استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مايكل لينك وعقاب (إسرائيل) الجماعي للفلسطينيين

الأربعاء 29 يوليو 2020 05:10 م

مايكل لينك و«إسرائيل»

يد العدالة ستلاحق «إسرائيل» ولن تجد لها مفراً من العقاب وهو ما حاول لينك لفت النظر إليه في تقريره.

نهج «إسرائيل» يتخذ سياسة ذات وجهين متداخلين: استعمار استيطاني ونظام الفصل عنصري (أبارتهايد)، وكلاهما يفرض عقوبات جماعية.

انسحبت (إسرائيل) من نظام (عقوبات) روما 1998 لكن عقابها الجماعي تخالف قواعد عامة ذات صفة إلزامية آمرة لا يمكن لأي كان التملّص منه.

إذا كانت «إسرائيل» قد تمادت في سياسة العقاب الجماعي فقواعد العدالة الدولية تقتضي عدم إفلات الجناة من المساءلة خاصة من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.

*     *     *

إن عقوبات «إسرائيل» الجماعية بحق الفلسطينيين غير قانونية، وإهانة للعدالة ولسيادة القانون (الدولي)، وتنطوي على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان «هذا ما قاله البروفيسور مايكل لينك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

جاء ذلك في تقريره السنوي الذي قدّمه في 16 يوليو / تموز 2020 بخصوص سياسة «العقاب الجماعي» التي تتبعها «إسرائيل» بحق الشعب العربي الفلسطيني.

وكان لينك الخبير القانوني الكندي قد اختير في ربيع عام 2016، ليكون المقرر الدولي السابع لمراقبة حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ إنشاء هذه الهيئة عام 1993، بعد 3 أشهر على استقالة سلفه الإندونيسي أستاذ القانون مكارم ويبيسوتو بسبب عرقلة «إسرائيل» لمهمته ومنعه من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وصعّدت «إسرائيل» الهجوم على لينك بعد تعيينه، مستثيرة اللوبي الصهيوني داخل كندا وأوروبا بهدف الضغط على أعضاء مجلس حقوق الإنسان الدولي، لإعادة النظر في اختياره!

وقالت: إنه صاحب نضال طويل ضد «إسرائيل»، وهو مؤيد لجماعات الضغط العربية، وذلك في محاولة للتشكيك بنزاهته وصدقية توجّهه الإنساني.

جدير بالذكر أن لينك اختتم تقريره السنوي بطائفة من التوصيات القانونية والحقوقية، منها دعوة «إسرائيل» باعتبارها قوة الاحتلال الفعلية إلى إنهاء جميع تدابير العقوبات الجماعية، بما فيها الحصار على غزة منذ 13 عاما، ورفع جميع القيود المفروضة على حرية التنقّل في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.

والتوقّف عند هدم المنازل كإجراء عقابي، ووقف جميع ممارسات سحب «الإقامة الدائمة في القدس»، وقطع الإعانات وإغلاق البلدات كإجراءات عقابية، ووضع حدّ للتأخر في تسليم جثامين الفلسطينيين، تمهيداً لدفنها، كما حصل مؤخراً في تسليم جثمان أحمد عريقات الذي استشهد برصاص حرس الحدود (قرب أبو ديس) يوم 23 يونيو / حزيران 2020.

وتتبع «إسرائيل» منذ احتلالها نهجاً يستند إلى سياسة ذات وجهين متداخلين: الأول: الاستعمار الاستيطاني، والثاني: نظام الفصل العنصري (أبارتهايد)، وكلاهما يهدف إلى فرض عقوبات جماعية.

وكان تقرير مايكل لينك قد قدّم تحليلاً قانونياً موسعاً أكّد فيه عدم شرعية الممارسات التي تنتهجها «إسرائيل» بحق الشعب العربي الفلسطيني، وذلك في محاولة شرعنة اللّاقانوني، من خلال المحاكم «الإسرائيلية» والقضاء «الإسرائيلي» الذي ذهب في العديد من المرات إلى إضفاء «شرعية» على إجراءات السلطات «الإسرائيلية» في هدم المنازل، واحتجاز الجثامين، وغيرها من أساليب العقوبات الجماعية.

العقوبات الجماعية أياً كانت مبرراتها تعتبر محظورة بموجب القانون الدولي، ويحرّم استخدامها تحت أي ذريعة، ولا توجد استثناءات مسموح بها، حسبما تذهب إلى ذلك اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملحقاها لعام 1977، وقواعد القانون الدولي العام المعاصر بشكل عام والقانون الإنساني الدولي بشكل خاص، سواء في وقت السلم أو في وقت الحرب.

لأنها تمثّل انتهاكاً صارخاً لنظام العدالة ولحقوق الإنسان، فضلاً عن كونها اعتداء سافراً على إنسانية الإنسان وكرامته ولنظام الأخلاق العامة.

وحثّ مايكل لينك في توصياته لمجلس حقوق الإنسان على اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لوضع حد للجرائم «الإسرائيلية»، وإنهاء كامل وسريع لاحتلالها للأراضي الفلسطينية (المقصود بعد عام 1967)، وناشد المجتمع الدولي «بضرورة اتخاذ التدابير، بما فيها التدابير المضادة للعقوبات»، تماشياً مع التزامات ومسؤوليات المجتمع الدولي القانونية.

والأمم المتحدة كثيراً ما دانت «إسرائيل» وأصدرت قرارات واجبة الأداء والتنفيذ، وخصوصاً من جانب مجلس الأمن الدولي، بما فيها القراران 242 و 338، وهما على التوالي في عام 1967 وعام 1973، بشأن الانسحاب «الإسرائيلي» من الأراضي المحتلة، باعتبار أن أي عملية ضم أو إلحاق للأراضي أو استيلاء بالقوة أو الحصول على مكاسب سياسية جراء الاحتلال تتعارض مع القانون الدولي المعاصر.

لكن الواجب الدولي والإنساني يتطلب اليوم اتخاذ إجراءات أكثر حزماً تتجاوز عبارات التنديد الكلامي والإدانة اللفظية، لما هو عملي وضاغط على «إسرائيل» بما فيها فرض، «عقوبات»، لثنيها عن الاستمرار في مشروعها التدميري بحق الشعب العربي الفلسطيني والامتثال إلى قواعد القانون الدولي وما يسمى بالشرعة الدولية.

وخصوصاً حين يتم تأمين مستلزمات الاعتراف بحق تقرير مصيره وعودته إلى دياره، وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وإذا كانت «إسرائيل» قد تمادت في سياسة العقاب الجماعي، فإن قواعد العدالة الدولية تقتضي عدم إفلات الجناة والمرتكبين من المساءلة، خصوصاً أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وهو ما تؤكده المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الذي أُسس في عام 1998، والذي دخل حيّز التنفيذ عام 2002.

وإن كانت «إسرائيل» قد انسحبت منه، لكن الأمر يتعلق بمخالفة قواعد عامة ذات صفة إلزامية آمرة، وهو أمر لا يمكن لأي كان التملّص منه، وتحت أي حجة أو مسوّغ، ولذلك فإن يد العدالة سوف تلاحق «إسرائيل» التي لن تجد لها مفراً من العقاب، وهو ما حاول لينك أن يلفت النظر إليه في تقريره.

* د. عبد الحسين شعبان باحث ومفكر عربي

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية