استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أما وقد تكشفت نواياهم السوداء؟!

الأحد 29 ديسمبر 2019 07:27 ص

أما وقد تكشفت نواياهم السوداء؟!

انكشفت قواعد اللعبة الجديدة بيننا وبين الإسرائيليين فماذا نحن فاعلون؟

أين رجالات الدولة؟ أين الحوار الوطني لبلورة إجماع وطني على استراتيجية مواجهة جديدة؟

كيف سنواجه المرحلة المقبلة، وبأية أدوات، وما الذي يتعين تغييره وتبديله من مقارباتنا وسياساتنا؟

موجة جنون عنصري تضرب إسرائيل بقوة وتضع الأردن أمنا واستقرارا وهوية وكيانا في قلب دائرة الخطر والتحدي.

هجمة اليمين الإسرائيلي على الملك والمملكة أول التبدل الاستراتيجي في خريطة إسرائيل السياسة والاجتماعية والآتي أعظم.

الرد على التهديد الاستراتيجي غير ممكن إلا باستراتيجية وطنية شاملة نبلورها ونطويرها دون إبطاء بدءا بإقرار حاجتنا إليها.

إضعاف المناعة الوطنية وإثارة شكوك وفوضى بالأردن وتأليب الأردنيين ضد بعضهم وضد نظامهم السياسي ستكون سياسة إسرائيل في الأردن.

*     *     *

قبل بضعة أعوام، وفي حديث أمام مجموعة من الدبلوماسيين الأوروبيين المعتمدين في الأردن، عرضت للتحديات التي تجبه الأردن، جراء «الانزياح المنهجي المنظم» للمجتمع الإسرائيلي صوب اليمين الديني والقومي، متسائلاً عمّا إذا كانت فرضية «أمن الأردن من أمن إسرائيل» ما زالت قائمة ومعتمدة في إسرائيل، بل وذهبت أبعد من ذلك للتساؤل عمّا إذا كانت «الفوضى» في الأردن، قد تصبح مصلحة إسرائيلية.

في تساؤلاتي التي بدت لبعض المشاركين الأوروبيين «تحريضية» و«إيديولوجية» و«مُتطيّرة»، استندت إلى فرضية «أن زحف اليمين الديني والقومي فوق مساحات واسعة من الخريطة السياسية والحزبية في إسرائيل، سيُملي تبدلاً في الأولويات.

وستضيق أهمية الأردن الاستراتيجية من منظور هذه القوى، وقد تنحصر في العمل على استيعاب «فائض الديمغرافية» الفلسطينية، بالتهجير الفعلي أو السياسي عبر محاولة فرض صيغة من صيغ الفيدرالية أو «الخيار الأردني»...

والحقيقة أن ردود أفعال كثير من الأردنيين على هذه المقاربة، التي لم أتوقف عن تناولها قولاً وكتابة، لم تختلف كثيراً عن ردة فعل أصدقائنا الأوروبيين.

ولأن مخرجات «الحل اليميني» للقضية الفلسطينية كما يعرضه نتنياهو وأركان اليمين، ليست من النوع الذي بمقدور الأردن، حكماً وحكومة وشعباً ومعارضة، أن يقبل به أو يتساوق معه، أو يصمت عليه، فإن من المنطقي الاستنتاج بأن إضعاف جهاز المناعة الوطنية وإثارة الشكوك والفوضى في الأردن، وتأليب الأردنيين ضد بعضهم البعض، وتأليب بعضهم على نظامهم السياسي، ستكون عناوين للسياسة الإسرائيلية حيال الأردن في قادمات الأيام.

هجمة اليمين الإسرائيلي على الملك والمملكة والملكية، ليست سوى أول غيث هذا التبدل الاستراتيجي في خريطة إسرائيل السياسة والاجتماعية، والآتي أعظم.

لقد راهن البعض (ولا يزال) على افتراق مواقف وتقديرات المؤسسة العسكرية – الأمنية الإسرائيلية عن المستوى السياسي – الحزبي ... هذا صحيح، بيد أن الصحيح كذلك أنه افتراق مؤقت وتكتيكي، وأن وجهة تطور المجتمع والدولة في إسرائيل، ذاهبة باتجاه اليمين، الذي يبدأ اجتماعياً، قبل أن يترجم سياسياً، ويتحول إلى «عقيدة أمنية – عسكرية» في نهاية المطاف.

ليست إسرائيل دولة يحكمها الجيش والمؤسسة الأمنية، بل المستوى السياسي هو من يحكم المستوى الأمني العسكري، حتى وإن تباينت وتائر التغيير وسرعة التحول في توجهات ومقاربات كلا المستويين.

ما يجري في إسرائيل اليوم، كان مقروءاً منذ سنوات، ومن أسفٍ أننا لم نستيقظ على هذا الخطر والتحدي الناجم عنه، إلا بعد أن بدأ اليمين الإسرائيلي يطلق نيرانه بغزارة، ويبوح من دون مواربة، بمكنونات مشاريعه وتصوراته السوداء. لكن كما يقال دائماً: أن تستيقظ متأخراً خير من الغرق في سبات عميق.

على أن السؤال الذي يستولد غيره هو: أما وقد انكشفت قواعد اللعبة الجديدة بيننا وبين الإسرائيليين، ماذا نحن فاعلون؟ هل يكفي أن ينهمر سيل المقالات الموسمية في هذا المجال، وأن تضج مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الفيض من التعليقات و»التهديدات الفيسبوكية»؟

أين رجالات الدولة (إلا من رحم ربي)؟ أين الحوار الوطني لبلورة إجماع وطني على استراتيجية مواجهة جديدة؟ .كيف سنواجه المرحلة المقبلة، وبأية أدوات، وما الذي يتعين تغييره وتبديله من مقارباتنا وسياساتنا؟ أسئلة وتساؤلات لا يجوز معها، الصمت أو التجاهل.

فموجة الجنون العنصري التي تضرب إسرائيل بقوة، تضع الأردن، أمنا واستقرارا وهوية وكياناً، في قلب دائرة الخطر والتحدي، والرد على هذا التهديد الاستراتيجي، غير ممكن إلا باستراتيجية وطنية شاملة، يتعين أن نشرع في بلورتها وتطويرها دون إبطاء، بدءاً بالإقرار بحاجتنا إليها.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني.

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية