استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إذلال العرب… ما هو السبب؟

الأربعاء 28 أكتوبر 2020 05:10 ص

إذلال العرب… ما هو السبب؟

ما أسباب قبول هذه الأنظمة العربية بهذه الدرجة من الإذلال والابتزاز؟

ما لم يتحرر العرب فعليهم أن ينتظروا مزيداً من ازدراء العالم بهم وبدينهم ورموزهم.

فرنسا أساءت للعرب وبدل الاعتذار أو الصمت تطالب الأنظمة العربية بالتحرك لوقف أي احتجاج أو مقاطعة لمنتجاتها.

يتطلب وقف نزيف الكرامة العربية تحولا ديمقراطيا وأنظمة عربية تمثل شعوبها وحاكما يخشى شعبه ويحسب ألف حساب لصناديق الاقتراع.

بيان رسمي فرنسي يطلب من الدول العربية التحرك لعدم مقاطعة منتجات فرنسا بالتزامن مع تغريدة ماكرون بالعربية يؤكد فيها عدم التراجع عن إساءاته!

إذلال مارسته أمريكا على حكام السودان وازدراء مارسه ترامب عندما اختصر احتفالية التطبيع بمكالمة هاتفية مع نتنياهو لإبلاغه بموافقة الخرطوم على إملاءاته!

*     *     *

مشهدان بالغا القسوة خلال الأيام القليلة الماضية لعملية إذلال غير مسبوقة، مورست على أنظمتنا العربية، وهما دليل على القاع الذي وصلت إليه هذه الأنظمة في مشوار سقوطها نحو الهاوية.

لكن السؤال الكبير يظل مفتوحاً: ما أسباب قبول هذه الأنظمة بهذه الدرجة من الإذلال والابتزاز؟

المشهد الأول هو عملية الإذلال التي مورست من قبل الولايات المتحدة على النظام في السودان، وحجم الازدراء الذي مارسه الرئيس دونالد ترامب عندما اختصر احتفالية التطبيع بمكالمة هاتفية مع نتنياهو، أبلغه فيها بأن الخرطوم وافقت على الإملاءات الأمريكية!

في اليوم التالي يتم رفع السودان عن «القوائم السوداء» كثمن للانحناء أمام الإسرائيليين. ومن نافلة القول هنا طبعاً التذكير بأن الرئيس عمر البشير ونظامه، قاوما كل الإملاءات الأمريكية على السودان، ورفضاها طيلة عقود وليس لسنوات فقط، ما يعني أن قول (لا) للأمريكيين أمر ممكن.

والتحول الوحيد الذي حصل حتى يتغير الموقف السوداني هو، أن النخبة الحاكمة تغيرت وصار لها مصلحة في دعم أمريكي يُبقيها في الحكم، وهذا الدعم لن يستفيد منه المواطن شيئاً، وإنما سيجد نفسه يعيش في ظل نظام متسلط جديد مدعوم من واشنطن.

أما المشهد الثاني فهو البيان الرسمي الفرنسي، الذي يطلب من الدول العربية أن تتحرك لعدم مقاطعة المنتجات الفرنسية، وذلك بالتزامن مع تغريدة بالعربية للرئيس ماكرون يؤكد فيها عدم التراجع عن إساءاته!

والمفارقة هنا هو أن فرنسا التي أساءت للعرب بدلاً من أن تعتذر، أو حتى تصمت على الأقل، تطالب الأنظمة العربية بأن تتحرك لوقف أي احتجاج أو مقاطعة لمنتجاتها.

البيان الفرنسي هو قمة الصلف والعنجهية، ويحمل أعلى درجات الإذلال للأنظمة العربية، فهو لا يتضمن استخفافاً بالغضب الشعبي العربي فقط، وانما يطلب من الدول العربية أن تقوم بقمع شعوبها وأن تمنعهم من الاحتجاج السلمي، المتمثل في حملات تدعو لمقاطعة المنتجات الفرنسية. وهذا البيان دليل على حجم المهانة والاستخفاف التي تتعامل به فرنسا مع دولنا العربية.

والسؤال ليس: لماذا تتعامل معنا الدول الغربية بهذه الطريقة، لأن أي دولة تستطيع أن تهيمن ستفعل ذلك، من دون تردد، لكن السؤال الأصح هو: لماذا وصلت أنظمتنا العربية الى هذا الدرك الأسفل من انعدام الكرامة والقبول بالإذلال؟

الاجابة على السؤال بسيطة وواضحة، وهي أن الأنظمة التي وصلت إلى الحكم بإرادة شعوبها لا يمكن أن تقبل المهانة ولا الإذلال، وتتمتع دوماً باستقلالية وتعكس إرادة الشارع، بينما النظام السياسي، الذي يغتصب السلطة بقوة القهر والاستبداد والتسلط، يخشى من غضب ترامب وماكرون وغيرهما، ويخاف على كرسيه، ولا يكترث بالشارع.

الأنظمة الديمقراطية المنتخبة لا تنحني أمام ضغوط الخارج، أما الحاكم الذي جاء على ظهر الدبابة أو بواسطة القمع والاستبداد وتخويف الناس، فإنه يبحث على الدوام عن أي شرعية، أو دعم من الخارج.

والأمثلة على هذه النظرية كثيرة أبرزها التباين في المواقف المصرية بين عام 2012 واليوم، رغم أن مصر هي ذاتها بإمكاناتها وشعبها لم تتغير، لكن الرئيس المنتخب استطاع أن يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة سنة 2012. بينما لم يصدر اليوم ولو مجرد بيان تنديد واستنكار لإساءات ماكرون.

المشكلة الأساس لدولنا العربية تتمثل في غياب الديمقراطية، وحقوق الانسان، وتهميش الناس، وهو ما يجعل الأنظمة العربية أقرب لواشنطن وباريس منها الى شعوبها وشوارعها، كما أن الحاكم العربي لا يكترث للناس في بلده لأنهم ببساطة بلا أصوات انتخابية، ولم يسبق أن شاهدوا صناديق اقتراع.

وقف النزيف الحالي للكرامة العربية، يحتاج الى تحول ديمقراطي حقيقي، ويحتاج الى أنظمة تمثل شعوبها في دولنا العربية.

ويحتاج الى حاكم يخشى أبناء شعبه أكثر مما يخشى ترامب وماكرون، ويحسب ألف حساب لصناديق الاقتراع.

وما لم يحدث ذلك فعلى العرب أن ينتظروا مزيداً من ازدراء العالم بهم وبدينهم ورموزهم.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إذلال العرب، الانظمة العربية، ماكرون، فرنسا، ماكرون، ترامب، السودان،