استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المليارديرات.. هل ينقذون العالم؟

السبت 27 يونيو 2020 05:20 م

المليارديرات.. هل ينقذون العالم؟

أي ملياردير قد يساعد بالمال إن طاب له ذلك أما إن لم يطب له فإنه يفعل ما يريد!

المشكلة تكمن في تقديم الصدقة على المساواة ودور الدول ضمان المساواة والاهتمام بكل المواطنين ولدى المواطنين وسائل ليُسمعوا أصواتهم.

إن لم تكن هناك رقابة من المجتمعات المدنية والدول فالخطر في أن «الأوليغارشية» قد يسعى بعضها لفرض نفسها ليقرر مصائرنا التي لن تعود لنا عليها سلطة.

*     *     *

قبل بضعة أسابيع، أرسل صاروخ «سبيس إكس» SpaceX رائدي فضاء أميركيين إلى المحطة الفضائية الدولية.

وخلال الفترة نفسها تقريبا، أعلن بيل غيتس عن تخصيص منحة كبيرة لمنظمة الصحة العالمية من أجل تعويض تعليق المساهمة الوطنية للولايات المتحدة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا.

وقبل ذلك بشهور، أراد مارك زوكربرغ، رئيس «فيسبوك»، إطلاق «ليبرا»، وهي عملة افتراضية تسمح للمستهلكين بالدفع على الإنترنت بكلفة أقل.

فما الذي تشترك فيه هذه الأحداث الثلاثة؟

في كل حدث من هذه الأحداث، يتعلق الأمر بأثرياء مليارديرات صنعوا ثروة في القطاع الرقمي، ويريدون الاضطلاع بمهام تُعد تقليديا من اختصاص الدول.

ففي الحالة التي بين أيدينا، يُعتبر غزو الفضاء عادة ضمن نطاق اختصاصات الدول. والحال أن «إيلون مَسك»، هو الذي هبّ لإنقاذ وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، كما أن الدول عادة هي التي تقدّم مساهمات مالية للمنظمات الدولية!

غير أنه في الوقت الذي سحبت فيه الولايات المتحدة مساهمتها كدولة في تمويل منظمة الصحة العالمية، فإن بيل غيتس هو الذي تقدم عن طريق مؤسسته من أجل سد الفراغ الذي تركه قرار الإدارة الأميركية.

أما بخصوص ضرب العملة، فإنه بالتعريف مسألة من اختصاص الدول. والواقع أنه لهذا السبب أصلا كان تزوير العملة تاريخيا يحارَب بلا هوادة من قبل الدول.

وفي الأثناء، ازدادت ثروة جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون»، بـ25 مليار دولار خلال أزمة كوفيد 19، أي ما يقارب الناتج المحلي الإجمالي للهندوراس؛ إذ ارتفعت قيمة ثروته الآن إلى 150 مليار دولار، أي ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي للمجر، بل ويُعتقد أن ثروته يمكن أن تصل إلى 1000 مليار دولار بسرعة.

وعليه، فقد بات من الصعب على نحو متزايد إيجاد معنى ودلالة لهذه الثروات الهائلة. وعلى سبيل المثال، فإن رقم معاملات «فيسبوك» يعادل الناتج المحلي الإجمالي للبنان، أي 56 مليار دولار؛ ورقم معاملات شركة «علي بابا»، الذي يبلغ 48 مليار دولار، يعادل الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تُعد من دون شك بلدا فقيرا، ولكنه يعادل أيضا الناتج المحلي الإجمالي لأذربيجان التي تُعد بلدا نفطيا.

كما أن عدد مستخدمي «فيسبوك» يبلغ 2.6 مليار مستخدم، أي نفس عدد سكان الصين والهند مجتمعين تقريبا. و«علي بابا» لديها 650 مليون زبون، ما يجعل منها ثالث بلد في العالم من حيث عدد السكان.

بيد أن الأهمية المتزايدة لهؤلاء المليارديرات العجيبين تطرح إشكالية، لأن الأمر يطرح مسألة معرفة من يتحكم فيهم. فدونالد ترامب ملزَم بشرح وتبرير قراراته وأفعاله للناخبين الأميركيين.

وحتى في البلدان التي لا تلتزم بالمعايير الديمقراطية،، يتعين على الزعماء توضيح وتبرير ما يفعلونه لمواطنيهم، بما في ذلك الصين، حيث تعرض «شي جن بنغ» للانتقاد بخصوص سياسته لمكافحة كوفيد- 19.

ولكن المليارديرات ليسوا ملزَمين بأن يبرّروا لأي أحد ما يقومون به، باستثناء أنفسهم أو ربما أسرهم. وبالتالي، فإنهم يستخدمون ثرواتهم كما يحلو لهم.

والحال أن خطر أهميتهم المتزايدة يكمن في عدم وجود أي رقابة على نشاطهم، وفي الوقت الذي يكافح فيه العالم من أجل الدفاع عن الديمقراطية ودعمها، ستنشأ أوليغارشية للمليارديرات على الصعيد العالمي قادرة على فعل ما تريده.

قد يكون هذا الأمر في مصلحة الجميع، كما في حالة تمويل بيل غيتس لمنظمة الصحة العالمية؛ لكن في حالات أخرى قد يتحرك غاية فردية، على غرار «إيلون مَسك» الذي يريد الذهاب إلى كوكب المريخ للعيش فيه رفقة مليون شخص من أجل الاحتماء من الحروب أو نفاد الموارد الأرضية.

وهكذا، ستتحرر هذه الأوليغارشية (الأقلية الغنية) من جماهير غير واضحة الشكل، لن يكون لها الحق في الكلام، وستكون خاضعة لكرم اللاعبين «الأوليغارشيين» وسخائهم. ولكن المشكلة تكمن في أننا نقدّم الصدقة على المساواة. والحال أن دور الدول هو ضمان المساواة والاهتمام بكل المواطنين.

وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن لدى المواطنين وسائل ليُسمعوا أصواتهم. والحال أن الملياردير، أي ملياردير، يساعد بالمال إن طاب له ذلك؛ أما إن لم يطب له، فإنه يفعل ما يريد.

وعليه، فإذا لم تكن هناك رقابة من قبل المجتمعات المدنية والدول، فإن الخطر يكمن في أن هذه «الأوليغارشية» ربما يسعى بعضها لفرض نفسها تدريجيا ليقرر في مصائرنا التي لن تعود لنا عليها أي سلطة.

* باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية