استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دعوة لإنقاذ أمريكا

الاثنين 23 ديسمبر 2019 10:21 ص

دعوة لإنقاذ أمريكا

ينطلق ترامب حال إعادة انتخابه متبنيا سياسيات تجعل البعض يطلب ليس إنقاذ أمريكا بل إنقاذ كوكب الأرض.

دعوات لإنقاذ أمريكا نظرا لاستحالة عزل ترامب واحتمال بقائه فترة أخرى دون رادع فلن تضبطه أي حملات انتخابية.

تحتاج أمريكا إلى من ينقذها أيضا من جماعات اللوبى التى تمتلك قوة ونفوذا على صنع القرار السياسى الأمريكى.

*     *     *

دعوات عدة خرجت خلال الأيام القليلة الماضية يطالب أصحابها «إنقاذ أمريكا» مما فعله ويفعله بها الرئيس دونالد ترامب على خلفية فضيحة أوكرانيا جيت.

*     *     *

من أهم هذه الدعوات الداعية لإنقاذ أمريكا ما جاء على يد 700 عالم أمريكى طالبوا فى رسالة مفتوحة إلى الكونغرس بعزل الرئيس ترامب، وأدان العلماء سلوك الرئيس الذى يرونه «خطرا واضحا وحاضرا على الدستور».

واشتملت قائمة العلماء على مؤرخين وخبراء قانون وخبراء فى مجالات علمية مختلفة. ويعتقد هؤلاء العلماء إلى أن «عرقلة ترامب غير القانونية لمجلس النواب الذى سعى على نحو مشروع للحصول على وثائق وإفادات شهود فى إطار أداء دوره الرقابي المنصوص عليه دستوريا، تمثل خروجا غير مشروع على ممارسات يجب أن تلتزم بها أى حكومة ديمقراطية»، وانتقد العلماء إيمان الرئيس ترامب بحصانة السلطة التنفيذية وتمتعها بصلاحيات مطلقة، وأنه حاكم منتخب فوق القانون.

*     *     *

دعوة أخرى وجهها الكاتب توماس فريدمان على صفحات نيويورك تايمز مطالبا فيها بإنقاذ البلاد وعزل الرئيس ترامب إذا «كانت هناك رغبة فى الحفاظ على الديمقراطية فى أمريكا». وبرر فريدمان مطلبه اعتمادا على ما قام به الرئيس ترامب ولم ينكره كبار المسئولين عن ملف العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، ويقول فريدمان:

«لقد طلب الرئيس من الكونغرس حجز المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا لتستخدمها فى الدفاع عن نفسها أمام العدوان الروسى، وطالب ترامب رئيس أوكرانيا الجديد أن يقوم بخدمة له ويعلن بدء تحقيق فى فساد هانتر بايدن، ابن نائب الرئيس السابق جو بيدن، ويخوض بايدن سباقا تمهيديا حاليا للترشح على بطاقة الحزب الديمقراطى لانتخابات 2020.

ويقول فريدمان إنه فى المجتمعات المتقدمة يقتصر وصول رئيس للحكم أو خروجه منه على آلية الانتخابات الحرة المتكررة على يد أغلبية أصوات الناخبين، ويقول المدافعون عن ترامب إن العزل هو وسيلة الديمقراطيين لهزيمة ترامب؛ حيث إنهم لا يستطيعون هزيمته عن طريق صناديق الاقتراع.

لكن الداعين «لإنقاذ أمريكا» يعتقدون أن ما ابتغاه ترامب من أوكرانيا يضرب فى الصميم آلية الانتخابات الحرة؛ حيث تستدعى تدخلا أجنبيا فيها بما يتعارض مع رغبة الأمريكيين.

البعض يؤكد أن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة أرادوا أن يتم تغيير الرئيس بالانتخاب الحر السلمى، إلا أنهم أيضا تيقنوا لاحتمال أن يضطروا فى مواقف معينة لعزل الرئيس من أجل الحفاظ على الإطار العام الدستورى الذى يضمن إجراء انتخابات حرة عادلة ومتكررة.

وقصد آباء أمريكا المؤسسون بهذا الإطار سيادة القانون ونصوص الدستور الأمريكى. ويؤكد فريدمان أن الرئيس ترامب حنث باليمين الذى أقسم عليه خاصة فيما يتعلق باحترام الدستور وحمايته.

*     *     *

من ناحية أخرى، يعد «إعلان الحرب» و«عزل الرئيس» من أخطر القرارات التى يحق للكونجرس اتخاذها عند توافر الظروف الموضوعية، لكن تبعات هذه القرارات لا تنتهى عند التصويت، إذ إن القرار يعد بداية لأحداث شديدة الأهمية والإثارة، وتاريخيا لم ينجح الكونغرس فى عزل أى رئيس.

لكن مجلس النواب نجح مرتين فى إصدار قرار بعزل الرئيس ومحاكمته أمام مجلس الشيوخ، وحدث ذلك للمرة الأولى عام 1868 عندما تم التصويت بعزل الرئيس أندرو جاكسون، والحالة الثانية كان محورها الرئيس بيل كلينتون الذى وافق مجلس النواب على قرار عزله فى 1998.

وفى الحالتين لم يحكم مجلس الشيوخ بإدانة الرئيس تمهيدا لعزله من منصبه؛ حيث لم يصوت المجلس بأغلبية الثلثين لصالح القرار، وهى النسبة التى يمكن معها عزل الرئيس.

وتدعم الخبرات التاريخية زيادة حظوظ ترامب فى انتخابات 2020، إذ إن فشل إقالة الرئيس تنعكس سلبا على الحزب المعارض له، ويحصل الرئيس على تعاطف واسع من قاعدته الانتخابية، إضافة لمزيد من دعم المستقلين الذين لا يدينون بالولاء للحزبين الجمهورى والديمقراطى.

*     *     *

نعم تحتاج أمريكا إلى من ينقذها، لكن ليس من ترامب بل من جماعات اللوبى التى تمتلك قوة ونفوذا على صنع القرار السياسى الأمريكى. ويكفى أن نعرف أنه تم إنفاق أكثر من 4 مليارات دولار على جيش من اللوبى بلغ عددهم 14 ألف شخص يعملون فى واشنطن فقط، من أجل التأثير السياسى.

لذا ليس من المستغرب أن تبلغ نسبة ثقة الشعب الأمريكى فى مؤسسة الكونجرس أقل من 20% فى حين يوافق فقط 42% من الأمريكيين على الطريقة التى يدير بها ترامب حكمه.

نعم تحتاج أمريكا لمن ينقذها، لكن ليس من ترامب بل مما جعلها أكثر دول العالم من حيث حجم السجون وعدد المسجونين فيها، ولتسليط الضوء على حجم مشكلة السجون.

هنا نشير إلى أن الولايات المتحدة تشكل 5% فقط من سكان العالم، لكن لديها 25% من كل سجناء العالم، بإجمالى 2.3 مليون مسجون، وهذا العدد أكثر كثيرا من مثيله فى الصين ذات 1.5 مليار نسمة، فى حين يبلغ عدد سكان أمريكيا 330 مليون نسمة.

تحتاج أمريكا إلى من ينقذها ليس من ترامب بل من لوبى السلاح وأنصار حق حمل الأسلحة الآلية والنصف آلية والتى يزيد ما يملكه الأمريكيون منها عما تملكه بقية شعوب الأرض.

ولا يمر يوم واحد دون وقع حوادث قتل جماعى فى الولايات المتحدة. وقتل العام الماضى 39773 شخصا، أى أكثر من 100 شخص يوميا، بسبب انتشار الأسلحة النارية، وسهولة اقتنائها بسهولة.

*     *     *

فى النهاية سيتم محاكمة ترامب أمام مجلس الشيوخ الذى يتمتع فيه الجمهوريون بأغلبية 53 صوتا، لذا فالمجلس لن يدين الرئيس ترامب، وقد تعزز دعوات إنقاذ أمريكا إضافة لاستحالة العزل من حظوظ ترامب للبقاء أربع سنوات أخرى دون رادع؛ حيث لن تضبطه أى حملات انتخابية مستقبلية.

وسينطلق ترامب حال إعادة انتخابه متبنيا سياسيات قد يطلب البعض بعدها ليس فقط إنقاذ أمريكا، بل ربما إنقاذ كوكب الأرض.

* محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشؤون الأمريكية من واشنطن.

المصدر | الشروق المصرية

  كلمات مفتاحية