استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التنمية الإنسانية وتحديات «الانثروبوسين»

الأربعاء 30 ديسمبر 2020 11:31 ص

التنمية الإنسانية وتحديات «الانثروبوسين»

يعتقد علماء أننا نشهد نهاية عصر الهولوسين الجيولوجي المستمر منذ 12 ألف سنة بعد نهاية العصر الجليدي الأخير.

هل سندخل عصرا جيولوجيا جديدا هو "الانثروبوسين" حيث يسيطر البشر على نحو غير مسبوق في التأثير على الطبيعة والبيئة المحيطة؟!

يُبرز مصطلح أنثروبوسين تأثيرات بيئية لثورة صناعية بدأت في القرن 19 وغيرت بعمق الحياة والموارد والمدن وعلاقة الإنسان بالبيئة والكائنات الأخرى.

*     *     *

صدر في منتصف الشهر الجاري تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية 2020 بعنوان التنمية الإنسانية والانثروبوسين. ويعتبر هذا التقرير الأكثر أهمية في المؤشرات العالمية للقضايا الأساسية في التنمية، إذ يقدم خريطة طريق واضحة للأمم لتلاحظ الإنجاز والتقصير ومواضع الخلل في أدائها التنموي المتعلق بالصحة والتعليم والنمو الاقتصادي والتكامل الاجتماعي.

ويختار التقرير موضوعاً رئيسياً من قضايا التنمية ليكون قضية العام، وكان الموضوع الرئيسي للتقرير الأخير هو التحديات البيئة الناشئة عن النشاط الاقتصادي والسياسي للإنسان المعاصر.

ويستخدم مصطلح الانثروبوسين للدلالة على التأثيرات البيئية المصاحبة للثورة الصناعية التي بدأت في القرن الثامن عشر، وأحدثت تغييراً عميقاً في الحياة والموارد والمدن وعلاقة الإنسان بالبيئة المحيطة والكائنات الحية الأخرى.

وكانت جائحة «كوفيد-19» واحدة من الأمراض غير المألوفة والنتائج المروعة لاختلالات علاقات الإنسان مع الحياة البرية، وهي تفاعلات تزايدت على نحو متسارع مستخدمةً تكنولوجيا وإمكانيات ومعارف جديدة ضغطت على الطبيعة والنظم البيئية، وأطلقت فيروسات وأمراضاً لم يعرفها الإنسان من قبل.

إن أسباب الأمراض والأوبئة الجديدة لم تنزل من السماء، لكنها بطبيعة الحال تعكس أساليب الحياة والموارد وأنظمة التجارة والاقتصاد الجديدة التي جعلت العالم مرتبطاً ببعضه بعضاً على نحو غير مسبوق.

وقد أظهر الوباء أهمية السلام والانسجام الطبيعي والبيئي في هذا الكوكب والحياة القائمة عليه، وبالطبع فقد كانت التحديات والتغيرات المناخية على مدى التاريخ أساساً لتحولات كبرى في مسار ومصير الأمم، لكننا اليوم نملك من المعرفة والفرص ما يجعلنا أكثر وعياً وقدرة على استيعاب هذه التحديات وإدارتها، وكذلك ترشيد الاقتصاد والسياسة والثقافة في اتجاه الحفاظ على الحياة والكوكب على نحو شمولي ومعقد.

يشير التقرير إلى التغيرات والظواهر المناخية والبيئية الجديدة في العالم مثل الأعاصير في عددها وسرعتها وتأثيرها على البيئة والمدن والشواطئ والجزر، وكذلك التدهور البيئي الكبير الحادث في جميع أنحاء العالم، مثل التصحر والجفاف، وتعرض كائنات حية لخطر الانقراض وانقراض بعضها بالفعل، والإضرار بالتنوع البيولوجي للكوكب.

ويعتقد العلماء أننا نشهد نهاية العصر الجيولوجي (الهولوسين) المستمر منذ 12 ألف سنة، وأننا ندخل في عصر جديد هو الانثروبوسين، وفيه يسيطر البشر على نحو غير مسبوق في التأثير على الطبيعة والبيئة المحيطة.

وهنا يقف التقرير بقوة خلف مسألة ترشيد السلوك الإنساني لأجل التأثير الإيجابي في البيئة. ومن الأفكار والسياسات التي يقترحها التقرير اتخاذ التدابير المؤدية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناشئ عن النشاط الإنساني في الكوكب، مثل المصانع وتقليص مساحات الغابات والنباتات التي تشكل غطاءً بيئياً للأرض يحافظ على نظامها البيئي المتوازن.

وتطوير التعليم والتكنولوجيا في اتجاه زيادة قدرة الإنسان على تحسين حياته من غير إضرار بالطبيعة والبيئة، ومواجهة ظواهر وحالات الفقر وعدم المساواة والتطرف التي تدفع بالمجتمعات الإنسانية والأفراد إلى خيارات متطرفة تضر بالذات وبالطبيعة.

إن اختيارات الإنسان وأفكاره واتجاهاته المؤثرة تتشكل من خلال القيم المنظمة للحياة والأعمال، وحين تكون هذه القيم مستمدةً من الحفاظ على الحياة الطبيعية والكوكب، وحماية التنوع، فإنها بطبيعة الحال تؤثر جوهرياً على الاقتصاد والسياسة.

ومرجح إن لم يكن مؤكداً أن القيم التي صاحبت الثورة الصناعية سواء في وعي الذات أو في العلاقة مع الطبيعة أنشأت حالة من العداوة والتناقض بين الإنسان والطبيعة. ففي سعي الإنسان إلى زيادة موارده دون اعتبار للطبيعة والكائنات الحية أو ما يلحقه النشاط الإنساني من ضرر تصاعد الضرر والتلوث وعدم المساواة والكراهية.

وفي الوقت الذي تقدمت أمم كثيرة وزاد النمو الاقتصادي، لحق الظلم والضرر بأمم أخرى وبأجزاء واسعة من الكوكب، مثل الغابات والبحار والشواطئ والجرز والهواء ونوعية الحياة.

ويؤكد تقرير الأمم المتحدة أن النمو الاقتصادي وسيلة وليس غاية، ومن ثم فإن المقياس الحقيقي للتقدم والسعادة هو نوعية الحياة.

* إبراهيم الغرايبة كاتب وباحث أردني.

المصدر | الاتحاد

  كلمات مفتاحية

البيئة، التنمية الإنسانية، هولوسين، أنثروبوسين، التلوث، الكراهية، الطبيعة، الاقتصاد، الثورة الصناعية،