استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انتخاباتهم وليست انتخاباتنا

الاثنين 9 نوفمبر 2020 04:29 م

انتخاباتهم وليست انتخاباتنا

لماذا كل الضجيج الإعلامي والتحليلي والسياسي ووقوف العالم على ساق واحدة؟

لماذا هذا الاهتمام العربي وهو الأكبر غالبا بين دول العالم بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

يا أخي الرئيس القادم سيحكم أمريكا وليس بلدك فهذه انتخاباتهم وليست انتخاباتك رئيسهم وليس رئيسك!

*     *     *

الانتخابات الأمريكية الرئاسية ملأت الدنيا، وشغلت الناس، ما من إعلام في العالم إلا واستنفر طاقاته وتابعها، وما من محلل في العالم إلا وأدلى بدلوه، وما من عرّاف أو عرّافة في العالم إلا وحملق في كرة الكريستال أو ضرب الرمل أو قرأ فنجان القهوة أو تأمل بالسحاب!

وكأن من سيفوز، سينقذ العالم من الأوبئة، وسيصلح ثقب الأوزون، ويصنع السلام في العالم، وكأن الفائز يملك عصا سحرية؛ لحل معضلات ومشاكل الدول والشعوب، ويزيل التوتر والصراعات، ويحقق العدالة الاجتماعية، ويقضي على العنصرية، ويتخلص من مئات الرؤوس النووية التي تهدّد البشرية.

الانتخابات الأمريكية في الأغلب يحتدم فيها التنافس بين مرشحين، أحدهما جمهوري والآخر ديمقراطي، والفائز سيحكم الولايات المتحدة الأمريكية بأحزابها وولاياتها ومدنها، بسودها وبيضها، وسيتبع السياسة العليا الأمريكية، التي يرسمها مستشارون ومؤسسات مثل: مجلس الشيوخ ومجلس النواب، والعنوان الرئيسي سيبقى (أمريكا أولاً)، أُعلن أم لم يُعلن.

الناخب الأمريكي يهتم بمن سيدفع اقتصاده إلى الأمام، وينقذه من الركود والبطالة، ويخفّف عنه الضرائب. الناخب الأمريكي يضع أسلوب حياته كأولوية، والقيم الأمريكية كمنظومة مقدّسة، والديمقراطية الأمريكية كمنهج، وباقي المحاور ومنها السياسة الخارجية تبقى ثانوية وتدخل في التفاصيل.

فلا يهمه العلاقات مع كوريا الشمالية ولا مع الصين ولا مع إيران، ولهذا تركز الحملات الانتخابية على الوضع الداخلي أكثر من السياسات الخارجية، ولو أُجريت دراسات عن اهتمام الإنسان الأمريكي بمشاكل العالم الخارجية، ستكون النتائج صادمة.

لماذا إذاً كل هذا الضجيج الإعلامي والتحليلي والسياسي، وجعل العالم يقف على ساق واحدة ؟ لماذا هذا الاهتمام العربي؛ وهو الأكبر، على ما أظن، بين دول العالم بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

والواقع يقول: إن الرئيس الديمقراطي لا يختلف عن الجمهوري، ولننظر ما حدث للعالم العربي خلال العقدين الماضيين، في عهد الرئيس بوش الابن الجمهوري.

فقد تم احتلال العراق؛ بهدف التخلص من (المستبد والديكتاتور) صدام حسين، ونشر الديمقراطية وتحسين حياة الإنسان العراقي، والنتيجة أن العراق لا يزال غارقاً في الفوضى والطائفية والفساد والمحسوبية حتى يومنا هذا.

وفي زمن باراك أوباما الديمقراطي حدث ما يُسمى بـ«الربيع العربي» وسادت الفوضى في خمس دول على الأقل، وازدهرالإرهاب والطائفية والمعارك، وكأن جهنّم فتحت أبوابها، فمات مئات الآلاف، وجُرح وهُجّر الملايين، ولا تزال هذه الدول ترزح تحت نير الفوضى واللاديمقراطية حتى اليوم.

وجاء دونالد ترامب الجمهوري ليحافظ على إرث باراك أوباما الديمقرطي في السياسة الخارجية، ولم يستطع القضاء على الإرهاب والتطرف، ولم يتمكن من تقديم حل عادل لقضية الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي.

ولا يزال الوضع على حاله فيما يتعلّق بعملية السلام منذ ولاية الرئيس بوش الأب؛ حيث تتعدد المبادرات والمشاريع السلمية ولم ينجح أي منها.

 أثبتت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة أمراً واحداً، هو أنها كأي انتخابات تجرى في العالم الثالث؛ حيث الاتهامات بالتزوير وتقديم الطعونات والشك بنزاهة النظام الانتخابي والتظاهرات المؤيدة والأخرى المناهضة.

وهو أمر لا يتكرر كثيراً في الولايات المتحدة، حتى إن البعض بدأ يتحدث عن حرب أهلية وفوضى ستؤثر في العالم أجمع.

 الأزمات التي تمر بها دول عربية عديدة، وخاصة الأزمات التنموية الداخلية وقضايا التعليم والفقر والخدمات والبنى التحتية لن يحلها أي رئيس أمريكي منتخب؛ لأنها بكل بساطة مسؤولية الحكومات والدول والأنظمة المنشغلة بالزعامات والنزاعات الطائفية والقبلية.

وبدلاً من هذا الانشغال بالانتخابات الأمريكية، من الأجدى الاهتمام بتطوير المجتمعات ونظم التعليم والسياسات الصحية وتطبيق قوانين تحمي حقوق الطفل والمرأة وحرية الفرد.

 الأمر المدهش في دول عربية عديدة أنها تربط مصيرها بمصير نتائج الانتخابات الأمريكية، وتؤجل مشاريع وتشكيل حكومات وتطبيق سياسات إلى ما بعد اتضاح الصورة: من سيحكم الولايات المتحدة. وسنتحدث بالعامية قليلاً: يا أخي، هذا الرئيس القادم سيحكم أمريكا وليس بلدك، هذه انتخاباتهم وليست انتخاباتك، رئيسهم وليس رئيسك.

 هذا الاهتمام إن دل على شيء فإنه يدل على الاتكالية على الآخر، في الوقت الذي لن يخدم هذا الآخر أي بلد أكثر من بلده؛ بل إن أي خدمة سيقدمها الرئيس المنتخب لأي بلد في العالم؛ تعتمد على مدى انسجامها مع المصالح العليا الأمريكية.

* د. عبد الله السويجي كاتب وأكاديمي من الشارقة. 

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة، الانتخابات الأمريكية، جورج بوش، باراك أوباما، الجمهوري، الديمقراطي،