استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«اللغز اللاتيني».. عندما يتعلم الأميركيون من مواطنيهم!

الأربعاء 1 يوليو 2020 09:58 ص

«اللغز اللاتيني».. عندما يتعلم الأميركيون من مواطنيهم!

رغم الفقر والتمييز إلا أن الأميركيين «اللاتينيين» يعيشون أطول من الأميركيين البيض أو السود.

هناك علاقة بين حضور الكنيسة أو الصلاة اليومية أو التأمل مع تحسن الحالة الصحية والشعور بالرضا عن الحياة.

المعتقدات الدينية تقلّص سلوكيات الإدمان على المخدرات والكحول والنشاط الجنسي المحفوف بالمخاطر والعنف، والانتحار.

العزلة الاجتماعية أكثر ضرراً على الصحة من تدخين 15 سيجارة يوميا.. هذا النسيج الاجتماعي ليس وسيلة وقاية مثالية من وباء العزلة لكنه يساعد.

*     *     *

الباحثون يسمونه «اللغز اللاتيني»: فرغم الفقر والتمييز، إلا أن الأميركيين المنحدرين من أصول أميركية لاتينية (أو «اللاتينيين»، كما يطلق عليهم اختصاراً) يعيشون أطول من الأميركيين البيض أو السود.

كما يبدو أن لدى اللاتينيين معدلات انتحار أقل من البيض، وأنهم أقل ميلاً لشرب المشروبات الكحولية، وأقل ميلاً للموت بسبب جرعة زائدة من المخدرات، ويبدو أنهم يرتكبون جرائم أقل - على الأقل بين المهاجرين.

الباحثون حائرون إزاء هذا الأمر منذ عقود. فهل يعود هذا إلى قوة الأسر، أم إلى الدعم الذي توفره الشبكات الاجتماعية، أم إلى الإيمان الديني ونشاط الكنائس، أم إلى أخلاقيات العمل لدى المهاجر الجاد والمكد؟

إنها مفارقة لأن المحرومين يعيشون حياة أقصر عادة. فاللاتينيون يعانون في الولايات المتحدة التمييز وارتفاع الفقر وانخفاض معدلات التأمين الصحي مقارنة مع البيض والسود، ومع ذلك يتمتعون بمتوسط أمد حياة أطول يبلغ 81.8 عام، مقارنة مع 78.5 عام بالنسبة للبيض و74.9 عام بالنسبة للسود.

هذه القوة تخضع للاختبار حالياً من قبل فيروس كورونا، الذي ضرب اللاتينيين بشكل خاص: فهذا الشهر، أعلنت «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» أن 33 من الأميركيين الذين تُظهر نتائج الاختبارات إصابتهم بفيروس كورونا لاتينيون، أي ما يعادل نحو ضعف نسبتهم من مجموع السكان البالغة 18 في المئة.

فرانسيس، البالغة 50 عاماً، لا تريد ذكر اسمها كاملاً؛ لأنها تعيش في البلد من دون وثائق قانونية، فقدت وظيفتها موظفة استقبال بسبب «كوفيد 19»، ولكن ابنتها البالغة 30 عاماً وصهرها احتضناها في بيتهما. وتقول فرانسيس: «قد يفكران في أنه من الغريب أن تعيش الحماة معهما، ولكنهما لا يقولان شيئاً».

وفي الأثناء، تطوعت فرانسيس للعمل من أجل جاليتها، إذ تقوم بتوصيل صناديق الطعام من كنيسة كاثوليكية إلى الأسر المعوزة. وقالت: «سيارتي ترتفع حرارتها... ولكنني أتدبر حالي وأعرف كيف أجعلها تعمل».

ويتجادل الباحثون حول «المفارقة اللاتينية» منذ 1974 على الأقل، عندما وجد باحثون أن معدل الوفيات لدى حديثي الولادة في ولاية تكساس أقل عند الأشخاص الذين يحملون أسماء إسبانية منه عند الأشخاص الذين يحملون أسماء إنجليزية.

كما وجد الباحثون لغزا داخل اللغز: ذلك أن المهاجرين اللاتينيين من الجيل الأول يعيشون أطول، وأطفالهم يموتون بشكل مبكر - رغم أنهم أحسن تعلماً ويكسبون مالاً أكثر. وفضلاً عن ذلك، فإن اللاتينيين الذين يعيشون في مناطق خاصة باللاتينيين يبدو أنهم أحسن حالاً ممن يعيشون في أحياء مختلطة الأعراق.

جزء من التفسير ربما يكمن في أن ما يعتبره الأميركيون «قيما أميركية تقليدية» - أي التشديد على أهمية الدين والأسرة والروابط الاجتماعية - موجود بشكل مهم بين المهاجرين اللاتينيين، ولكنه يتلاشى بعد ذلك مع انصهار أطفالهم في بوتقة المجتمع الأميركي الأكبر.

وقال لي «راؤول غونزاليس إيرنانديس» الذي يعمل في مشتل للنباتات وتعافى مؤخراً من «كوفيد 19»: «إذا وجدنا أن شخصاً ما في حاجة للمساعدة، فإننا نساعده». وأضاف قائلاً إن آخرين ساعدوه عندما وصل إلى أميركا قادماً من ولاية ميتشواكان المكسيكية، وهو الآن يريد أن يردّ الجميل.

وشخصياً، لطالما اهتممتُ بـ«المفارقة اللاتينية» لأنني نشأت في بلدة زراعية بيضاء في ولاية أوريغون دمّرها فقدان الوظائف. وكما سبق لي أن كتبت، فإن ربع الأطفال في حافلتي المدرسية القديمة ماتوا بسبب المخدرات والكحول والانتحار وأشكال أخرى من أشكال «الموت بسبب اليأس».

وبالمقابل، تبدو الأسر اللاتينية في المنطقة أكثر قوة بسبب «رصيدها الاجتماعي»: روابط الأسرة أو الجالية أو الكنيسة. وبدلا من أن يكونوا «مجرمين وتجار مخدرات ومغتصبين»، مثلما قال دونالد ترامب عن المهاجرين المكسيكيين في 2015، فإن المهاجرين اللاتينيين كثيراً ما يقدمون نماذج ناجحة للمجتمع المدني.

وقالت لي بيترونا دومينيغيز فرانسيسكو التي تعمل مع برنامج يدعى «أديلانتي موخيريس» لتمكين النساء: «إننا نعتمد كثيراً على بعضنا البعض في مجتمعنا».

ومن جانبه، شدد مارك هوغو لوبيز، مدير بحوث الهجرة والسكان في «مركز بيو للأبحاث»، على الروابط الأسرية، باعتبارها أحد العوامل المفسّرة للمفارقة إذ قال: «هناك الكثير من الدعم في أسرتي للأشخاص الذين يواجهون تحديات، مثل الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم»، مضيفاً «هكذا يساعد اللاتينيون بعضهم بعضاً».

عنصر آخر لتفسير المفارقة، قد يكون العامل الديني والعلاقات مع الكنيسة. فهناك بعض الأدلة على أن المعتقدات الدينية تقلّص سلوكيات الإدمان على المخدرات والكحول، والنشاط الجنسي المحفوف بالمخاطر، والعنف، والانتحار.

كما وجدت دراسة لجامعة هارفارد أن هناك علاقة بين حضور الكنيسة أو الصلاة اليومية أو التأمل مع تحسن الحالة الصحية والشعور بالرضا عن الحياة. كما توفر الكنائس شبكة من الخدمات والعلاقات الاجتماعية التي يمكن أن تخفف من الصدمات والصعوبات.

ثم إن الروابط الأسرية والمجتمعية تحمي أيضاً من وباء الوحدة في البلدان الغربية. وقد وجد أحد الباحثين أن العزلة الاجتماعية أكثر ضرراً على الصحة من تدخين 15 سيجارة يومياً. هذا النسيج الاجتماعي ليس وسيلة وقاية مثالية من الوباء. ولكنه يساعد، وربما في ذلك درس لنا جميعاً.

* نيكولاس كريستوف كاتب صحفي أميركي بصحيفة "نيويورك تايمز".  

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية