استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بدلا من البكائيات لنطرح الأسئلة

الخميس 13 أغسطس 2020 05:54 م

بدلا من البكائيات لنطرح الأسئلة

هل انتخابات مبكرة في لبنان وقانون انتخابي جديد سيتجاوزان ثقافة فئوية طائفية دينية؟

متى يخرج القادة من الاكتفاء بالتفرج على سقوط الآخرين حتى مجيء الدور عليهم ثم «البكاء على ملك لم يحافظوا عليه كالرجال؟»

لن نخرج من الظلام إلى نور الحياة إلا عبر أسئلة وأجوبه صريحة والوصول لأعماق كيان الإنسان العربي مهما كان ذلك قاسيا ومؤلما!

هل ستصوت الأغلبية لأصحاب الكفاءة والنزاهة والقيم بلا اعتبار لاسم الشخص وطائفته وعائلته وبدون توجيه قادة روحيين أو محطة تلفزيون مأجورة؟

*     *     *

نزلت كارثة انفجار مرفأ بيروت كالصاعقة على قلب كل عربي، خصوصا أن هذا البلد العربي الجميل النشيط، الحاضن لكل معذب مظلوم في بلاد العرب، ما إن يخرج من محنة ويتعافى، حتى يدخله القدر في محنة أشد وأقسى، لكن البكائيات والمماحكات العبثية ليست هي الجواب على المآسي التراجيدية الكبرى. الجواب هو طرح الأسئلة بشأن مسبباتها الحقيقية بدون غمغمة، وبشأن دروب الخروج منها والتهيئة الوقائية لمنع رجوعها ورجوع مثيلاتها.

أولا: الطبقة السياسية الطائفية الفاسدة، التي يطالب المتظاهرون في شوارع بيروت بنصب المشانق لإعدام كل أفرادها، انتخبها، وقوّاها بغفلته، وتعايش مع مفاسدها وابتذالاتها السياسية بصبر غريب، ورضي بعضه أن يكون من أزلامها المطيعين، انتخابا بعد انتخاب، وسنة بعد سنة، منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا، آباء وأجداد وأبناء غالبية المتظاهرين الذين يلوحون اليوم بقميص يوسف، ويطالبون بمعاقبة هذا الذئب أو ذاك.

والسؤال الذي يجب أن يطرح بكل صراحة، في الانتخابات المبكرة التي يطالب المتظاهرون بإجرائها، وحتى تحت قانون انتخاب معقول، هل ستصوت الأغلبية السكانية الناخبة لأصحاب الكفاءة والنزاهة والقيم الأخلاقية، وبدون أي اعتبار لاسم الشخص واسم طائفته وعائلته، وبدون أخذ توجيه من قس أو فقيه أو رئيس ميليشيا، أو محطة تلفزيون مأجورة؟

وهل الانتخابات المبكرة، والقانون الانتخابي الجديد سيتمكنان من تجاوز ثقافة فئوية طائفية دينية، منتمية إلى ضغوط الضيعة والقرية، وعصبيات العيلة والقرابة، في مجتمع لا يريد أن يتجاوز ثرثرات التاريخ، وهلوسات الخوف من الآخر، وتفضيل الجزء على الكل، والاستكانة للهوية القزمة على حساب الهوية الكبرى الجامعة؟

ثلاثة أرباع القرن من الاستقلال، وتلك الأسئلة تراوح مكانها، والإجابات تختفي وراء هذا القناع أو ذاك، وها إن البعض سيطرح الأسئلة نفسها، وسيحصل على الأجوبة نفسها. هل أنها صراحة مؤلمة؟ فلتكن، ولكنها من كل إنسان عربي يحب ويعشق ويقدس لبنان العربي الرائع.

ثانيا: في هذه اللحظة يقبع العراق ولبنان وسوريا والأردن وفلسطين في فم الثعبان الاستعماري الصهيوني، متدخلا أو محاصرا، أو مبتزا، أو حاقنا سم الجهاد التكفيري الإرهابي، اللابس بانتهازية قناعا مزيفاَ باسم دين الحق والقسط والميزان. الجميع يعانون الأمرين وينتظرهم مستقبل خطير عاصف. كل واحد مستفرد به ليواجه الأهوال لوحده.

والسؤال: ما الذي يمنع جبهة أو أكثر رسمية في هذا القطر أو ذاك، أو يوقف مؤسسات مدنية سياسية في هذا القطر، أو ذاك، من طرح مشروع في شكل مجلس تضامني، ينتقل في الحال إلى اقتصاد متكامل، وإلى موقف واحد منسق من مشروع صفقة القرن ومقاومته، وإلى توحيد الجهود لمحاربة الإرهابيين المجانين، وإلى تيار متقارب متعاضد في الجامعة العربية والمحافل الدولية والأقليمية؟ إلخ..

من التعاون الوثيق الفاعل، بل والتوحيد حيث أمكن. جميعهم مهددون في وحدة الوطن الجغرافية والإثنية، ويتعرضون لضغوط هائلة تستغلُ نقاط ضعفهم في هذا المجال أو ذاك، وبالتالي فهم في خندق الضحية الواحد.

أليس هذا كاف ليخرج قادتهم من عادة الاكتفاء بالتفرج على سقوط الآخرين إلى حين مجيء الدور عليهم ، ثم «البكاء على ملك لم يحافظوا عليه كالرجال؟».

وبصراحة، فإن لبنان المحاصر، المنهك المفجوع، يجب أن يكون جوابه على من يطالبونه بتبني شعار الحياد المشبوه، الذي يرمي إلى عزله وتهيئته ليكون تابعا ذليلا للهيمنة الصهيونية، أن يكون جوابه بطرح مبادرة مشابهة تبعده عن الابتزازات التي جاءته من كل حدب وصوب، والتي عانى منها الكثير. يخطئ من يعتقد أن هذه الأسئلة تخص وضع لبنان وحده.

إنها تخص وتنطبق على كل قطر عربي بدون استثناء. ويعجب الإنسان العربي من حالة اللامبالاة الذهنية المربكة، التي تعيشها كل أقطار الوطن العربي تجاه نكبات هذه الأمة الكبرى، التي تعيشها حاليا. لقد أصبحت تلك اللامبالاة مسلكا مخجلا يقربنا من حالات اليأس والانتحار الحضاري.

لن نخرج من الظلام الدامس إلى نور الحياة إلا من خلال أسئلة وأجوبه صريحة إلى أبعد الحدود، والوصول إلى أعماق كيان الإنسان العربي، مهما كان ذلك قاسيا ومؤلما. إنه جزء من قدر هذا الجيل.

* د. علي محمد فخرو كاتب ومفكر بحريني

المصدر | الشروق المصرية

  كلمات مفتاحية