استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الدولة والتنمية العربية

السبت 21 ديسمبر 2019 09:33 ص

الدولة والتنمية العربية

الدولة والتنمية العربية.. تحولات المتغير النفطي والعلاقة مع النظام العالمي

الدولة العربية فشلت في تحقيق التنمية المستدامة، بسبب غياب مشروع حضاري شامل.

مفهوم النمو لم يشمل مضمونا ثقافيا عربيا بل طغت مفاهيم الرأسمالية والعولمة على فكر المخططين وفصلت التنمية عن مشروعها.

*     *     *

يثير الدكتور مجد الدين خمش، في كتابة "الدولة والتنمية العربية.. تحولات المتغير النفطي والعلاقة مع النظام العالمي"، موضوعاً أساسياً، فهو بذلك يتحدث عن ثلاثة عناصر أساسية، التنمية العربية والمتغير النفطي والنظام العالمي.

ويسعى الكاتب إلى رسم العلاقة في ما بينها، لكي يفسر، في نهاية المطاف، كيف أدارت الدولة العربية العلاقة بين هذه المتغيرات الثلاثة. ويصل إلى نتيجة أن الدولة العربية فشلت في تحقيق التنمية المستدامة، بسبب غياب مشروع حضاري شامل.

وقد بذل الكاتب ما في وسعه من الجهد والعناء، لكي يوفر المعلومات والإحصاءات عن مجمل الوطن العربي، والذي تكاد المعلومات الجمعية عنه تكون مستحيلة، أو غير موثوقة إن وجدت.

ففي السنوات العشر الأخيرة يصعب على المرء أن يعرف معلوماتٍ عن دول مهمةٍ مثل اليمن، والصومال، وسورية، والعراق، وحتى المعلومات في دول كثيرة إما مغلوطة أو أن طرق حسابها تتفاوت حسب الرغبات والأهواء السياسية لمنتجي هذه المعلومات وناشريها. وصحيح أن الإحصاءات ليست بتلك الدقة، إلا أن التغير فيها سنة بعد سنة يعطي مؤشّراً أفضل من الأرقام الأصلية.

ويتناول الكاتب قضايا نظرية مرجعية، ففي الفصل الأول يلخص لنا بعض النظريات الهامة عن أسباب التنمية، ومقاييسها، ومراحلها، ويأخذ ببعض التأملات الحديثة فيها، بدءاً من نظرية التحديث، ثم نظرية صراع الحضارات لصموئيل هنتنغتون، ونظرية الرأسمالية وديمومتها، كما أخبرنا بذلك فوكوياما.

ويقدم مجموعة من قصص التنمية التي جرت في بعض الدول، معتمداً على تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة ونشراتهما، أو على كتب مثل كتاب ريتشارد هاس "العالم في حالة البعثرة: السياسة الأميركية الخارجية والأزمة في النظام العالمي".

وقد استبدل الآن اصطلاح "Disarray"أو البعثرة المستخدم في عنوان كتاب هاس الصادر في عام 2017 بكلمة "Disruption" أو "تشويش"، والتي لا تخلو في الأدبيات الغربية من جوانب إيجابية.

ويقدّم الكتاب في الفصل الأول معلوماتٍ إحصائية مهمة عن حجم المساعدات التي تلقتها الدول العربية عام 2014 حسب البنك الدولي. وقد تلقى العالم العربي في ذلك العام مساعداتٍ قدرها 22.3 مليار دولار، أو ما يساوي 13.9% من مجموع المساعدات المقدّمة على مستوى العالم.

ويذكر أن المساعدات بدون مقابل والمساعدات الإنمائية التي قدمتها دولة الإمارات عام 2014 تقارب 14.6 مليار دولار. ولو طرحنا من هذه الأرقام المساعدات للدول العربية، فإن الرقم الصافي ربما يقارب 10.3 مليارات دولار. ولو حسبنا المساعدات المقدمة من دول عربية أخرى لباقي الدول لوجدنا أن العالم العربي قدم لباقي العالم مساعداتٍ أكثر من التي قدّمت إليه بمقدار الضعفين على الأقل.

يقدّم المؤلف، كذلك تحليلاً أفقياً يتعمق أحياناً بشكل مقنع في أزمة التنمية العربية ومصادرها. ويحدّد مفهوم الأزمة، ويؤكد أن مفهوم النمو قد انصبّ على النمو في الناتج المحلي الإجمالي، من دون الالتفات إلى نوعية ذلك النمو أو توزيعه، ومقدار الثروة المتراكمة التي أوجدها.

وأن مفهوم النمو لم يشتمل على مضمون ثقافي عربي، بل إن مفاهيم الرأسمالية والعولمة هي التي طغت على فكر المخططين، وساهمت في فصل التنمية عن المشروع التنموي، المحلي والعربي. وفي تحليل نتاج التعليم والتنمية البشرية، يقدّم الكاتب أرقاماً عن أعداد البحوث العلمية العربية المنشورة، وتطوّر عدد الباحثين العرب، وترتيب الجامعات العربية من حيث الجودة دولياً.

يقدم الكتاب بحثاً مهماً عن الثقافة العربية وقيم العمل في إطار العولمة. والبحث في السياق التاريخي مستنير ومهم، من دون أن يتعرّض في هذا الفصل إلى حاجات المستقبل في إطار الثورة الصناعية الرابعة، أو في التطور الهائل الذي حصل على نظم المعلومات والاتصال والذكاء الاصطناعي، وغيرها من علوم، فهل نحن جاهزون للمستقبل؟

يتعرّض الكاتب في السياق نفسه للتنمية البشرية، مركّزاً على الجوانب السكانية والديمغرافية والتنمية البشرية، آخذاً المعايير المستخدمة عادة عند الحديث عن موضوع التنمية الإنسانية في الاعتبار. ومع أنه تكلم عن فجوات التنمية البشرية في نهاية القرن الماضي، والفجوات بين الريف والحضر، ولكن هذه لم تدمج ضمن إطار تحليلي واضح.

وفي نهاية الكتاب، يطرح المؤلف قضية التنمية البشرية في إطارها المعاصر، ويأتي على معدلات رقمية وكمية في مجالات التربية والصحة والرعاية الاجتماعية والبطالة. ولكن الجزء الأهم هو استشراف المستقبل، ففي الجزء الثاني من الفصل السابع ينتقل الكاتب ليضع ثلاثة سيناريوهات سياسية، متشائم، ومتوقع، ومتفائل.

وفِي الفصل الأخير يتحدث عن دور الدولة الوطنية في المجتمع العربي، آخذا موضوعات مثل كلفة الحكومات، وغياب التنافسية. ويحدّد رؤى مستقبلية لبعض الدول العربية، مثل الأردن، والكويت، والسعودية والإمارات. ويثير في نهاية الفصل موضوع "المتغير السياسي العربي: المبدأ المنظم".

الكتاب مفيد لأنه جامع للقضايا التنموية العربية ومتحدثٌ عنها. وهو مساهمة فكرية جامعة لقضية معقدة. وقد نختلف مع الكاتب أو نتفق معه، ولكن كتابه يبقى إضافةً للمكتبة العربية، يشكل مهمازاً يحفز على مزيد من البحوث، والتعمّق فيها.

* د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية