استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العرب والغرب والهولوكست

الأربعاء 5 فبراير 2020 07:32 ص

في نهاية الأسبوع المنصرم من يناير انعقد منتدى في مدينة القدس المحتلة تحت شعار "تذكّر المحرقة، محاربة العداء للسامية " ضم رؤساء، ونواب رؤساء دول، وبرلمانيين من خمسين دولة أوروبية، وأمريكا الشمالية وكندا، ومن أمريكا اللاتينية.

وتلقى السيدات والسادة الحضور من قيادة الحكومة الصهيونية "هدية" عبارة عن مجموعة من الكتب الصادرة في الغرب عموماً وأمريكا الشمالية ومعظم تلك الكتب كٌتَّابها من اليهود أو من الصهيو  مسيحية كلها عن "إشكالية الهولوكوست".

الملاحظ أن صندوق الهدايا؛ آنف الذكر، لم يتضمن كتابين صدرا باللغة العبرية وكانا رائدين في مدّ المراجعات النقدية لمعنى الهولوكوست في الذاكرة الإسرائيلية المعاصر: الأول هو " الموت والأمة: التاريخ، الذاكرة،السياسة " للمؤرخة الإسرائيلية زيراتال. والثاني هو " في ظل الهولوكوست: الصراع بين اليهود والصهاينة في أعقاب الحرب العالمية الثانية لأستاذ اللسانيات في جامعة تل أبيب يوسيف غرودزنسكي. وتعود أهمية الكتابين أنها تتصل باعتبارات راهنة شهدها الحفل الذي جمع في القدس المحتلة (الحديدي، القدس العربي 23/ 1/2020.)

(2)

الهولوكوست في قاموس اللغة تعني "المحرقة" وتعني الإبادة الجماعية، والمقصود بها قتل ما يقدر بستة ملايين يهودي أوروبي في الحرب العالمية الثانية أي منذ 75 عاماً مضت، وذلك حسب الروايات اليهودية.

ويستخدم ذات المصطلح ليضم مقتل خمسة ملايين غير اليهود جلهم من مجموعات عرقية "الغجر الروم " والمجموعات السياسية المعارضة، والمعاقين، وغير ذلك. لكن لا يذكر فيما يكتب عن تلك المأساة الإنسانية إلا عن اليهود فقط والتي أصبحت سياسة ابتزاز تمارسها إسرائيل على كثير من الدول الغربية وخاصة ألمانيا، وتستدر عطف الدول الأخرى.

إن الكاتب هنا يدين كل عمل يلحق ضرراً بالإنسان؛ فرداً كان أو جماعة، بصرف النظر عن عرقه أو دينه وبصرف النظر عن الفاعل.

إن " تذكّر المحرقة: ومحاربة العداء للسامية " يجب ألا تنسينا مأساة الشعب الفلسطيني التي يتعرض لها بشكل يومي والمذابح الجماعية التي تحدث في قطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي، وطرد الفلسطينيين من أملاكهم وإحلال قطعان المستوطنين مكانهم.

إن تذكّر "محرقة اليهود الأوربيين " من قبل جيوش ودول أوروبية يجب ألا تنسينا " محرقة الشعب السوري والإبادة الجماعية التي يتعرض لها بشكل يومي من قبل النظام الحاقد في دمشق والطيران الروسي، والأمريكي يجب أن نتذكر الإبادة الجماعية والدمار الشامل في حلب و حماة وحمص وإدلب وأماكن أخرى من سورية الحبيبة.

يجب أن نتذكر المذابح الجماعية والدمار الشامل الذي لحق بالعراق الشقيق؛ شعباً وأرضاً، وحضارة عام 2003م على ايدي جيوش من اوربا وحلفائهم الاخرون.يجب ان نتذكر الإبادة والترحيل الجماعي التي يتعرض لها المسلمون الروهينغيا في ميانمار(بورما) على أيدي جيش منظم وميليشيات انتقامية.

وقادة العالم الغربي بكل ثقافاته ورموزه يجتمعون في مدينة القدس المحتلة ليحتفلوا بذكرى الجريمة التي ارتكبها قادتهم في الماضي ضد يهود أوروبا. يجب أن يتذكروا أنه لم يكن للعرب يد في تلك المأساة الإنسانية ضد اليهود.

والسؤال الموجه لأولئك القادة الذين اجتمعوا في القدس: لماذا تكفِّرون عن جرائم قادتكم السابقين ضد اليهود على حساب الشعب الفلسطيني خاصة والشعب العربي عامة؟.

أنتم دعاة الحفاظ على حقوق الإنسان، ومحاربة الإرهاب فلماذا لا تطبقون تلك المبادئ النبيلة في فلسطين والعراق وسورية وليبيا والصومال أليست تدخلاتكم المسلحة ضد هذه الشعوب العربية تعتبر أعمالاً إرهابية ؟!

(3)

الكاتب يتفهم المواقف الأوروبية من هذه المأساة الإنسانية "الهولوكوست" الإبادة الجماعية، المحرقة، لكني لا أستطيع أن أتفهم موقف بعض الدول العربية من هذه المأساة، فلا شأن لهم بها، ولم يشاركوا فيها وليس مطلوباً منهم تاريخياً المجاهرة بهذه المسألة. سبعون عاماً مضت ومسألة "الهولوكوست" لم تكن في ثقافتنا ولا مناهج تعليمنا.

سبعون عاماً مضت ونحن نكرر في مناهج تعليمنا أن "اليهود" إسرائيل اغتصبت فلسطين بمؤامرة أوروبية أمريكية وأنها زرعت في قلب العالم العربي والإسلامي لكي تكون عائقاً لوحدته واتصاله الجغرافي.

لا أريد أن أذكركم بقول الحق عز وجل في سورة المائدة: آية 82، فأنتم تعرفونها. كما يعلمنا القرآن الكريم في سورة البقرة: الآية 120: "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ"، فلماذا التدافع نحو مقابر اليهود ضحايا النازية الأوروبية لنقيم الصلاة على أرواحهم ونتباكى عليهم؟

وقف إمام رابطة العالم الإسلامي وخلفه رهط من المسلمين ليؤدوا الصلاة ركعتين على أرواح ضحايا النازية من اليهود. أليس الأولى بالصلاة على شهداء غزة والعراق وسورية الذين سقطوا بنيران أوروبية إسرائيلية، وشهداء مصر الذين قضوا دفاعاً عن فلسطين.

• آخر القول: يا قادتنا الميامين، لن ترضى عنكم إسرائيل مهما فعلتم، ولن ترضى عنكم أمريكا حتى تخروا لها ساجدين. إنها حلقة مفرغة. فعودوا إلى شعوبكم فهي الضامن لكم إن حققتم لهم العدالة والمساواة.

- د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية