحلفاء مثل النظام السوري وحزب الله، ولكن يدعي آخرون أن حكومة الرئيس «حسن روحاني» سوف تركز على القضايا الاقتصادية المحلية عوضا عن الإنفاق على مغامرات خارجية.

من هنا قد يتبادر إلى الذهن سؤال حول الجهة المستفيدة من تخفيف العقوبات بعد الصفقة، الإجابة على هذا السؤال لن تكون سهلة، لأن جميع الأطراف المعنية، حكومة «روحاني»، والشعب الإيراني، والحرس الثوري المسيطر على سياسات إيران الإقليمية، هم الذين سوف يستفيدون من رفع العقوبات، ولكن ستكون النخبة السياسية الاقتصادية، وأولئك المسوؤلين عن سياسة إيران الخارجية، ومنهم الحرس الثوري الإيراني، هم الأكثر استفادة، وذلك بالرغم من أن نفوذ إيران الإقليمي لا يعتمد على المال بقدر اتكال طهران على قدرتها في استغلال حالات اللاستقرار المتنامية من حوله،. وهذا الأمر لا يتطلب من المال كما يفترض غالبا.

عند تسلمها السلطة، عبرت حكومة «روحاني» عن الصدمة من الفوضى الاقتصادية التي خلفها الرئيس السابق «أحمدي نجاد»، إذ شهدت إيران إبان عهد «نجاد» أعلى أسعار النفط في تاريخها. ولكن معظم ما تم كسبه ثمنا للنفط، ٧٠٠ مليار دولار، أنفقت على مشاريع لم تعد إلا بالقليل من النفع على الإيرانيين العاديين .فأنفق قدرا كبيرا من تلك الأموال من أجل تقديم معونات للدوائر الانتخابية الأفقر التي ساعده أبناؤها في الفوز بولاية رئاسية ثانية، وعلى سبيل المثال، أنفق «أحمدي نجاد» مليارات من أجل دعم مشروع إسكان مهر، ولكن حكم على المشروع بالفشل وتبديد الأموال. وبقي عدد كبير من المنازل المبنية دون إنهاء، أو أنها أنشئت بدون مرافق أساسية. وحملت حكومة «روحاني» مشروع مهر المسؤولية عن ارتفاع معدل التضخم في إيران. كما تبخرت مليارات الدولارات جراء الفساد، واتهم عدد من مسؤولي حكومة نجاد بالفساد، أو هم رهن التحقيق، ومن المتوقع أن يبرز عدد آخر من القضايا بعد إتمام الصفقة النووية.

بالإضافة إلى كل ما سبق، قدم «أحمدي نجاد» مليارات الدولارات قروضا بدون ضمانات للشركات التابعة للحرس الثوري، ويبدو أن مقدارا إضافيا من الأموال قدمت لرجال الدين النافذين في إيران، ولمؤسسات دينية. وخلال حكم «أحمدي نجاد»، امتلأت شوارع طهران بالسيارات الفارهة التي قادها أبناء الحرس الثوري ورجال الدين الأثرياء. ولا شك أن إيران قدمت الأموال لحزب الله ولـ«حماس» بالإضافة لعدد من الحلفاء. ولكن تلك الأموال، والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا) لا تساوي شيئا) بالمقارنة مع مليارات بددها أحمدي نجاد من أجل تحقيق طموحاته الداخلية. ولذا لا عجب أنه عندما تسلم روحاني السلطة، اكتشف أن خزينة الدولة شبه فارغة، وأن الدين العام وصل إلى ١٠٠ مليار دولار.

كما أن مقدارا كبيرا من الأموال المستردة لإيران سوف تنفق لمعالجة مشاكل ورثتها حكومة «روحاني». وبالإضافة لذلك، ستحتاج إيران لما يقدر بـ ٢٠٠ مليار لتحديث قطاعها النفطي المتداعي. ولكن سوف يذهب جزء من تلك الفائدة الاقتصادية للإيراني العادي. فقد فاز «روحاني» لأن الإيرانيين كانوا تواقين للتغيير، وخاصة من الناحية الاقتصادية، ولكن إيران ليست دولة ديموقراطية، وسوف يحصل الحرس الثوري والجمعيات الدينية على قسم كبير من الأموال، سواء من خلال رفع العقوبات، أو من عائدات مبيعات النفط أو الاستثمارات المستقبلية، فالصفقة النووية، في حال نجاحها، قد تحسن الاقتصاد الإيراني، لكن لا يتوقع أن تشهد إيران نموا اقتصاديا سريعا كفيلا بأن يقوي النظام أقليميا، فقد أصبح الفساد والهدر وعدم المحاسبة بمثابة الأمراض المزمنة، ومن المتوقع أن تشكل تحديات أمام أهداف «روحاني» الاقتصادية إلى نهاية رئاسته. وقد يرغب الرئيس الإيراني بتخصيص اقتصاد بلاده، وأن يدمج إيران مع الاقتصاد الدولي، ولكنه مضطر للتعامل مع قوى أثًرت على مدار عقود من خلال اقتصاد تديره الدولة. وقد يعمل الحرس الثوري، بالنظر لخشيته من أجندة «روحاني» الاقتصادية والسياسية، لزيادة إنفاقه الخارجي، ولكن من المتوقع أن يستفيدوا من حصة ضخمة من عائدات رفع العقوبات.

وفي إيران، غالبا ما يعني المجتمع الثوري خلق ثروات ضخمة لقلة من النخبة. وفي حين يتوجب على «روحاني» تقديم شيء ما لإيرانيين يتطلعون إليه، إلا أن عائد رفع العقوبات يتوقع أن يذهب لأصحاب الجيوب الممتلئة، وقد لا يترجم هذا في مزيد من النفوذ الإيراني في الخارج، بل ببناء عدد إضافي من القصور وانتشار مزيد من سيارات الفيراري في شوارع طهران.

  كلمات مفتاحية

إيران الاتفاق النووي النخبة السياسية الحرس الثوري حسن روحاني محمود أحمدي نجاد

«علي مطهري» .. الرجل الذي وقف في وجه «خامنئي»

إيران توقف تمويل حركة «الجهاد الإسلامي» لرفضها تأييد موقفها في اليمن

محادثات إيران النووية تقترب من النهاية والتركيز على نقاط الخلاف

ظلال إخفاقات العراق وكوريا الشمالية تخيم على المحادثات النووية مع إيران

«ستراتفور»: كيف تسير الأمور داخل الحرس الثوري الإيراني؟

«روحاني»: لن نوقع اتفاقا نوويا نهائيا قبل رفع كامل العقوبات

إيران تسعى لمضاعفة صادراتها النفطية في شهرين لدى رفع العقوبات

«رفسنجاني»: «تجاوزنا المحرمات» ولا نستبعد إعادة فتح السفارة الأمريكية بطهران

«ليبراسيون»: كيف ألهم الإمامين «الحسن» و«الحسين» الإيرانيين في المفاوضات النووية؟