استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العمران والعلوم

السبت 18 أبريل 2020 04:50 م

العمران والعلوم

هل تقسيم العلوم إلى علوم نقلية وعلوم عقلية وعلوم لغوية وأدبية لا يزال صالحا؟

يدعو ابن خلدون في تعليم العلوم للتدرج والشرح إجمالا وتجنب الحشو والاستطراد والخلط بين العلوم.

مطلوب تفسير موضوعي مجمع للآيات كلها حول موضوع واحد لبناء تصور إسلامي للعالم بمواجهة رؤى العالم المعاصرة.

*     *     *

وكما أن العمران طبيعي في البشر، كذلك العلم والتعليم في العمران البشري. وتزدهر العلوم بازدهار العمران وعظم الحضارة. وكثرة الشروح والمختصرات مضرة بالعلم والتعليم، مخلة بالتحصيل.

لذلك ينقد ابن خلدون عصر الشروح والملخصات، أي عصر التدوين الثاني للموسوعات والمعاجم، الذي استمر بعده في العهد العثماني، حتى مع الحركات الإصلاحية حيث شرح محمد عبده «العقائد العضدية» للأيجي في العقائد و«البصائر النصيرية» للساوي في المنطق.

ويبين ابن خلدون وجه الصواب في تعليم العلوم وطرق إفادتها مثل التدريج والشرح على سبيل الإجمال، وتجنب الحشو والاستطراد والخلط بين العلوم، حتى تتكون عند المتعلم ملكة علم يستطيع بها فهم باقي العلوم. ونصح بتجنب تقطيع العلم وتطويله تجنباً للنسيان، وتجنب الخلط بين علمين (مثل الفقه وأصوله).

ويكون التعليم شفاهياً ومدوناً، ولا توسع الأنظار في العلوم الإلهية ولا تفرع مسائلها خشية الوقوع في التجسيم والتشبيه أو المغالاة في التنزيه لدرجة التعطيل.

والعلوم الإلهية الغاية منها العمل وليس النظر، التوجه نحو الفعل وليس التأمل. والمذاهب في شتى العلوم متعددة بتعدد الأمصار، والصواب متعدد، ومن ثم لا يتعصب المعلم أو المتعلم لمذهب معين. والشدة على المتعلمين مضرة بهم.

فالتعليم طبيعي تلقائي برغبة المتعلم في المعرفة وليس جبرا، والرحلة في طلب العلوم واجبة. وقد انتشر المعلمون في الآفاق. والعلماء بعيدون عن السياسة، يبحثون عن الحق وعن مصالح الناس ولا يتملقون. وهو ما سمي بلغة العصر «التزام» العالِم.

وإذا كان أكثر حملة العلم في الإسلام من العجم، فلأن العجم كانوا أصحاب حضارة وعلوم. ولم يمنع ذلك من ظهور العلماء العرب مثل الكندي وابن الهيثم.

والعلوم على ثلاثة أنواع: العلوم النقلية، والعلوم العقلية، والعلوم اللغوية والأدبية. وتشمل العلوم النقلية، علوم القرآن والتفسير والحديث والسيرة والفقه. ويضيف إليها ابن خلدون علم القراءات.

ويخصص علم الفقه بما يتبعه من الفرائض. ويضيف علم أصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات وعلم التصوف مع أنهما علمان عقليان نقليان مع الكلام والفلسفة. ويضيف علم تعبير الرؤيا، وهو ليس علماً مستقلا بل يدخل في علم الكلام، إلى الفلسفة مع موضوع النفس.

وهي العلوم الأكثر تأثيراً في الناس، والمكوّن الرئيسي في ثقافاتهم الشعبية والتي تمتلئ بها المساجد والمراكز الدينية، والمادة الخصبة في أجهزة الإعلام وصفحات الفكر الديني والمجلات الدينية ودور النشر واسعة الانتشار والشرائط المسجلة والجدل الديني بين المتعالمين.

ولم تعد هذه العلوم الآن أنساقاً من الفكر النظري، بل أصبحت موضوعات للبحوث التاريخية والنقد التاريخي وأنثروبولوجيا الثقافة وعلم الاجتماع وعلم النفس. فهي علوم تخضع لمقاييس العلوم الإنسانية.

وهي علوم بها كثير من الدلالات، مثل «أسباب النزول»، وأولوية الواقع على الفكر، ومسألة «الناسخ والمنسوخ»، وأولوية التطور والزمان على الأحكام والتشريع في علوم القرآن، وضرورة التحول من نقد السند إلى نقد المتن في علوم الحديث، ومن التفسير الطولي المتقطع إلى التفسير الموضوعي المجمع للآيات كلها حول موضوع واحد لبناء التصور الإسلامي للعالم في مواجهة رؤى العالم المعاصرة، والتحول إلى فقه الأولويات، أي أولوية المعاملات على العبادات في علم الفقه.

د. حسن حنفي أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة.

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية