استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل سيعاود السعوديةَ «وجعُ الرأس»؟

الاثنين 9 نوفمبر 2020 04:11 م

هل سيعاود السعوديةَ «وجعُ الرأس»؟

يُرجّح أن يعاود فريق بايدن إحياء الخطوط الساخنة مع طهران.

الهموم السعودية ستتنامى بالفترة المقبلة مع عودة بايدن لما يمكن اعتباره «نهج أوباما»!

التطبيع مع الصهاينة يريح بايدن لكن يقلّل قدرته على إدماج حلفائه الخليجيين بمواجهة الصين عبر نظام إقليمي خليجي تكون إيران جزءاً منه.

حلفاء واشنطن الخليجيين مدّوا علاقات حيوية مع «البنتاغون» تجعل سيد البيت الأبيض فاعلاً مهمّاً لكن ليس وحيدا في رسم السياسة الأميركية بالخليج.

*     *     *

سعي الولايات المتحدة إلى التركيز على مواجهة «التهديد الصيني» المتنامي يستدعي تخفيف أعبائها في غرب آسيا، وتحديداً في منطقة الخليج. هذا ما يُتوقع أن يتبنّاه الديمقراطي جو بايدن في حال وصوله إلى البيت الأبيض.

وفي ظلّ فشل خيار القوة والحصار، يصبح لا مناص من إبرام اتفاق ما مع طهران القوية، يمنح الأخيرة أكثر من إمكانية التقاط الأنفاس، بما يمكن توصيفه على أنه «اعتراف واشنطن بالمكانة الإقليمية لإيران».

هذا بالضبط مكمن القلق السعودي المتجدّد، والذي لا ينبعث من تنامي القدرات النووية الإيرانية المفترضة، بقدر نشوئه مما تعتبره الرياض «نووياً آخر» أكثر فتكاً: حلف إيران العقائدي ونفوذها السياسي الممتدّ.

الهموم السعودية سوف تتنامى في الفترة المقبلة مع توقع عودة بايدن إلى ما يمكن اعتباره «نهج أوباما»، الداعي إلى تقاسم النفوذ بين الإيرانيين والسعوديين، على مستوى الخليج والدول المحيطة بشبه جزيرة العرب.

لم يتمكّن السعوديون من التقاط غايات هذه الدعوة، التي من المرجح أن تتحول إلى شعار «بايدني»، لا يستند إلى «غرام» بإيران، كما يحاول الإعلام السعودي التبسيط، وإنما إلى نظرية مركّبة، متعدّدة الأوجه، وتتجاوز التعقيدات في الخليج.

أميركا الديمقراطيين، إذا ما أقدمت على التهدئة مع العاصمة الكبرى في المنطقة، عبر إعادة تنشيط بنود الاتفاق النووي، بصيغة أو أخرى، فإنها تفترض أن ذلك سوف يساهم في تخفيف الضغط على قواعدها العسكرية في المنطقة، وتقليل التورّط الأميركي في قضايا «لا حلّ لها».

وكذا فرملة الاندفاعة الإيرانية تجاه الشرق، وعدم الإفساح لها مجالاً بلا ضوابط لبكين للولوج إلى الخليج، وأن تظلّ إيران «بين بين» أو محايدة او أقلّ انخراطاً في دعم الصين، التي تُقلق الرأسمالية الكبرى.

إذاً، فإن الفرضية «الديمقراطية» الراغبة في وضع دفتر عمل متوافَق عليه بين العدوين اللدودين، لا بدّ أن تخلص إلى منح إيران قدراً مقبولاً من حرية الحركة في المنطقة، مقابل تخفيف الاحتقان في الخليج، الذي يغذّي شرايين الاقتصاد العالمي بالنفط، وهذا يفرض أن يدفع تلقائياً طهران إلى فرملة علاقاتها بالصين، المندفعة بقوة عبر «طريق واحد... حزام واحد».

وللإيرانيين غايات مشابهة هنا، إذ يحرص صانع القرار، المعتدّ باستقلاله وهويته، على تفادي وضع كلّ البيض الإيراني في سلة صينية واحدة.

وتلك التعقيدات مجتمعة، إضافة إلى تحدّيات تقنية، ربما ساهمت في تأخير توقيع اتفاق شراكة ضخم بين البلدين الآسيويَّين، حجمه أربعمائة مليار دولار، وقد صار إبرامه أكثر واقعية بسبب خطايا واشنطن، وليس آخرها استهداف القائد العسكري والسياسي الأشهر قاسم سليماني.

يدرك الإيرانيون أن غايات أميركا ليست بريئة، وإنما تتضمّن، إضافة إلى ما سبق، افتراض أن الاتفاق النووي سيمنح واشنطن القدرة على خلخلة النظام الإيراني من الداخل، عبر دفع بعض أطرافه إلى الانفتاح على أميركا، بما يُمكّن الأجهزة الغربية من مدّ نفوذ ناعم، قد يؤدي، في المدى المتوسط، إلى زعزعة الحكم الإيراني، أو حرف بوصلته، أو تدجينه، دون مواجهة ساخنة.

لم تُختبر تلك الفرضية طويلاً؛ فقد ألغى ترامب الاتفاق النووي بعد نحو سنتين ونيّف من توقيعه، وأعاد توحيد الإيرانيين وتنبيههم إلى عمق العداء الأميركي للاستقلال الإيراني.

في سبيل إقناع السعودية بجدوى فرضيته، استخدم أوباما «العصا والجزرة»، وهي ربّما الصيغة التي سيلجأ إليها بايدن. فقد وعد الرئيس الأسبق حلفاءه الخليجيين بالعمل على «بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءة... الأمر الذي ربّما يخفّف بعضاً من مخاوفهم، ويسمح لهم بإجراء حوار مثمر بشكل أكبر مع الإيرانيين».

وراح من ناحية أخرى يوبّخ القادة الخليجيين، قائلاً إن الخطر الذي «يتهدّدهم ليس التعرّض لهجوم محتمل من إيران، وإنما سخط الشبان الغاضبين والعاطلين، والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، وأن ليس لدى الشبان السُّنة شيء آخر يختارونه غير داعش».

تلك أطروحة قابلة للمعاودة عما قريب، فقد سمعنا بايدن يدين الرياض مراراً، مع علمنا أن حقوق الإنسان والديمقراطية ليست بنداً في السياسة الخارجية الأميركية، لكنها عصا قابلة للتفعيل، بحذر، بغية إدماج السعودية في الرؤية الأميركية لمعاداة الصين.

في كلّ الأحوال، يُرجّح أن يعاود فريق بايدن إحياء الخطوط الساخنة مع طهران، التي تتنازعها هي الأخرى الآمال بالعودة إلى الاتفاق النووي، دونما حاجة إلى الخوض في القضايا السياسية الإقليمية المختلَف عليها.

بيد أن ذلك سيؤكد للمحور السعودي أن الاتفاق النووي يتجاوز بعده التقني، وينطلق من رؤية أميركية أوسع لإدارة المشهد الخليجي والعالمي، الأمر الذي يتسبّب بالهلع للرياض وأبوظبي.

ولا يدفعهما نحو تفاهم مع طهران، كما توقّع أوباما، وإنما نحو تطبيع مع الصهاينة، يريح بايدن، لكنه يقلّل من قدرته على إدماج حلفائه الخليجيين في نظرية مواجهة الصين عبر نظام إقليمي خليجي تكون طهران جزءاً منه.

سيواجه بايدن تعقيدات من أجل تحقيق غاياته، ليس فقط من طهران التي ثبتت صحّة عدم ثقتها في التعامل مع أميركا، وليس فقط من مخلّفات ترامب والبيروقراطية الأميركية التي دفعت بالصدام مع إيران إلى مستويات خطيرة ستظلّ تلقي بتبعاتها.

بل أيضاً مع حلفاء واشنطن الخليجيين الذين مدّوا علاقات حيوية مع وزارة الدفاع «البنتاغون»، تجعل من ساكن البيت الأبيض فاعلاً مهمّاً، ولكن ليس الفاعل الوحيد، إذا ما تعلّق الأمر برسم السياسة الأميركية تجاه الخليج.

* عباس بوصفوان كاتب صحفي بحريني

المصدر | الأخبار اللبنانية

  كلمات مفتاحية

السعودية، الولايات المتحدة، جوزيف بايدن، ترامب، الخليج، البنتاغون، إيران، أبوظبي،