استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

على أوروبا تدبر أمرها

السبت 13 يونيو 2020 06:11 م

على أوروبا تدبر أمرها

الريبة تجاه روسيا متأصلة في التكوين الأوروبي حتى لو بدت حرب اليوم الباردة بدون راية إيديولوجية.

استمرار تصرف ترامب الفج مع حلفائه الأوروبيين يعني تصدع إضافي جديد في النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب الباردة.

كأن ترامب وضع الأوروبيين أمام تحدي بلورة مفهوم جديد لأمنهم حيث لا يُركن إلى الدعم الأمريكي الذي اتضح أنه ليس صلبا ولا أبديا.

*     *     *

ليست المرة الأولى التي يطالب فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأوروبيين بأن يدفعوا كلفة ما يعتبره ويعتبرونه هم أنفسهم شكلاً من الحماية للأمن الأوروبي تقدمها القوات الأمريكية المرابطة في أراضي بلدانهم، أو بعضها.

ما انفكّ ترامب يردد منذ أن أصبح رئيساً، لا بل منذ أن شرع في حملته الانتخابية يقول: «من يريد حمايتنا عليه أن يدفع».

مؤخراً خطا ترامب خطوة جديدة، أو للدقة هدد باتخاذها، حين أعلن عن نيته سحب القوات الأمريكية من واحد من أهم البلدان الأوروبية إن لم يكن أهمها نعني ألمانيا. هو لم يقل تماماً إنه يريد سحبها، وإنما تقليصها بشكل ملموس، مما يفقد الحضور العسكري الأمريكي هناك، الكثير من مهابته وتأثيره.

ويجعل منه محض وجود رمزي ليس أكثر، وهذا أمر لا يسرّ الساسة الألمانيين، ولا سواهم من الساسة الأوروبيين القلقين من انبعاث القوة الروسية مجدداً، بحيث يبدو ما يُلوِّح به ترامب أكبر هدية متوقعة أو غير متوقعة، لسيد الكريملين فلاديمير بوتين.

مجمل استراتيجية حلف «الناتو» بنيت على أساس مواجهة «الخطر» القادم من الشرق. والشرق المعني هو الشرق الأوروبي ممثلاً في روسيا، يوم كانت سوفييتية، ومع سقوط الاتحاد السوفييتي وانتهاء حقبة الحرب الباردة، بدا أن هذا الخطر تراجع بعض الشيء، وتقلص الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا بالفعل، لكن ليس للدرجة التي يهدد ببلوغها ترامب حالياً.

وسرعان ما اتضح أن الحرب الباردة، أو على الأقل ارتداداتها، لم تنته، وأن الريبة تجاه روسيا متأصلة في التكوين الأوروبي، حتى لو بدت حرب اليوم الباردة بدون راية إيديولوجية، كالتي كانت في الزمن السوفييتي، فالصراع على المصالح والنفوذ باقٍ لا يزول.

الغريب أنه ليست ألمانيا وحدها، ولا حتى أوروبا كاملة، من يستفيد من الوجود العسكري الأمريكي هناك؛ بل إن الولايات المتحدة مستفيدة منه بشكل كبير، فمن القواعد الأمريكية في ألمانيا تنطلق التدخلات العسكرية في الشرقين الأدنى والأوسط، وإلى أفغانستان.

ومن المقر الرئيسي في شتوتغارت ينسق الأمريكيون قواتهم في أوروبا وإفريقيا. وفي ألمانيا يوجد أكبر مستشفى عسكري أمريكي خارج الولايات المتحدة.

استمرار ترامب في التصرف مع حلفائه الأوروبيين بالطريقة الفجة الحالية، يعني أن الأمور تذهب إلى تصدع إضافي جديد في النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب الباردة.

وكأن ترامب من حيث لا يحتسب وضع الأوروبيين أمام تحدي بلورة مفهوم جديد لأمنهم، وعلى الصعد كافة، لا يركن إلى الدعم الأمريكي الذي اتضح أنه ليس صلباً ولا أبدياً.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية