قطاع غزّة يفقد أكثر من 83% من كهربائه جرّاء عدوان إسرائيل ومهدّد بكارثة

الخميس 24 يوليو 2014 10:07 ص

محمد عثمان - المونيتور

تفاقم انقطاع التيار الكهربائي في غزة ليتجاوز 21 ساعة يوميا منذ تدمير إسرائيل لمعظم المحولات الكهربائية في 17 تموز، يوم أعلنت بداية هجومها البري على قطاع غزة. يشكل انقطاع التيار الكهربائي خطرا إضافية على السكان المحليين، لا سيما في قطاع الصحة، إذ أنّ المستشفيات تعمل لساعات إضافية لمواكبة ارتفاع عدد الضحايا من جرّاء استمرار القصف الإسرائيلي.

يقول مدير عام الهندسة والصيانة في وزارة الصحّة في غزّة المهندس بسّام الحمدين إنّ "انقطاع الكهرباء عن قطاع غزّة ما زال مستمرّاً منذ نحو خمسة أيّام، إذ قطعت الكهرباء في شكل كامل عن عدد من المستشفيات".

ويضيف الحمدين في حديثه إلى مراسل "المونيتور" أنّهم "اضطرّوا إلى العمل من خلال المولّدات طوال الوقت"، موضحاً: "قبل ثلاثة أيّام، عادت الكهرباء إلى بعض المستشفيات، غير أنّ المشكلة ما زالت موجودة في مجمّع ناصر الطبّي والمستشفى الأوروبّي في مدينة خانيونس، اللذين يعملان من خلال المولّدات الكهربائيّة طوال الوقت، لعدم توافر الكهرباء وتدمير الشبكة المجاورة للمستشفيين".

وهذا الأمر يشكّل خطراً كبيراً على تقديم الخدمة الطبيّة، خصوصاً أنّ المولّدات الموجودة في المستشفيات غير مؤهّلة للعمل لساعات طويلة جدّاً، إضافة إلى أنّ العمل بالمولّدات يستنزف مخزون الوقود الموجود داخل المستشفيات.

ويؤكّد الحمدين أنّ "المرضى يتعرّضون إلى خطر محدق في حال توقّفت المولّدات الكهربائيّة في شكل مفاجئ بعد انقطاع الكهرباء بشكل شبه كامل"، مضيفاً: "في ظلّ الاعتداءات الإسرائيليّة المستمرّة على غزّة، فإنّ المستشفيات تكتظّ بالجرحى والمرضى، خصوصاً في قسم العناية المركّزة، حيث ينتظرون العمليّات الجراحيّة، إضافة إلى الأطفال الموجودين في الحاضنات ومرضى غسيل الكلى. لذا، وفي حالة حدوث أيّ عطل مفاجئ في مولّدت المستشفيات، فإنّ الخدمة ستتوقّف، وبالتالي سيتعرّض المرضى إلى موت حقيقيّ، وندخل في كارثة صحيّة كبيرة".

ولحقت أضرار انقطاع الكهرباء أيضاً بالخدمات التي تقدّمها بلديّات قطاع غزّة للمواطنين، كالمياه وتصريف مياه الصرف الصحيّ، إذ يشير مدير دائرة الحدائق والمسؤول عن الخدمات في بلديّة غزّة المهندس منتصر شحاتة، إلى أنّ "انقطاع الكهرباء له تأثير سلبيّ على الخدمات التي تقدّمها بلديّات القطاع"، مضيفاً أنّ "معظم مضخّات المياه الموجودة في غزّة والتي تعمل على الكهرباء، تقلّست ساعات تشغيلها في شكل كبير جدّاً".

ويضيف شحاتة في حديثه إلى "المونيتور": "مواطنو قطاع غزّة، والبالغ عددهم أكثر من مليون وثمانماية وخمسين ألف نسمة، باتوا يشتكون في شكل مستمرّ من عدم وصول المياه إليهم، بسبب ازدياد عدد ساعات انقطاع الكهرباء التي تضخّ المياه إلى بيوتهم في المباني السكنيّة، إلى أكثر من 21 ساعة يوميّاً. فيحصل بعض المواطنين على المياه لنصف ساعة فقط، ومن ثم تتوقّف بسبب انقطاع الكهرباء".

ويضاف إلى ذلك، ما يسبّبه توقّف مضخّات الصرف الصحيّ المؤدّية إلى أحواض المعالجة عن العمل، حيث يؤدّي الأمر إلى تسريب المياه إلى البحر أو إلى داخل البيوت، ممّا يولّد أخطاراً بيئيّة جسيمة.

ويقول شحاتة إنّ "المشكلة أثرّت في شكل غير مباشر على قطاع النفايات الصلبة، إذ أنّ كميّة السولار التي تأتي لعربات نقل النفايات، أصبحت تذهب لتشغيل آبار المياه ومضخّات الصرف الصحيّ، وبالتالي أحدث ذلك خللاً". وحذّر أنّه "في حال استمرار الأزمة، فإنّ قطاع غزّة سيقع في كارثة بيئيّة لا تحمد عواقبها".

ويقول مدير العلاقات في شركة توزيع كهرباء محافظات قطاع غزّة المهندس جمال الدردساوي إنّ "القصف الإسرائيليّ أصاب خطوط الكهرباء والكثير من شبكات التوزيع، وتسبّب في انقطاع الكهرباء"، مشيراً إلى أنّ "السيّء بدأ مع انطلاق الحرب الإسرائيليّة البريّة، وهو أنّ خطوط المغذّيات الرئيسيّة لكهرباء غزّة والقادمة من الشركة الإسرائيليّة أصيبت كلّها وتوقّفت عن العمل، ممّا أفقد غزّة كميّة كبيرة من الكهرباء".

ويوضح الدردساوي في حديثه إلى "المونيتور" أنّه "وفي ظلّ الأزمة العاديّة، يتزوّد قطاع غزّة من إسرائيل بنحو 120 ميجاواط من الكهرباء، أي بمعدّل 60% من مجمل كهرباء القطاع"، مضيفاً: "في بداية الحرب الإسرائيليّة، فقدنا خطّي كهرباء، تبعهما خطّ ثالث في منطقتي خانيونس ووسط قطاع غزّة منذ حوالى عشرة أيّام، ولم يتمّ إصلاحهم حتّى الآن. ومع بدء الحرب البريّة قبل نحو خمسة أيّام، تعطّلت بقيّة الخطوط الإسرائيليّة، حيث توقّفت عن العمل تسعة خطوط من العشرة خطوط التي تحمل كهرباء القطاع".

ويصف الدردساوي وضع الكهرباء في قطاع غزّة بـ"القاسي جدّاً"، قائلاً: "استهدف الاحتلال ثلاثة خطوط خارجة من محطّة توليد غزّة المحليّة، فالكهرباء المتبقّية من إنتاج المحطّة المحليّة وتخرج إلى مراكز الاستهلاك والتوزيع عبر الخطوط المتبقيّة، ضئيلة، إضافة إلى أنّه تمّ استهداف خطّين من الكهرباء التي تصل من مصر إلى مدينة رفح جنوب القطاع. لذا لم يتبقّ من الكهرباء التي تغذّي غزّة سوى 17% ".

ويؤكّد أنّ "الكهرباء المتبقّية في قطاع غزّة لا يمكن برمجتها"، مشيراً إلى "صعوبة تحديد برامج توصيل الكهرباء وإعلانها للمواطنين"، مضيفاً أنّ "شركة الكهرباء في حاجة إلى موافقة مسبقة من جيش الاحتلال الإسرائيليّ لإصلاح الخطوط"، متابعاً: "تتوقّف مدّة الانتظار للحصول على الردّ الإسرائيليّ، وفقاً للحالة المزاجيّة للجيش، وقد تمتدّ إلى أسابيع تالية".

ويقول الدردساوي إنّه "من المستحيل أن تعتمد مستشفيات القطاع في ظلّ الأوضاع الراهنة على مولّد خاصّ لمدّة عشر ساعات في اليوم، لأنّه يحتاج لموازنة كبيرة، نظراّ لارتفاع سعر السولار الخاصّ، ويبلغ دولارين للّيتر الواحد، محذّراً من تفاقم الوضع الإنسانيّ في حال استمر وضع الكهرباء لأيّام قليلة مقبلة".

  كلمات مفتاحية