استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

جيوش «عقائدية»...جيوش «عقارية»

الاثنين 20 يوليو 2020 10:25 م

جيوش «عقائدية»...جيوش «عقارية»

جيوش عربية وضعت يدها على اقتصادات البلاد وتضخمت مكاسب جنرالاتها وامتيازاتهم وباتت تملك أكثر من ثلث اقتصادات بلادها.

دخلت المنطقة اضطرابا وعدم استقرار غير مسبوق وتكشفت هويات «عقائدية» و«عقارية» للجيوش بشوارع مدن العرب وميادينها.

أغلب جيوش العرب باتت «عقائدية» أو «عقارية» واجتماع الإمارة والتجارة طريق مختصر للفساد والخراب فالإمارة تتخطى «السياسي» إلى أمراء الجيوش.

*     *     *

أنزلتني الباخرة اليونانية في ميناء طرطوس، وبحماية فرقاطتين، فرنسية وأمريكية، كنّا مئات من رجالات منظمة التحرير بفصائلها المختلفة على متن تلك الرحلة القادمة من بيروت، كان ذلك في السابع والعشرين من آب/أغسطس عام 1982.

وبعد قضاء أسبوعين تقريباً في معسكر «عدرا»، خرجت إلى دمشق، وبدأت رحلة البحث عن بيت أقيم فيه واستعيد تحت سقفه، «لم شمل» عائلتي المشتتة بين عمان وبعلبك، لقد ضافت بيوت الأصدقاء والرفاق بنا، نحن معشر «اللاجئين الجدد».

لم أترك مكتباً عقارياً في مناطق المهاجرين، الجسر الأبيض، أبو رمانة، المزة، التجارة والسبع بحرات، وجوارها، إلا ودخلته باحثا عن شقة بالمكان المناسب والسعر المناسب، حتى أن صور اليافطات التي تتصدر المكاتب العقارية انطبعت في مخيلتي، ولم تعد تفارق «مناماتي» لفترة من الوقت.

ذات مساء، وفيما أنا أبحث في شارع المهاجرين عن مكاتب عقارية جديدة، قرأت يافطة قماش معلقة من طرف الشارع إلى طرفه المقابل، تتحدث عن «جيشنا العقاري» الذي يجدد بيعته للسيد الرئيس!

للوهلة الأولى بدا الأمر مستغرباً، بل ومستهجناً، ما حكايتهم؟ فإذا بي، وأنا المهجوس بالمكاتب العقارية، استبدل العقاري بالعقائدي، من دون أن أقصد بالطبع.

ستمضي سنوات عديدة بعد تلك الواقعة، وستدخل المنطقة العربية في حالة اضطراب وعدم استقرار، غير مسبوقة، وستتكشف الهويات «العقائدية» و«العقارية» لكثير من الجيوش في شوارع المدن العربية وميادينها.

ودعوني أشاطركم رأيي بحكاية «الجيش العقائدي»، فأنا لم استسغ يوماً هذا الشعار، ولا كنت من أنصار تلك النظرية. صحيح أن لكل جيش «عقيدة قتالية»، تشتمل على تعريف «العدو» ومهددات الأمن القومي، وظائف القوات المسلحة وتفويضها الدستوري في حفظ الحدود وحماية الأوطان، أنماط تسليحه وقتاله وتدريبه وتعبئته وغير ما هنالك.

لكن الصحيح كذلك، أن نظرية «الجيش العقائدي» لا تتوقف عند هذه الحدود، بل تملي على الجيش اعتناق «عقيدة/إيديولوجيا» الحزب الحاكم، والجيش حين يتماهى تنظيمياً وعقائدياً مع الحزب الحاكم، يصبح «ميليشيا» وليس جيشاً وطنياً، حتى وإن تَنَظّم وتَسلح وقاتل بنظريات الجيوش النظامية، وليس بأساليب «الحرب الشعبية».

والجيوش من وجهة نظري، إما أن تُفتح أبواب معسكراتها لجميع الأحزاب، كما هو حال بعض الدول الغربية، أو لا تُفتح لأحد، وثمة دول عديدة، ومن بينها الأردن، تحظر ممارسة العمل الحزبي في أوساط الجيش والقوات المسلحة...

لقد رأينا تفاوتاً في أداء الجيوش العربية حين اندلعت ثورات الربيع العربي، بعضها انخرط في حرب أهلية وتصرف كميليشيا،  وبعضها الآخر أحجم عن الانحياز لفريق ضد آخر، بمن في ذلك فريق رئيس الجمهورية (تونس). فهذا لم يكن جيوشاً «عقائدية» بل وطنية- مهنية بصفة عامة.

لكن من أسف، بعض الجيوش وضع يده على اقتصادات البلاد وتضخمت مكاسب جنرالاته وامتيازاتهم، حتى أن بعض التقديرات باتت تعطي بعض الجيوش العربية، أزيد من ثلث اقتصادات بلدانها!  

هنا، نستذكر «يافطة شارع المهاجرين» إياها، فنتحدث عن «جيوش عقارية» تمتلك الشركات والاستثمارات وتزاحم القطاع الخاص، وتستملك أراضي الدولة.

ولولا بضعة استثناءات لقلنا إن أغلب جيوشنا العربية، باتت إما «عقائدية» أو «عقارية»...ومن أسفٍ فإن اجتماع الإمارة والتجارة، لم يكن يوماً إلا طريقاً مختصراً للفساد والخراب، والإمارة هنا تتخطى «السياسي» إلى «العسكري»، أمراء الجيوش كذلك...يبدو أنني لم أكن مخطئاً في قراءة «اليافطة» إياها، يبدو أنني قرأتها بـ«الحدس» أو «اللاوعي»، والله أعلم.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية