دعم الإمارات للأسد جزء من استراتيجيتها لمناهضة تركيا

الأربعاء 22 أبريل 2020 11:37 ص

تعد الإمارات حليفًا وثيقًا للسعودية وشريكة للولايات المتحدة، لكنها لا تشارك دائمًا الرياض وواشنطن وجهات النظر بشأن القضايا الدولية في ظل وضعها لمصالحها الوطنية في الاعتبار، ما يدفع أبوظبي إلى اتخاذ إجراءات تنحرف أحيانًا عن السياسات السعودية والأمريكية الرئيسية.

وفي ظل شراكات الإمارات المتنوعة عبر عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد؛ تبرع في موازنة القوى لضمان قدرتها على الحفاظ على سياسة خارجية مستقلة تهدف إلى تعزيز المصالح الإماراتية.

أجندة مختلفة تجاه سوريا

في بعض الأحيان، تكون أجندة أبوظبي متوافقة أكثر مع الدول غير الغربية وغير الخليجية مثل روسيا والصين.

نهج أبوظبي تجاه سوريا مثال بارز على ذلك.

فبدلاً من اتخاذ نفس موقف السعودية والولايات المتحدة من الرئيس "بشار الأسد" وحكومته البعثية، فإن الإمارات أكثر توافقاً مع موقف موسكو وبكين وطهران، بأن "الأسد" زعيم شرعي.

وتشترك موسكو وأبوظبي في الكثير من الأشياء، عندما يتعلق الأمر بالآراء حول الحركات الإسلامية، بالإضافة إلى حماية بعض الأقليات الدينية والعرقية في سوريا.

هذا ليس تطورًا جديدًا كليًا؛ فعلى عكس دول الخليج الأخرى وتركيا، رفضت الإمارات رعاية الفصائل الإسلامية المسلحة التي تقاتل النظام السوري، على الرغم من أن أبوظبي دعمت اسميًا التمرد المناهض لـ"الأسد" في المرحلة المبكرة من الأزمة السورية.

ومع ذلك، ففي عام 2015؛ عندما كثفت روسيا تدخلها العسكري المباشر في الصراع السوري لإمالة الكفة لصالح دمشق، لم تعترض الإمارات - على عكس السعودية - وبعد شهرين من بدء التدخل الروسي، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" أن موسكو تستهدف "عدوًا مشتركًا" في سوريا.

دعم بقاء "الأسد"

وفي وقت مبكر من الأزمة عام 2016، بدأ المسؤولون في أبوظبي في التعبير عن دعمهم لقيام الأطراف في سوريا بالتفاوض على حل سياسي للصراع من شأنه أن يترك "الأسد" في السلطة.

جاء تأكيد نظرة الإمارات لـ"الأسد" على أنه الزعيم الشرعي في ديسمبر/كانون الأول 2018 عندما أعادت أبوظبي فتح بعثتها الدبلوماسية في دمشق.

ومنذ ذلك الحين، أوضحت العديد من الاجتماعات والخطب مدى دعم الإمارات للجهود الرامية إلى إعادة "الأسد" إلى الجامعة العربية والمجتمع الدولي بشكل عام.

بعد تفشي جائحة "كوفيد-19"، أجرى حاكم الإمارات الفعلي، ولي العهد أبوظبي "محمد بن زايد"، مباحثات مع "الأسد" أبدت فيها الإمارات التزامها بمساعدة دمشق على التعامل مع الفيروس.

في 27 مارس/آذار، تناول "بن زايد" هذه المحادثات بتغريدة، قائلًا: "ناقشت مع الرئيس السوري بشار الأسد تحديثات حول كوفيد-19، وأكدت له دعم الإمارات واستعدادها لمساعدة الشعب السوري، التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، ولن تقف سوريا وشعبها بمفردهما".

مثّل الحوار بين "بن زايد" و"الأسد" أول مرة منذ 2011 يتحدث فيها زعيم عربي شخصيًا مع "الأسد" وينشر لاحقًا عن تلك المحادثة.

بدون شك؛ ترى الإمارات استمرار رئاسة "الأسد" كأفضل خيار لسوريا، على الأقل في الوقت الحالي، كما ترى أبوظبي في أزمة "كوفيد-19" سببًا آخر لمحاولة دفع المزيد من الحكومات في جميع أنحاء العالم نحو اتخاذ هذا الموقف.

استجابت الإمارات للجائحة بتقديم الدعم لإيران أيضًا، وهي الدولة الأكثر تضررًا في الشرق الأوسط، وتعد مثل هذه المساعدة الإنسانية للجمهورية الإسلامية مثالًا آخر على إظهار أبوظبي رغبتها في اتخاذ إجراءات غير متوافقة مع أجندات الرياض وواشنطن.

الرابطة بين سوريا وليبيا

في وقت سابق من هذا الشهر، نشر موقع "ميدل ايست آي" مقالة لـ"ديفيد هيرست" أثارت الكثير من الدهشة، كان جوهر المقال هو أن "بن زايد" سعى لدفع "الأسد" نحو إعادة شن هجومه لاستعادة إدلب على الرغم من وقف إطلاق النار بوساطة تركية روسية (سوتشي 2)، والذي تم التفاوض عليه في مارس/آذار بعد اشتباكات عسكرية مباشرة بين القوات التركية والسورية.

ووفقًا لـ "هيرست"، عرضت الإمارات على "الأسد" 3 مليارات دولار لخرق اتفاق وقف إطلاق النار.

شكك عدد من خبراء الشرق الأوسط في مصداقية القصة، حيث وجدوا صعوبة في تصديق أن مثل هذه الصفقة كان يتم الإعداد لها.

لكن الإمارات تتخذ بالفعل خطوات عديدة في سوريا لمواجهة تركيا، ويمكن أن يكون أحدثها تحدي مصالح وأجندات أنقرة في إدلب.

((3))

استراتيجية معادية لتركيا

وفقًا لمقال "ميدل ايست آي"، فإن أول دوافع "بن زايد"، كان الرغبة في "ربط الجيش التركي في حرب مكلفة في شمال غرب سوريا"، وثانيًا؛ يتعلق الأمر بسعي أبوظبي إلى إنهاك موارد الجيش التركي، وتشتيت "أردوغان" عن الدفاع الناجح عن طرابلس أمام الجيش الوطني الليبي الذي ترعاه الإمارات بقيادة الجنرال "خليفة حفتر".

مع تزايد عدد المرتزقة السوريين الذين يقاتلون في ليبيا -سواء بالنسبة لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا أو الجيش الوطني الليبي المدعوم من الإمارات- أصبحت أزمات البلدين العربيين مرتبطة بشكل متزايد.

أصبحت كل من سوريا وليبيا ساحات للصراع تتضح فيها المواجهات الاستراتيجية بين أبوظبي وأنقرة أكثر على مدى السنوات العديدة الماضية.

كانت إعادة فتح السفارة الليبية في سوريا في مارس/آذار (بعد 8 سنوات من إغلاقها في أعقاب سقوط "القذافي") أمرًا مهمًا لأنها تمثيل لحكومة حلفاء "حفتر" في شرق ليبيا -ليست حكومة ليبيا المعترف بها من الأمم المتحدة في طرابلس- وأشار هذا التطور لإقامة شراكة معادية لتركيا ومعادية لـ"الإخوان المسلمون" بين دمشق ومجلس النواب في طبرق.

طالما بقيت أنقرة ودمشق في صراع واستمر الوضع غير المستدام في إدلب؛ ستستمر الأزمات في شمال غرب سوريا في الضغط على أنقرة، وبذلك يمكن لدول أخرى مثل الإمارات ومصر، استغلالها لإضعاف موقف تركيا.

بالنسبة لـ"الأسد"، فإن تزايد عدد الدول العربية التي تقبل استمرار حكمه، تطور مرحب به، خاصة في ظل بحثه عن طرق لردع توغل عسكري تركي خامس قد يكون قريبًا في شمال سوريا منذ أغسطس/آب 2016.

يبقى أن نرى كيف تتفاعل الولايات المتحدة مع تقارب الإمارات مع دمشق.

بالنظر إلى دعم إدارة "ترامب" لعملية "درع الربيع" التركية في وقت سابق من هذا العام، فمن الواضح أن واشنطن وأبوظبي ليستا على وفاق فيما يتعلق بـ"الأسد" والأزمة التي تعاني منها إدلب.

ومع ذلك، لا يوجد أي شك في أن الوضع في سوريا قد أوجد أرضية مشتركة أكثر بين الإمارات وروسيا، حيث يفضل البلدان استراتيجيات تعتمد على العمل مع حكومة "الأسد" للقضاء على جماعات مثل "هيئة تحرير الشام".

المصدر | جيورجيو كافيريو | ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات السورية الإماراتية بقاء نظام الأسد خليفة حفتر العلاقات الإماراتية التركية

الإمارات وتركيا.. صراع محتدم عابر للحدود