استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تفكيك عقدة حماس والدول الخليجية

الثلاثاء 15 ديسمبر 2020 10:47 ص

تفكيك عقدة حماس والدول الخليجية

هو تحدٍّ خَلقته الدول المطبعة (العربية) لنفسها ولا يجوز أن يدفع الفلسطينيون ثمنه من جيوبهم ودمائهم!

صعوبات وتعقيدات تواجهها حماس هي ذاتها التي تواجهها فتح رغم تباين واختلاف البرامج والأدوات في أحيان كثيرة.

التطبيع مستنقع آسن ينبغي للفلسطينيين تجنب الغرق في تفاصيله فيما تتحمل الدول العربية أنظمةً وشعوبًا مسؤولية تفاعلاته وتداعياته على أمنها ومستقبلها.

*     *     *

احتفت حركة حماس بمرور 33 عاما على تأسيسها اليوم الاثنين 14 ديسمبر/ كانون الاول. الانطلاقة تزامنت مع تفجر الغضب الفلسطيني على عرف عالميا بالانتفاضة الفلسطينية المجيدة.

مرت الحركة خلال 33 عاما بمحطات ومنعطفات أسهمت في بلورة فكرها وأدواتها وخطابها السياسي، لتتحول الى رقم سياسي وعسكري يستحيل تجاوزه في المشهد الفلسطيني والاقليمي والدولي.

فحركة حماس باتت أكثر نضجًا من الناحية السياسية والفكرية والعسكرية بعد "الربيع العربي"، لتتبلور كحركة تحرر وطني فلسطيني بمرجعية إسلامية، مقدمةً تجرتها ونموذجها الخاص كحركة بعيدًا عن الصراعات العربية، والحروب الأهلية المستعرة.

المخاض لم يكن سهلًا، وتخلله الكثير من العثرات والأخطاء؛ فالنضج السياسي والفكري لم يتشكل إلا عبر مخاض عسير كان ممتلئًا بالكلف والدروس والضغوط التي لم تؤد الى انحراف البوصلة عن الهدف الاساس الذي تشكلت الحركة على وقع اتجاهه في الانتفاضة الأولى عام 1987.

تطورٌ أكد في وثيقة مكتوبة وعَرَّف حماس كحركة تحرر وطني بمرجعية إسلامية، متجنبةً بذلك الصراعات والحروب، والإشكالات المندلعة في العالم العربي في أعقاب "الربيع العربي".

النجاح برز واضحًا في قدرة الحركة على تجاوز أزمة العلاقات العربية، والصراعات الداخلية بإقامة علاقات متينة مع الدولة المصرية، وإنشاء تحالفات قوية مع ايران وتركيا في آن واحد، وإبداء الرغبة في الانفتاح على النظام السوري.

ورغم التباين والخلافات بين القوى الإقليمية الثلاث (مصر وإيران وتركيا)، احتفظت حماس بعلاقات إيجابية، وهو نجاح يحسب للحركة، ويسجل لها وللقوى الثلاث التي لم تضع حماس أمام خيارات صعبة (إما معي أو ضدي).

رغم النجاح النسبي في التعامل مع ملف القوى الإقليمية الثلاث، ورغم نجاحها في تجاوز العقدة الأردنية بفك الارتباط عن "إخوان الأردن"، والإعلان عن الاستقلال التام في الرؤية والأهداف، إلا أن الحركة واجهت سدًّا منيعًا في منطقة الخليج العربي في السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين.

فرغم العلاقات الممميزة مع دولة قطر فإن الحركة لم تنجح في تجاوز العقدة الخليجية بالكامل، فبقيت ضمن دائرة الاستقطاب السلبي على عكس الحالة المصرية الإيرانية التركية التي انضمت لها روسيا فيما بعد.

عقدةٌ لم تعان منها حماس فقط، بل عانت منها حركة فتح و"السلطة" ومنظمة التحرير الفلسطينية، فاقمها موجة التطبيع التي قادتها مؤخرًا أبو ظبي، ووضعت علاقة "السلطة" وعددًا من دول الخليج على المحك مع "السلطة"، جنبًا إلى جنب مع الواقع الفلسطيني المشتبك مع الاحتلال.

الصعوبات والتعقيدات التي تواجهها حركة حماس هي ذاتها التي تواجهها حركة فتح، رغم تباين واختلاف البرامج والأدوات أيضا في كثير من الأحيان.

إذ لم يشفع التنسيق الأمني أو اتفاق أوسلو لحركة فتح، ولم يُعنها على تجاوز ذات التعقيدات التي تواجهها حماس، زد على ذلك أن أبو ظبي لم تنجح في استنساخ الدور القطري، سواء مع حماس أم فتح؛ ذلك أنها واجهت استعصاءً كبيرًا بقي غامضًا، وغير مفهوم حتى اللحظة.

القضية المحك التي ستبقى التحدي الاساس للقوى الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا فتح وحماس خلال المرحلة المقبلة من العقد الثالث للقرن الواحد والعشرين، إلى جانب إتمام المصالحة، هي التوافق على برنامج سياسي تحرري مشترك تمثل بالعقدة الخليجية والتطبيع العربي!

تحدٍّ كبير يقابله تحدٍّ تهاوت دونه القلاع العربية الواحدة تلو الأخرى؛ مواجهةٌ تخشى القوى الفلسطينية الغرق في تفاصيلها؛ وبمعنى أدق: الخشية من إعادة إنتاج مشهد الاستنزاف، والغرق في مستنقع الخلافات العربية، والرؤى القاصرة؛ فأزمة الدول العربية، والاختراقات الامنية والسياسية الصهيونية، والهيمنة المرافقة لها يجب أن تتحمل أعباءَها الأنظمة والشعوب العربية لا الفلسطينيين بشكل يستنزف قدراتهم وطاقاتهم المحدودة.  

الدول العربية شعوبًا وأنظمة ستعاني من هيمنة صهيونية يصعب قياس تأثيرها وخطورتها، ومدى تهديدها أمن هذه الدول، فضلًا عن استقرارها على المدى القريب المنظور.

فمشروع التبعية والإلحاق الذي يسعى الكيان إلى تطبيقه على الدول المطبعة سيقود حتمًا إلى درجات متباينة من التوتر داخل الدول العربية نفسها، بل بين الدول العربية والإقليمية في المنطقة؛ ما يعني أن هذا الملف سيتحول إلى عبء لا تستطيع حركات التحرر الفلسطيني تحمل مَغَبَّته؛ لأنه منوط بيقظة الدول العربية وقِواها الاجتماعية.

فالتطبيع مستنقع آسن ينبغي للفلسطينيين تجنب الغرق في تفاصيله، فيما يتوجب على الدول العربية -أنظمةً وشعوبًا- تحمل كامل المسؤولية عن نتائجه وتفاعلاته وتداعياته على أمنها ومستقبلها المنظور.

فهو إذن تحدٍّ خَلقته الدول المطبعة (العربية) لنفسها، ولا يجوز أن يدفع الفلسطينيون ثمنه من جيوبهم ودمائهم!

* حازم عياد كاتب صحفي أردني

المصدر | السبيل

  كلمات مفتاحية

التطبيع، الخليج، فلسطين، حماس، الدول المطبعة، فتح، السعودية، مصر، تركيا، إيران،