مراقبون: إسرائيل تتكبد خسائر غير مسبوقة بفعل تطور أداء مقاتلي حماس

الجمعة 25 يوليو 2014 04:07 ص

شينخوا

يرى مراقبون فلسطينيون أن ما تكبده الجيش الإسرائيلي من خسائر بشرية غير مسبوقة في الصراع المتواصل في قطاع غزة يعكس تطور الوسائل القتالية لدى نشطاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن عدد جنوده القتلى ارتفع إلى 27 بعد مقتل اثنين على مشارف غزة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية يوم الأربعاء.

وقضى هؤلاء في اشتباكات مع نشطاء من حماس وجماعات مسلحة أخرى منذ بدء هجوم بري على أطراف قطاع غزة يوم الخميس الماضي.

ويمثل هذا الرقم ثلاثة أضعاف الخسائر البشرية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي تقريبا في آخر هجوم بري شنته على قطاع غزة في حرب 2008 و2009 .

عدا عن ذلك أكد الجيش فقدانه جندي لم يعرف مصيره في قطاع غزة، علما أن كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أعلنت قبل يومين أنه في قبضتها.

مخاطر مسبقة

وجاء الهجوم البري للجيش الإسرائيلي على أطراف غزة ضمن عملية (الجرف الصامد) العسكرية بعد 11 يوما من شن مئات الغارات الجوية المكثفة على كافة مناطق قطاع غزة من شماله إلى جنوبه.

واستدعى الجيش الإسرائيلي نحو 20 ألفا من قوات الاحتياط استعدادا لهذا الهجوم البري على قطاع غزة، الذي اعتبر ملاذا أخيرا، بهدف وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل والقضاء على شبكة الأنفاق التي تقيمها حماس.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة عدنان أبو عامر، أن الجيش الإسرائيلي قرر الشروع بالهجوم البري رغم إدراكه المسبق لمخاطر عديدة سوف يواجهها في القطاع.

وذكر أبو عامر أن من هذه المخاطر أن يتم استهداف الجنود عند اقترابهم من الأحياء السكنية بالقنابل والتفجيرات والعمليات الانتحارية، وتلغيم الأرض من قبل حماس بالقنابل والمتفجرات، وتفخيخ بعض المنازل، واستهداف الدبابات والناقلات بصواريخ مضادة قد تؤدي لخسائر في صفوف الجيش.

ويشير إلى أن إحدى مخاطر إسرائيل أنها تدخل المعركة البرية وهي ليست في أفضل وضع من الناحية الاستخبارية، ومعرفة ماذا يجري في غزة، خاصة تحت الأرض وما تجهزه حماس من شبكة أنفاق أرضية.

ومع دخول الهجوم البري على غزة يومه السادس، فإن الجيش الإسرائيلي ليس متسرعا للانتقال إلى المرحلة البرية الواسعة في عمق القطاع، وما زالت عمليته تقتصر على الأطراف النائية من حدود القطاع: الشرقية والشمالية والجنوبية.

ويعزو أبو عامر ذلك "قوة الكثافة النارية التي تفاجأ بها الجيش فور التقدم البري البطيء من المقاتلين الفلسطينيين الذي أظهروا قدرة على الصمود وتحمل القتال لفترة طويلة وبقدرات عالية والأهم بتجهيز وإعداد مسبق.

عمليات نوعية

ومنذ بدء التوغل البري للجيش الإسرائيلي على أطراف قطاع غزة تبنت كتائب القسام سلسلة من عمليات التسلل لمقاتليها خلف خطوط تمركز الجيش عبر ما أعدته من أنفاق أرضية.

وتعمد كتائب القسام بهذا الأسلوب إلى عنصر مباغتة قوات الجيش في المبادرة بالهجمات مع التخفي بزي الجيش الإسرائيلي الرسمي وإطلاق قوة نيران كثيفة لإيقاع أكبر عدد من القتلى والجرحى في صفوف الجيش.

ويقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي من غزة صالح النعامي، إن مقاتلي حماس أظهروا طرازا جديدا لم يعرفه الجيش الإسرائيلي عبر الاشتباك بجرأة وتصميم، دون خشية التفوق التكنولوجي والعسكري للجيش.

ويشير النعامي، إلى أن مقاتلي حماس يظهرون لقوات الجيش كأشباح ويقاتلون بعد أن ينطلقوا من داخل أنفاق أعدت على مستوى متطور من الصعب استهدافها مع الجو، وباتت تشكل مصيدة.

ويستشهد النعامي بأقوال نشرها جنود شاركوا في المعارك على مواقع التواصل اجتماعي ونشرتها وسائل ،بحسب ما يقول، بأنهم واجهوا "مقاتلين متمرسين يتحركون بدقة غريبة، ولا يطلقون النار عبثا، ضرباتهم لا تخطئ على الأرض، وكأنهم يتدربون على يد شخص واحد".

تكتيكات متنوعة

وإضافة إلى الاستعانة بالأنفاق الهجومية حتى في داخل مناطق نفوذ إسرائيل، فإن كتائب القسام أظهرت تطورا في وسائلها القتالية على أرض الميدان مثل صواريخ مضادة للدبابات من طراز "كورنيت" وهو سلاح ذو أهمية كبرى في الصراع.

وتزامن هذا التطور في أداء كتائب القسام في مواجهة التوغل البري للجيش الإسرائيلي مع وصول ترسانتها الصاروخية لتقدم غير مسبوق على مستوى الدقة والوصول لأهدافها بحسب ما يقول المراقبون الفلسطينيون.

وأعلنت القسام لأول مرة عن إطلاق صواريخ باتجاه مدن حيفا والخضيرة اللتين تبعدان أكثر من 120 كيلو مترا عوضا عن استهداف تل أبيب والقدس وبئر السبع.

وإلى جانب ذلك قالت القسام إنها أطلقت طائرات من دون طيار لأول مرة باتجاه إسرائيل التي أعلنت في مناسبتين أنها أسقطت طائرتين صغيرتين أطلقتا من قطاع غزة.

مكاسب سياسية

ويرى المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، أن ما يدور في قطاع غزة في الصراع القائم "يقدم مشهدا جديدا مختلفا لمجريات عمليات تعودت إسرائيل شنها على القطاع ولا تجد خلالها صعوبات حقيقية في تحقيق ما تريد تحقيقه من أهداف".

ويشير عوكل، إلى أن "المقاومة في غزة تقدم خلال مجابهتها للعدوان الجاري، قائمة طويلة من المفاجآت، التي تربك حسابات إسرائيل وتفرض على غير إسرائيل من الدول الفاعلة، على أن تتعاطى بشكل مختلف مع الشأن الفلسطيني، والفاعلين فيه".

ويعتبر أن "نتائج المواجهة الدائرة ستترك آثارها عميقة على الاستراتيجيات الأمنية والسياسية والقتالية لإسرائيل خصوصا بعد أن تناقصت قدرة الجيش على الردع، وتهشمت صورة الجيش الذي لا يقهر".

ويخلص عوكل إلى أن الأداء القتالي الحاصل في غزة "سيترك آثاره على المعادلات السياسية وعلى أدوار العديد من القوى الفاعلة، وقد يصل الأمر إلى حد إلى بداية إنهاء عزلة حماس ورسم مشهد سياسي جديد بعد توقف الحرب".

  كلمات مفتاحية