لماذا على قطر وليس مصر أن تتوسط في بين حماس وإسرائيل؟

الخميس 24 يوليو 2014 08:07 ص

- في يناير أخبر أحد المسؤولين المصريين رويترز أنه بعد إخضاع الإخوان في الداخل سوف يقوم الجيش بتقويض دور حماس في غزة.

- قال أحد المسؤولين المصريين: «غزة هي التالي...لا يمكننا التحرر من إرهاب الإخوان في مصر بدون إنهائه في غزة، وسوف يأتي يومهم». 

- وسطاء السلام الثلاثة بحاجة لأن يكون لهم هدف ويحفزهم الاستقرار. أما دافع السيسي فهو في الأساس القضاء على أولئك الذين يري فيهم تهديدا قائما لإدارته. 

- يمكن لقطر أن تكون هذا الوسيط في الوقت الذي لا ترغب فيه القيادة المصرية التواصل بأمانة مع كلا الطرفين.

 

بنجامين كالاكوفسكي، الجزيرة أمريكا، 23 يوليو 2014

بكل المقاييس، لم تقم القاهرة بعمل تفاوضي مميز ينهي الصراع بين حماس وإسرائيل المستمر حتى الآن. وقد فشلت مبادرة إطلاق النار التي أطلقتها الأسبوع الماضي في غضون ساعات وقد وقع جزء من اللوم على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وذلك بسبب عدم إخباره حماس بالاتفاقية. ومع أن قطر قد استضافت محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في أول جهودها نحو الوساطة، لم تفقد مصر الأمل في استعادة موقعها بين الدول العربية. في الحقيقة، دعت مصر القائد الحمساوي خالد مشعل إلى القاهرة على شرط أن يقبل باقتراح وقف إطلاق النار في البداية.

كما أن القادة الأمريكيين يدفعون بالخطة المصرية إلى الأمام أيضا، على الرغم من أنه يجب عليهم الضغط على إسرائيل لقبول قطر كوسيط. كما أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قريب مع وزير الخارجية القطري خالد العطية والذي يمكنه أن يأتي بحماس إلى طاولة المفاوضات. لم تقم مصر بفعل شيء سوى أن جنبت حماس وأهملتها. 

محاكمات جديدة

إن عدم إمكانية السيسي للوساطة بين المتنازعين أمر يجب أن يكون واضحا وذلك بسبب تاريخه مع حماس وتنظيمها الأم الإخوان المسلمين. أنشئت حركة حماس خلال الانتفاضة الأولى كجناح فلسطيني للإخوان المسلمين. وقد حاز السيسي السلطة بعد انقلاب عسكري قام به ضد الرئيس المنتخب. ومنذ أن أخذ الجيش المصري الحكم من محمد مرسي، قام باعتقالات كبيرة للإخوان المسلمين وحكم على المئات منهم بالإعدام. (وسواء كان تنفيذ حكم الإعدام سوف يجري أم لا فإن هذه المحاكمات أبعد ما تكون عن العدالة).

وفي مايو، قال السيسي قولته الشهيرة بأنه لن يكون هناك إخوان مسلمين خلال فترة رئاسته وتوعد باستئصال الجماعة. كما تم تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي في مصر وألقي عليه اللوم في العديد من الهجمات التفجيرية ومن بينها تفجيرات تبنتها جماعات أخرى مثل أنصار بيت المقدس.

تزايدت الأزمة بشكل كبير نتيجة لتصرف السيسي المباشر، ولن يكون هناك طريق للوساطة من خلال إقصاء أي من الأطراف عن طاولة المفاوضات.

إن عداء السيسي للإخوان المسلمين في مصر بلا حدود. وفي يناير أخبر أحد المسؤولين المصريين رويترز أنه بعد إخضاع الجماعة في الداخل المصري سوف يقوم الجيش بتقويض دور حماس في غزة. تتضمن الاستراتيجية العمل مع المنافس السياسي لحماس "فتح" وكذلك دعم الأنشطة المعادية لحماس في غزة، وذلك وفقا لأربعة مسؤولين دبلوماسيين وأمنيين في مصر.

وقد قال أحد المسؤولين المصريين، «غزة هي التالي ... لا يمكننا التحرر من إرهاب الإخوان المسلمين في مصر بدون إنهائه في غزة والتي تقع على حدودنا، وسوف ياتي يومهم».

لا يزال الإخوان المسلمين من بين المعارضة الصوتية للسيسي ومصرين على أن إطاحته بالرئيس محمد مرسي كانت غير قانونية. وبسبب شعبية الإخوان المسلمين وخصوصا بعد ثورة 2011 فإنه يحق للنظام الجديد أن يقلق.

وقد ألقى ذلك بمصداقية السيسي أمام سؤال خطير، وخصوصا مع ظهور رغبته في عدم إشراك حماس في المفاوضات حول النزاع الحالي. وقد أدت أفعال السيسي إلى إدراك المجتمع الدولي أن حماس هي من خرقت اتفاقية وقف إطلاق النار بينما حماس لم توافق في الأصل عليها. وقد استخدم هذا الإدراك لتبرير العمل العسكري الموسع في قطاع غزة بحيث وصل إلى الإنزال البري. 

مقعد على الطاولة

إن وسطاء السلام الثلاثة بحاجة لأن يكون لهم هدف أو على الأقل يحفزهم الاستقرار. أما دافع السيسي فهو في الأساس القضاء على أولئك الذين يري فيهم تهديدا قائما لإدارته.

أما قطر فلها علاقات صداقة مع حماس وتريد أن تضع شروطا تصب في مصلحة أهل غزة. كما أن خالد مشعل يتخذ من الدوحة مقرا له وفي عام 2012 كان الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أول أمير يزور عزة خلال عقد. وسوف تستفيد قطر سياسيا إذا ما نجحت في وساطة وقف إطلاق النار في وقت سوف يخفف فيه العناء ويرفع فيه الحصار عن غزة.

تضم شروط حماس لوقف إطلاق النار بنودا حول رفع الحصار المفروض على غزة وكذلك إعادة مرتبات موظفي القطاع الحكومي الذين يمثلون غالبية القوى العاملة في غزة. هذه المطالب مفهومة وذلك بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور في غزة. وعلى أي وسيط محتمل أن يأخذ شروط حماس على محمل الجد، ليس فقط لأن غزة أزمة إنسانية وإنما لتغيير الوضع الراهن الذي من الممكن أن يؤدي لمزيد من الصراع في المستقبل. يجب أن يتم تقديم الجزرة لحماس وشعبها وليس العصا فقط في أي اتفاق وقف إطلاق نار.

وبالرغم من أن الفكرة لم تحظى بقبول شعبي في مصر وإسرائيل، إلا أن حماس لا بد أن تكون على مائدة المفاوضات وأن تعتبر شريكا شرعيا للسلام. وقد كان هذا هو الخطأ الذي ارتكبته إسرائيل من قبل وخصوصا خلال ضرب غزة عام 2012. خلال هذا الصراع، اغتالت إسرائيل القائد الحمساوي أحمد الجعبري. على الوسطاء المحتملين أن يتعلموا من هذه التجربة وأن يعترفوا بشركاء السلام بغض النظر عن مدى تفاهة ذلك سياسيا.

تعد قطر الآن الاختيار الأفضل كوسيط بدلا من مصر غير أنه لا يزال هناك الكثير من العمل لإنجازه قبل أن تقوم بإعداد صفقة الوساطة. وقد دبرت قطر اجتماعات بين عباس وبان كي مون وكذلك بين عباس ومشعل ولكن ليس هناك اجتماعات في الأجندة مع إسرائيل. كما أن إسرائيل قد كانت مترددة للتواصل مع قطر وذلك بسبب علاقتها مع حماس غير أن إسرائيل عليها أن تنظر إلى الأمام نحو هذه الشراكة بدلا من النظر بعيدا عنها.

ويمكن لأمريكا، أقرب حليف لإسرائيل، أن تلعب دورا في ضم إسرائيل للمحادثات. وقد سافر كيري يوم الاثنين باكرا إلى القاهرة من أجل دفع حماس لقبول الاقتراح المصري لوقف إطلاق النار.

إذا ما أيدت أمريكا قطر بشكل رسمي كوسيط لوقف إطلاق النار واقتنعت أن السيسي غير مؤهل لهذا الوضع، فيمكن لأمريكا الضغط على إسرائيل بأن تفعل نفس الشيء. بالطبع فإن التواصل المباشر مع حماس أمر مستحيل سياسيا بالنسبة لبنيامين نتنياهو، غير أنه لو جرت المفاوضات من خلال قطر وعباس فإن ذلك سيرضي كل الأطراف.

وفي النهاية، فإن الوسيط الصحيح يمكنه أن ينهي الصراع ويصعب على الآخرين إثارة الصراع. وعلى هذا الوسيط أن يكون منفتحا للتعامل مع حماس وشروطها. أما التصرف بغير ذلك فإنه لا ينهي العنف الحالي. يمكن لقطر أن تكون هذا الوسيط في الوقت الذي لا ترغب فيه القيادة المصرية التواصل بأمانة مع كلا الطرفين.

  كلمات مفتاحية