استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أضواء كوشنر وظلمات الصهيونية: مفارقات التطابق

الاثنين 6 يوليو 2020 09:55 ص

أضواء كوشنر وظلمات الصهيونية: مفارقات التطابق

تكشفت خطط نتنياهو عن ألاعيب مفضوحة لا تضيف كثيرا عدا إسدال مزيد من الظلمات الصهيونية!

إحدى أعتى غرائز ترامب أي الإصغاء إلى أصداء تتحكم بأنصار، ستقوده لطراز آخر من التعاطي مع نصائح كوشنر.

انحدار حثيث يقود الصهيونية الكلاسيكية و"ما بعد الصهيونية" نحو نظام فصل عنصري هو الأشدّ  قبحًا على مدار التاريخ الإنساني.

*     *     *

نشر موقع "أكسيوس" الأمريكي تقريراً لافتاً حول بوادر ضيق من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنصائح صهره ومستشاره جاريد كوشنر، في مسائل عديدة أبرزها تلك التي تمسّ حملة الانتخابات الرئاسية وعلى نحو يضعف احتمالات فوز ترامب بولاية جديدة.

ونقل الموقع عن مقرّبين من الرئيس الأمريكي قوله إنه نادم على توقفه عن "اتباع غرائزه"، وما كانت تمليه عليه من مواقف وخيارات وقرارات، وإنه بالتالي ينوي العودة إلى الاتكاء عليها من الآن فصاعداً، وابتداء من قانون إصلاح القضاء الجنائي الذي يتردد أنّ كوشنر هو الذي ورّطه في طرحه.

ومن الدلائل العلنية على هذا التطور ما جاء على لسان تكر كارلسون، أحد أبرز مذيعي "فوكس نيوز"، حول لوم كوشنر على تقديم أردأ النصائح إلى الرئيس:

"في 2016 تقدم دونالد ترامب كمرشح القانون والنظام، وآراؤه تظل على حالها اليوم. لكن غرائز الرئيس الحادّة الشهيرة، أي تلك التي أكسبته الرئاسة قبل أربع سنوات، جرى تحريفها منذئذ على يد جاريد كوشنر".

فإذا تذكّر المرء أنّ كارلسون هو صاحب البرنامج الأعلى مشاهدة في صفوف أنصار ترامب، وأنّ الأخير يحرص شخصيا على متابعته؛ فلن يتبقى كبير شكّ في أنّ واحدة من أعتى غرائز ترامب، أي الإصغاء إلى الأصداء التي تتحكم بأنصاره، سوف تقوده إلى طراز آخر من التعاطي مع نصائح كوشنر.

هل لهذا التحوّل، إنْ صحّ بالطبع، أيّ تأثير على خطط رئيس حكومة الاحتلال في برمجة ضمّ أراض فلسطينية في الضفة الغربية وغور الأردن، بصفة خاصة؛ أو على معادلات "صفقة القرن" وجداولها الزمنية وخرائطها، بصفة عامة؟

ليس التأثير مستبعداً تماماً، كما يوحي المنطق البسيط، خاصة إذا وُضع انحسار سطوة كوشنر في قرارات البيت الأبيض على خلفيات أخرى أوسع نطاقاً: ابتداء من مشكلات نتنياهو الداخلية بصدد مشاريع الضمّ، وفي إطار الائتلاف الحاكم الراهن ومقاربات "أزرق أبيض" المختلفة في كثير أو قليل، واعتراض عشرات من كبار متقاعدي جنرالات الجيش والأجهزة الأمنية..

وليس انتهاءً بانشطارات في صفوف الإدارة الأمريكية ذاتها، وفي الكونغرس ومجموعات الضغط اليهودية، حول جدولة الضمّ أو حتى حكمة تنفيذه فعليا؛ إذا وضع المرء جانبا ما يعتري سلوك رؤساء الولايات المتحدة إزاء قرارات ذات آثار حساسة، سلبية أو إيجابية، يتوجب اتخاذها خلال الأشهر الأربعة التي تسبق موعد الانتخابات الرئاسية.

ومن مفارقات هذه الأزمنة الإسرائيلية – الأمريكية، والرابطة هنا تتجاوز المألوف المعتاد إلى الطارئ الشاذّ، أنّ احتمال خفوت أضواء كوشنر في البيت الأبيض تتناسب وجوبًا مع انحدار حثيث يقود الصهيونية الكلاسيكية، وطبعاتها الأخرى المعاصرة التي تُصنّف تحت مسمّى غائم وعائم ولاتاريخي هو "ما بعد الصهيونية"؛ نحو نظام الفصل العنصري الأشدّ  قبحًا على مدار التاريخ الإنساني عامة.

وهو، كذلك، الانحطاط الأخلاقي الأوضح لتلك المقولات الصهيونية الكبرى التي حوّلت مظالم اليهودي ومطالبه إلى صناعة، والأشنع فضحاً لتكتيكات استخدام الصناعة في ابتزاز البشرية والتعمية على انقلاب الضحية إلى جلاد.

غير أنّ المفارقة تصنع، من جانب آخر، مؤشر تطابقٍ لا يخفى بين ثقافة سياسية تعمّ البيت الأبيض الراهن، عمادها نُصح الصهر تارة، أو غرائز الرئيس و"فوكس نيوز" تارة أخرى، وقد تسفر عن ترحيل "صفقة القرن" إلى مهبّ رياح ما بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الرئاسية المقبلة؛ وبين ثقافة سياسية إسرائيلية يديرها نتنياهو، تستقي الكثير من الأسس العنصرية والاستيطانية والاحتلالية التي نهض عليها الكيان أصلاً، التائه جمهوره حالياً بين ثلاث دورات انتخابية لم تحسم توازناً ذا معنى بين تمثيلات الصهيونية في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.

فكيف إذا كانت جائحة كورونا، وآلامها الاقتصادية المبرحة تحديداً، تعلو في نفوس غالبية الإسرائيليين على الضمّ؛ خاصة وقد تكشفت خطط نتنياهو، بعد موعد الأول من تموز (يوليو)، عن ألاعيب مفضوحة لا تضيف الكثير عدا عن إسدال المزيد من الظلمات الصهيونية؟

* صبحي حديدي كاتب صحفي سوري مقيم بفرنسا

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية