استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فليثبت العرب أن فلسطين «ليست للبيع»!

الاثنين 3 فبراير 2020 09:51 ص

فليثبت العرب أن فلسطين «ليست للبيع»!

يبقى على الفلسطينيين أن يثبتوا فعلاً لا قولاً، أن أرضهم وأن قدسهم «ليست للبيع».

رغم هرولتهم إلى «المصالحة» فلن يصدّقهم أحدهم واستنتج مقاولو ترمب أن هؤلاء يمكن استقطابهم ببعض المليارات.

انشغل القادة العرب بمكاسبهم من «الصفقة» كذلك فعل بعض فلسطينيين ممعنين في تعميق صراعهم على السلطة.

يتجنّد حكام العرب لنقل إملاءات للفلسطينيين وتهديدهم إنْ لم يمتثلوا كان أجدى إصدار تبرّؤٍ عربي رسمي من القضية الفلسطينية!

لم يجتمع 4 أو 5 زعماء للتشاور في كيفية التعامل مع الضغوط الأميركية أو للاتفاق مثلاً على أنهم غير مخوّلين بالتنازل عن حقوق شعب فلسطين

كان العرب يتخاونون أو يوجهون ذبابهم الإلكتروني لتشويه الفلسطينيين شعبا وقضية، أو يتسابقون لنيل الأدوار القذرة في خدمة «الصفقة».

ماذا فعل العرب والفلسطينيون فيما كان المقاولون الإسرائيليون يجالسون نظراءهم الأميركيين لرسم الخرائط وصوغ «الصفقة» سطرا سطرا وخدعةً خدعةً؟

*     *     *

يجري الآن سباق دولي وعربي لإقناع الفلسطينيين بالعودة إلى التفاوض مع الإسرائيليين، باعتبار أن الحكومات كافة وجدت نفسها في دائرة العجز والإحراج: فمن جهة هناك «صفقة القرن» كبرميل متفجّر يحتوي صواعق وكميات من نفايات المعادن بغية التدمير والإيذاء العشوائيين.

ومن جهة أخرى هناك مزاج دونالد ترمب الذي يمكن أن يتحول بشطحة قلم ضرائب وعقوبات لا تنجو منها الدول كبيرة أو صغيرة، مَن ينكر أن هذه «الصفقة» نمط من الاستبداد والديكتاتورية كمَن يعتقد أن عصر التقنيات الأحدث ماضٍ في اقتياد العقول إلى أكثر السياسات بدائية في احتقارها للحق. التفاوض.. لكن على ماذا؟ هذه المرة على الاستسلام، فعلاً لا قولاً.

«الصفقة» فرضت نفسها منذ أواخر 2017، عندما تعرّف الجميع إلى أن ترمب كلّف فريق مقاولين نيويوركيين بإيجاد حلّ للصراع الأهم في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم صهره جاريد كوشنر الصهيوني أباً عن جدّ، لم يتطلّب الأمر أكثر من جولة مداولات واحدة حتى تعرّف الفلسطينيون والعرب إلى الانقلاب الحاصل أميركياً على المفاهيم وعلى كل ما كُتب طوال تسعة وستين عاماً في قرارات الشرعية الدولية، أصبح الحل مجموعة من لاءات كوشنر:

لا احتلال، لا تجريم للمستوطنات، لا احترام لمكانة القدس دينياً ولا تاريخياً، لا دولة واحدة للإسرائيليين والفلسطينيين ولا دولتين، لا قيمة لحدود 1967، لا اعتراف بلاجئين وبحق العودة لهم ولا بحق في التعويض، لا سيادة للفلسطينيين على الأرض والحدود.

في المقابل، ستكون هناك أموال ومشاريع لتحسين معيشة الفلسطينيين، وسيكون «سلام مقابل رخاء وازدهار»، و»سلام مقابل مأسسة كاملة للأبارتايد»، ولا يُستبعد أن يُطلب أيضاً من الفلسطينيين إصدار إقرار رسمي بأن الاحتلال انتهى، كما فعلت حكومة جنوب إفريقيا عندما أعلنت نهاية «نظام الأبارتايد -التمييز العنصري».

لكن بعد مقاطعة عالمية قاسية أجبرت البيض على تفكيك نظامهم والإفراج عن نيلسون مانديلا، الذي قاد فترة انتقالية طويلة قبل إعلان نهاية التمييز، كان الأفارقة والسود حول العالم رأس الحربة في الحملة ضد ذلك النظام، على عكس العرب الذين يشكلون اليوم، بتواطؤ بعضٍ منهم أو بخوف بعضٍ آخر أو بصمت بعضٍ ثالث، رأس الحربة لإنفاذ طعنة «صفقة القرن» في قلب فلسطين.

ماذا فعل العرب والفلسطينيون خلال أكثر من عامين، فيما كان المقاولون الإسرائيليون يجالسون نظراءهم الأميركيين لرسم الخرائط وصوغ «الصفقة» سطراً سطراً وخدعةً خدعةً؟

كانوا إما يتخاونون أو يوجهون ذبابهم الإلكتروني لتشويه الفلسطينيين شعباً وقضية، أو يتسابقون لنيل الأدوار القذرة في خدمة «الصفقة»، لم يجتمع أربعة أو خمسة زعماء للتشاور في كيفية التعامل مع الضغوط الأميركية، أو للاتفاق مثلاً على أنهم غير مخوّلين بالتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، وغير معنيين بالتعاون في فرض تنازلات-وهذا أضعف الإيمان- أما أن يتجنّد بعضهم لنقل الإملاءات إلى الفلسطينيين، وتهديدهم إنْ لم يمتثلوا فقد كان -ولا يزال- أجدى إصدار تبرّؤٍ عربي رسمي من القضية الفلسطينية.

كان لإعلان «الصفقة» فضيلة مباشرة في كشف مستور الانقسام الفلسطيني، وحقل الألغام الذي زرعه في أرض قضية الشعب والأرض، وكما انشغل القادة العرب بمكاسبهم من «الصفقة»، كذلك فعل بعض الفلسطينيين، ممعنين في تعميق صراعهم على السلطة، فيما كانوا في الواقع يوسّعون المستنقع الآسن تحتهم ونزيف المعاناة القاسية لشعبهم.

ورغم هرولتهم اليوم إلى «المصالحة»، فإن أحداً لن يصدّقهم، ولذلك استنتج مقاولو ترمب أن هؤلاء يمكن استقطابهم ببعض المليارات، يبقى على الفلسطينيين أن يثبتوا فعلاً لا قولاً، أن أرضهم وأن قدسهم «ليست للبيع».

* عبد الوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني

المصدر | العرب القطرية

  كلمات مفتاحية