«بزنس تايمز»: الحرب النفطية السعودية انقلبت بنتائج عكسية على اقتصاد المملكة

الأربعاء 26 أغسطس 2015 08:08 ص

قال موقع «إنترناشونال بزنس تايمز» الأمريكي أن الأثار السلبية للحرب النفطية التي أشعلت السعودية فتيلها بهدف القضاء على شركات النفط الصخري الأمريكية، بدأت تنعكس وتظهر على اقتصاد المملكة، وأن السعودية «غرقت في مستنقع صنعته بنفسها وعلى وشك خسارة الحرب النفطية التي أشعلت فتيلها.

وأضاف الموقع في تقرير بعنوان: «حرب النفط قد تأتي بنتائج عكسية على المملكة العربية السعودية لو استمر انخفاض السعر»، أن محاولة المملكة العربية السعودية الرامية إلى تدمير صناعة النفط الصخري الأمريكية جاءت بنتائج عكسية علي اقتصاد المملكة، وأن سعر مزيج خام برنت القياسي العامي يتم تداوله الآن عند 48.52 دولارا للبرميل، وهو سعر منخفض بشدة قياسا بـ 107 دولار في يونيو/حزيران من العام 2014، وأن السبب في هذا يرجع إلى الزيادة الكبيرة في الإنتاج من جانب الرياض التي تضخ نحو 10.6 مليون برميل نفط يوميا.

ونوه الموقع إلى أن البنك المركزي السعودي أقر مؤخرا بأن منتجي النفط من غير الدول الأعضاء في (أوبك) لم يتأثروا بانخفاض أسعار النفط، كما كان يُعتقد في السابق، وأن التداعيات السلبية الناجمة عن أسعار النفط العالمية بدأت تظهر بالفعل على الاقتصاد السعودي.

التقرير الامريكي قال إن رد الفعل السعودي على زيادة عمليات استخراج النفط والغاز الصخريين في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت تهدد بخفض الاعتماد العالمي على النفط السعودي، تمثل في رفع مستويات الانتاج، وخفض الأسعار بهدف طرد شركات النفط الصخري الأمريكية من السوق العالمي، ولكن النتيجة النهائية جاءت لغير صالح السعودية، إذ أن «صناعة النفط الصخري الأمريكية استفادت عبر استغلال القدرات التقنية وخفض التكاليف، وباتت تضخ أيضا قرابة 9.6 ملايين برميل نفط يوميا، مسجلة أعلى مستوياتها في 43 عاما».

140 مليار دولار عجز بالموازنة

ونوه التقرير إلى إن اعتماد السعودية على النفط والغاز كان وراء سعي صناع السياسة بالدولة الخليجية لخوض تلك المغامرة، لأن قطاع الطاقة يشكل نحو 45% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ويسهم بنسبة 90% من إجمالي الصادرات السعودية، ويمول 80% من الموازنة الحكومية للسعودية.

وأضاف إن تراجع الدخل من قطاع النفط الآن يعني أن البلاد تشهد في الوقت الراهن زيادة في معدلات الإنفاق دون ايرادات مقابلة، وأنه وفقا للتقديرات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، ستشهد السعودية التي اعتادت على تسجيل فائض في الموازنة، عجزا بقيمة 140 مليار دولار، ما يعادل نسبته 20% من الناتج المحلي الإجمالي.

 ونقل عن «تيم كالين» من صندوق النقد الدولي قوله:« توحيد السياسة المالية للمملكة العربية السعودية سيكون لازما خلال السنوات القليلة المقبلة بهدف خفض العجز تدريجيا، وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي وكذا كفاءة الطاقة الشاملة وإصلاح الأسعار وزيادة الإيرادات غير النفطية.. كل هذه الأمور ستكون بحاجة إلى تشكيل عناصر مركزية من استراتيجية التوحيد المالي».

 60 مليار دولار نقص في الاحتياطي الأجنبي

وأشار التقرير إلى لجوء الرياض، في إطار محاولاتها لخفض عجز الموازنة، إلى احتياطها من العملة الأجنبية ما أدي إلي تناقصه بأكثر من 60 مليار دولار حتى الآن هذا العام.

وعلاوة على ذلك، تخطط السعودية لإصدار سندات بقيمة 27 مليار دولار، تضاف إلى الـ 4 مليارات دولار اقترضتها في يوليو/تموز الماضي.

وقال إن المملكة تمتلك حاليا احتياطي أجنبي يكفيها للاستمرار في لعبة الحرب النفطية، لكن لن يستمر ذلك لأجل غير مسمى، فاحتياطي البلاد من النقد الأجنبي يبلغ 672 مليار دولار، بانخفاض من 737 مليار دولار في أغسطس/آب 2014، وبتراجع نسبته حوالي 12 مليار دولار شهريا.

هل تحتاج السعودية تدابير تقشفية؟

وينقل التقرير الأمريكي عن خبراء اعتقادهم «أن ثمة حاجة للتقشف وخفض الإنفاق الحكومي السعودي وأن يضطلع القطاع الخاص بدور أكبر وأن تتجه البلاد أيضا لتنويع اقتصادها بدلا من الاعتماد الرئيسي على النفط».

لكنه أكد في الوقت ذاته أن العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» لم يُظهر أية نوايا على تطبيق سياسات تقشفية، حيث قرر تخصيص 32 مليار دولار لمنح مكافأت للعاملين في القطاع العام بهدف كسب الولاء الشعبي في المملكة.

ونقلت «بزنس تايمز» عن مسؤول صندوق النقد الدولي «كالين» قوله إن: «التراجع في أسعار النفط قد أكد على أهمية التنوع الاقتصادي، وأنه لا يزال ثمة حاجة لاتخاذ مزيد من الإجراءات بهدف تشجيع الشركات على التركيز بدرجة أكبر على الإنتاج القابل للتداول بدلا من الإنتاج غير القابل للتداول في القطاع غير النفطي».

ورغم تصريحات المسؤول حول أنه مع ارتفاع معدلات التوظيف في القطاع الحكومي، ينبغي خلق مزيد من فرص العمل لأبناء المملكة في القطاع الخاص بغية زيادة عدد الأفراد في سوق العمل، إلا أنه قال أنه «مع اعتياد المواطنين على الحصول على مزايا كبيرة مثل الدخول المعفاة من الضرائب والإنفاق العسكري المتزايد، ربما يبدو هذا الأمر صعب التحقق».

ويقول الموقع الأمريكي أن الحرب المكلفة التي قادتها السعودية على معاقل الحوثيين في اليمن أرهقت هي الأخرى الموازنة الحكومية، كما أن احتمالية ظهور إيران مجددا في سوق النفط العالمي عقب رفع العقوبات بعد توقيعها الاتفاق النووي مع القوى الست الكبرى، «يمكن أن يزيد الطين بلة بالنسبة للرياض في هذا القطاع الحيوي».

وقامت وكالة «ستاندارد أن بورز» للتصنيف الإئتماني في فبراير/شباط الماضي بخفض تنصيف النظرة إلى اقتصاد السعودية من «مستقرة» إلى «سلبية»، محذرة من أن الاقتصاد السعودي «ليس متنوعا وعرضة للتراجع الحاد والمستمر في ظل انخفاض أسعار النفط».

ويختم التقرير بالقول إن «المملكة العربية السعودية يمكن أن يكون على وشك فقدان الحرب (النفطية) التي بدأتها»، وأن السعودية «غرقت في مستنقع صنعته بنفسها، وهي على وشك خسارة الحرب النفطية التي أشعلت فتيلها».

50 مليار دولار .. فاتورة الحرب النفطية السعودية

وسبق لمجلة (فوربس) الأمريكية أن أكدت أن فاتورة الحرب النفطية السعودية تبلغ 50 مليار دولار، وتساءلت في عنوان تقرير سابق:«ما الذي جنته السعودية مقابل الـ 50 مليار دولار التي دفعتها في الحرب النفطية»، سلطت فيه الضوء على إصرار الرياض على عدم خفض مستويات انتاج الخام وتداعيات ذلك على الاقتصاديات الكبرى المنتجة للنفط.

حيث أكد التقرير أن الرياض أنفقت قرابة الـ 50 مليارات دولار من احتياطها الأجنبي للحفاظ على عقدها الاجتماعي المحلي في مواجهة إيرادات النفط المنخفضة، ووضعت خزائنها لخدمة هذا الغرض في مسعى منها لحماية حصتها السوقية وحض كل من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وكذا الدول غير الأعضاء في المنظمة إلى تقليص مستويات الإنتاج النفطي.

ولكنه أكد إن السياسية التي تنتهجها المملكة جنبا إلى جنب مع وفرة المعروض النفطي وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي قد هوى بأسعار مزيج خام برنت القياسي العالمي من 115 دولار للبرميل في يونيو/حزيران 2014 إلى نحو 45 دولار للبرميل في يناير/كانون الثاني.

ولكنها اعترفت أن سياسة الرياض النفطية «ألحقت الضرر باقتصاديات الدول الكبرى المنتجة للنفط أمثال روسيا وإيران»، كما إن الهبوط الحاد في أسعار النفط قد حال دون تحقيق صناعة النفط الأمريكية أيضا أية أرباح هذا العام بل وتكبدت العديد من الشركات خسائر ليست بالطفيفة.

  كلمات مفتاحية

السعودية خفض أسعار النفط أوبك النفط الصخري تقشف الملك سلمان صندوق النقد النفط

ن.تايمز: السعودية تنفق من الاحتياطي 10 مليارات دولار شهريا لتعويض هبوط النفط

سوق النفط «يفقد إيمانه» بالاستراتيجية السعودية

«بيزنس إنسايدر»: توقعات بثورة ضد السعودية في اجتماع «أوبك» القادم

رجال أعمال واقتصاديون سعوديون متخوفون من «غيمة اقتصادية سوداء» مع هبوط النفط

«بزنس إنسايدر»: حرب أسعار النفط ترتد بنتائج عكسية في السعودية

«التليجراف»: السعودية قد تفلس قبل أن تستطيع لي ذراع صناعة النفط الأمريكية

معركة النفط.. من يحسم صراع «عض الأصابع» بين أمريكا والسعودية وروسيا؟

توقعات بتجاوز عجز الموازنة السعودية 80 مليار دولار

السعودية تدرس خيارات خفض إنفاقها في 2016 جراء تهاوي النفط

النفط يستقر بعد مكاسب قوية بفعل صعود الأسهم

المملكة المتعثرة .. كيف تؤثر الأزمة المالية والحروب في المنطقة على السعودية؟

«ديلي تليغراف»: السعودية تتجه للتركيز على الاقتصاد بعد «لدغة» انخفاض أسعار النفط

«ناشيونال إنترست»: 5 حروب نفطية تسببت في كوارث خلال القرن الماضي

«بيزنس إنسايدر»: مقارنة بين تكلفة إنتاج النّفط في السعودية والولايات المتحدة