استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الولايات المتحدة.. إلى أين؟

الثلاثاء 21 يوليو 2020 06:28 م

الولايات المتحدة.. إلى أين؟

دخلت أمريكا مرحلة أشبه بالستينيات بكل ما حملته تلك المرحلة من غليان وتطرف وعنف داخلي لا محدود.

أغلبية البيض (60%) يدعمون الحركة الاجتماعية الداعية للاحتجاجات لأجل الحفاظ على حياة السود.

رغم أهمية ذلك التحول بموقف أغلبية البيض فشل الكونغرس مؤخرا في إصدار قانون لإصلاح النظام الجنائي القضائي.

آفاق حدوث تحول حقيقي في السياسات العرقية محدود راهنًا لكن تداعيات ما يجري في الواقع تذهب أبعد من تغيير السياسات.

مجتمع يعاني استقطاب حادا وانقساما حقيقيا والمؤشرات تعني أن المستقبل القريب مفتوح على كل الاحتمالات كالعنف المسلح واسع النطاق.

تضم القومية البيضاء منظمات تفوق البيض وميليشيات مسلحة وتنظيمات تدعو لانفصال البيض في دولة عرقية وتنظيمات أصولية مسيحية بيضاء.  

*     *     *

حالة الغليان، التي تعيشها الولايات المتحدة هذه الأيام مفتوحة على كل الاحتمالات، سواء في ما يتعلق بالمسألة العرقية، أو ما يتعلق بانتخابات الرئاسة المزمع انعقادها في نوفمبر المقبل.

فبخصوص المسألة العرقية، فإن آفاق حدوث تحول حقيقي في السياسات محدود على المدى القصير، لكن تداعيات ما يجري على أرض الواقع تذهب لما هو أبعد من تغيير السياسات.

وذلك للأسباب نفسها التي تجعل عملية الانتخابات الرئاسية تذهب هي الأخرى لأبعد من اختيار الرئيس القادم، فالاحتجاجات التي تعم الولايات المتحدة، بسبب قتل السود على يد رجال الشرطة البيض، بل وعلى يد المواطنين البيض، قد أحدثت تحولاً إيجابياً في موقف أغلبية البيض إزاء قضية العنصرية.

ومثل ذلك التحول يمثل الأساس لإحداث التغيير في السياسات، فقد تبين أن 60% من البيض صاروا يدعمون الحركة الاجتماعية الداعمة للاحتجاجات، من أجل الحفاظ على حياة السود.

ورغم أهمية ذلك التحول، فقد فشل الكونغرس أخيرا في إصدار قانون لإصلاح النظام الجنائي القضائي، ذلك لأن تلك الأغلبية كان ينبغي أن يصاحبها أغلبية مماثلة داخل مجلسي الكونغرس، من أجل إصدار قانون يفرض تحولاً جوهرياً. لكن الاستقطاب الحاد، وتولي كل من الحزبين الأغلبية في أحد المجلسين دون الآخر، أدى للفشل في إصدار مثل ذلك القانون.

ومن هنا، فإنه ما لم يطرأ حدث أضخم يدفع بالكونجرس دفعاً في ذلك الاتجاه، فسيظل قتل السود بلا رادع حقيقي، كما هو الآن، غير أن التحول المجتمعي لصالح حماية حياة السود صار يمثل تهديداً لقوى أخرى انتعشت، وصار صوتها أعلى من أي وقت مضى، بوصول ترامب للحكم.

وهي القوى والجماعات المختلفة التي تندرج تحت ما يسمى بالقومية البيضاء، بدءاً بمنظمات التفوق الأبيض، ومروراً بالميليشيات التي تحمل سلاحاً، وللتنظيمات التي تدعو لانفصال البيض في دولة عرقية خاصة، ووصولاً لبعض تنظيمات الأصولية المسيحية البيضاء.

وقد بدأت بالفعل مجموعة من الأحداث، التي تنذر بعواقب وخيمة خصوصاً، لأن الانتخابات الرئاسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكل ذلك، فالرئيس ترامب، مثلما فعل في حملته الانتخابية عام 2016 ثم طوال مدة رئاسته، يستخدم لغة تنطوي ضمناً أو صراحة على تعبيرات ذات تاريخ مرير لدى جماعات عرقية وإثنية مختلفة، وتأتي مباشرة من قاموس تلك التنظيمات.

وهي لغة ذات أهداف انتخابية مباشرة، إذ هي موجهة لجمهوره من أنصار القومية البيضاء، ويمثل ذلك خطورة حقيقية، بدأت تبرز على السطح أخيراً من خلال سلسلة من الوقائع، ثبت فيها أن تلك القوى صارت تستخدم العنف على نطاق واسع ضد السود تحديداً.

فعلي سبيل المثال، تم القبض على اثنين من البيض المنتميين لإحدى تلك التنظيمات بعد أن أطلقا النار على المتظاهرين السود السلميين بولاية كارولينا الشمالية.

في ولايات عدة، فضلا عن واشنطن العاصمة، ثبت أن أعضاء اثنتين من تلك التنظيمات قاموا بخداع المتظاهرين، زاعمين أنهم ينتمون لمحطات التلفزيون الكندية، بهدف نشر صور وأسماء المتظاهرين على نطاق واسع حتى يكونوا هدفاً للعنف.

ولم يقل خطورة عن كل ذلك أن اللاعب الأسود الوحيد في جمعية سباق السيارات الشهيرة «ناسكار» قد وجد في جراج سيارته حبلاً مربوطاً على شكل المشنقة، فـ«ناسكار»، ذات الشعبية الهائلة خصوصاً بين البيض، ولم يخلُ تاريخها من العنصرية، كانت قد قررت أخيراً إزالة العلم الكونفدرالي، رمز العبودية!

فتعرضت لهجوم شرس وتظاهرات من تنظيمات القومية البيضاء سبقت مباشرة واقعة لاعبها الأسود، أما أجهزة الاستخبارات الأمريكية فقد أصدرت أخيراً تقريراً حذرت فيه رجال الأمن من أن واشنطن العاصمة قد تكون هدفاً لعنف تلك الجماعات.

وفي مجتمع يعاني من استقطاب حاد وانقسام حقيقي، فإن تلك المؤشرات كلها تعني أن المستقبل القريب مفتوح على كل الاحتمالات، بما في ذلك العنف المسلح، وعلى نطاق واسع.

فقد دخلت الولايات المتحدة مرحلة أشبه بالستينيات بكل ما حملته تلك المرحلة من غليان وتطرف وعنف داخلي لا محدود.

* د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي.

المصدر | البيان - دبي

  كلمات مفتاحية