استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الخنق الاقتصادي للمنطقة العربية

الاثنين 6 يوليو 2020 11:07 ص

الخنق الاقتصادي للمنطقة العربية

خنق منظم للدول العربية بدرجات متفاوتة يثير تساؤلا: متى سننتبه أننا نسهل على الطامعين فينا مهمتهم بانقسامنا؟

على المفكرين العرب، والاستراتيجيين منهم خصوصا بدء تفكير عميق لإخراج الأمة من أزمتها وحالة الاختناق التي تمر بها.

إذا صدقت التقديرات سيبلغ عدد العاطلين الإضافيين عربيا منذ جائحة كورونا 30 مليونا ومعدل نمو 2020 سيكون -4.5 بالمئة.

هل اختناق الاقتصاد العربي مقصودٌ بمخطط لا يشتمل على تفاصيل لكل ما يجري، لكنه في عموميته يقصد خيرات الأمة ومستقبلها، ووحدة أراضيها؟

يبدو أن ربيعاً أو خريفاً عربياً بات على الأبواب فشعور المهانة والجوع والفقر وانعدام الأفق تثير الشعوب فتثور محتجة ما قد يؤدي لمزيد من الفوضى.

*     *     *

ثارت الولايات المتحدة، واحتشدت الجماهير تملأ الساحات والميادين، احتجاجاً على خنق شرطي أميركي مواطنا من أصول أفريقية بوضع ركبته على رقبة هذا المواطن، (جورج فلويد)، والذي ظل يئن "لا أستطيع التنفس، لا أستطيع التنفس" حتى فارق الحياة. وأُجريت تحقيقاتٌ في قضايا سابقة وقضايا لاحقة، وقع فيها أحد مواطني الولايات المتحدة الملونين ضحية لما سُميت "القسوة والوحشية البوليسية".

وما زالت القضية تتفاعل وتتصاعد، وأصبحت واحدة من القضايا العامة الكبرى، والتي سيكون لها تأثير على مجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وبينما هذا يحدث، تجري الحكومة الإسرائيلية استعداداتها من أجل ضم أجزاء من الضفة الغربية، وقد تؤجل ضم أجزاء أخرى، بقرارٍ من طرف واحد، وبدون اعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

 

خنق الاحتلال الإسرائيلي

وفِي الوقت نفسه، وبسبب جائحة كورونا، والحصار الإسرائيلي، والتلكؤ في دفع الاستحقاقات الضريبية للشعب الفلسطيني ولسلطته، فإن كل المناطق الفلسطينية تعاني الأَمرَّينِ من الضائقة المالية، فالرواتب الفلسطينية لم تُدفع في آخر شهرين على الأقل إلا بمقدار نصف راتب شهري. والتجارة والصناعة والنشاط في القطاع الخاص شبه مشلولة، والشرطة الإسرائيلية نشطة في الاعتقالات، وقتل شباب هنا وهناك بذرائع مشبوهة.

تضع إسرائيل ركبتها على رقبة الاقتصاد الفلسطيني بدعم أميركي، وتقتل شرطتها الشباب في وضح النهار، وتستمر في هدم المنازل والتهجير والتحفير من يافا وحتى وادي الأردن، وتصدر محاكمها قراراتٍ تؤيد مبيعاتٍ مشبوهة من أملاك الكنيسة الأرثوذكسية إلى جمعيات يهودية.

 

خنق الاقتصادين السوري واللبناني

والولايات المتحدة بإصدارها قانون قيصر ( Caesar Act)، والذي يعاقب الرئيس السوري بشار الأسد وقادة عسكريين وأمنيين سوريين، وكلاً من روسيا وإيران، بسبب ما سمّاها القانون "المذابح والفظائع المرتكبة من هؤلاء بحق المدنيين السوريين".

وقد أدخل مشروع قانون قيصر للعام 2019 حيّز التنفيذ عام 2020 من مجلس الممثلين، وامتد ليشمل أي جهةٍ تتعامل مع المتهمين بموجب القانون بارتكاب تلك المذابح، وقد سُمي القانون باسم شخص اسمه " Caesar" كان يجمع المعلومات عن تلك المذابح. وهكذا وضع الأميركان ركبتهم على الاقتصادين السوري واللبناني.

وحظروا على الأردن ودولة الإمارات أي تطبيع اقتصادي وتعاملٍ مع المؤسسات العامة والرسمية السورية. ونرى الوضع في لبنان يدخل اقتصاده في نفق عميق، لا يدري أحد في ظلمته ما الذي يجري، فقد انخفضت الليرة اللبنانية إلى سعر صرف مقابل الدولار يجعل كل دولار يساوي أكثر من 9000 ليرة لبنانية في السوق الموازية غير الرسمية.

ويجري هذا في وقتٍ ضخ فيه مصرف لبنان (البنك المركزي) ملايين الدولارات عبر الصرّافين. ولكن السوق السوداء تغلبت، وبيع الدولار بأضعاف السعر الرسمي المحدد من مصرف لبنان. من الذي يمتص الدولارات من السوق، ولصالح من؟

 

استمرار أزمة النفط

ونرى أن أسعار النفط تراوح مكانها، فهي لا تزيد عن 43 دولاراً، حسب برنت، ولا تقل عن 37 دولاراً، وستبقى كذلك طالما أن مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا والمكسيك ملتزمةٌ بحجم التخفيض الذي اتفقت عليه، بعدما انهارت الأسعار في الثلث الأخير من شهر إبريل/ نيسان الماضي. وتقل هذه الأسعار كثيراً عن الأسعار المطلوبة لإحقاق التوازن في موازنات دول الخليج.

فِي الوقت نفسه، الوضع النفطي والاقتصادي في العراق مأزوم، والمظاهرات تثور احتجاجاً على تلك الأوضاع. أما اليمن والصومال فحدّث عن وضعهما ولا حرج، وهو وضع يدمي القلوب ويفطرها. أما ليبيا، فحالها من عدم الوضوح، ونهب النفط، لا يسر أحداً. فهل هذا الاختناق الاقتصادي للوطن العربي مقصودٌ أم أنه بفعل مخطط لا يشتمل على تفاصيل لكل ما يجري، ولكنه في عموميته يقصد خيرات الأمة، ومستقبلها، ووحدة أراضيها؟

الكل يريد أن يضع ركبته على رقاب الدول العربية، واحدة واحدة بدون استثناء. وفي المقابل، فإن أحداً لا يدري ما هي نهاية المخطط المرسوم لهذه الأمة، فقد وصلنا إلى حالٍ تجرأ فيه "علماء دين" على الجهر بنصرة إسرائيل تحت حكم بنيامين نتنياهو.

ويصرح المسؤولون الإسرائيليون بأن دولاً عربية تتفق معها على أن تبدي نقداً ومعارضةً رسمية لمخططات الضم وتمرير صفقة القرن، ولكنها تُعلِم إسرائيل أنهم تبطن غير ما تعلن.

 

خنق منظم للعرب

هذا الخنق المنظم لكل الدول العربية، وبدرجات متفاوتة من حرية التنفس، لا بد أن يثير لدينا التساؤل: متى سننتبه أننا نسهل على كل الطامعين فينا مهمتهم بانقسامنا؟ أعتقد أن على المفكرين العرب، والاستراتيجيين منهم خصوصا، البدء في التفكير العميق لإخراج هذه الأمة من أزمتها وحالة الاختناق التي تمر بها.

يعتقد بعضهم أن ربيعاً أو خريفاً عربياً بات على الأبواب، وأن شعور المهانة والتهميش مع الجوع والفقر وعتمة الوعد في القادم قد تثير الشعوب الباكية، حين تثور محتجة، ما يؤدّي، على الأرجح، إلى مزيد من الفوضى والتشتت. وإذا صدقت التقديرات فعدد العاطلين من العمل الإضافيين منذ جائحة كورونا سيبلغ 30 مليوناً في الوطن العربي، ومعدل النمو للعام الحالي، 2020، سيكون -4.5 بالمئة.

* د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية