استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إنهاء الإقراض.. كارثة للاقتصاد

الأحد 10 يناير 2021 06:26 م

إنهاء الإقراض.. كارثة للاقتصاد

كم يتطلب الأمر من الإقراض لوقف ذعر اقتصادي؟

إن الذعر كثيراً ما يتم إنهاؤه فقط من خلال الوعد بتوفير المال إن كانت ثمة حاجة إليه بدون حاجة لكتابة أي شيكات.

الأسواق المالية ليست في أزمة حاليًا بل إن الأسهم ارتفعت بشكل مهم منذ فوز بايدن، متحديةً توقعات ترامب الكارثية!

يحاول مسؤولو ترامب إضعاف الاقتصاد مما يعبّد الطريق لأزمة مالية ممكنة في عهد إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.

معظم الأموال التي رُصدت لبرامج الإقراض المخصصة لحالات الطوارئ لم تُستخدم أبداً فعليًا وعليه فالتساؤل: ما المشكلة إذن؟

صعب النظر إلى خطوة منوشن باعتبارها أي شيء سوى محاولة لزيادة احتمالات كارثة تحت رئاسة من سيخلف ترامب.

*     *     *

كنا جميعاً نعلم أن رد فعل دونالد ترامب على الهزيمة سيكون سيئاً، لكن رفضه الاعتراف بالهزيمة، وأضرار غضبه، واستعداد غالبية الحزب الجمهوري لمسايرته.. كل ذلك تجاوز حتى أكثر التوقعات تشاؤماً.

 وهو في طريقه نحو باب الخروج، يحاول مسؤولوه، من بين أشياء أخرى، إضعاف الاقتصاد، ما يعبّد الطريق لأزمة مالية ممكنة في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن.

وبالنسبة لغير العارفين، فإن إعلان وزير الخزانة ستيفن منوشن المفاجئ إنهاء الدعم لعدد من برامج الإقراض المخصصة لحالات الطوارئ التي أنشئت في مارس الماضي قد لا يبدو مهماً كثيراً.

فعلى كل حال، الأسواق المالية ليست في أزمة حالياً، بل إن الأسهم ارتفعت بشكل مهم منذ فوز بايدن، متحديةً توقعات ترامب القائلة بأن «مدخرات الأميركيين ستذهب إلى الجحيم» إن خسر هو الانتخابات. وعلاوة على ذلك، فإن معظم الأموال التي رُصدت لتلك البرامج لم تُستخدم أبداً في الواقع. وعليه، فالتساؤل هو: ما المشكلة إذن؟

الواقع أن «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يدير تلك البرامج، اعترض بشدة، وذلك لسبب وجيه؛ إذ أن «الاحتياطي» يعرف الكثير عن الأزمات المالية وما يتطلبه الأمر من أجل وقفها، و«منوشن» يحرِم البلاد من الأدوات التي يمكن أن تكون أساسية في الشهور والسنوات المقبلة.

في القديم، ما نسميه حالياً أزمات مالية كان يشار إليه عموماً بـ«الذعر»، مثل ذعر 1907، وهو الحدث الذي أدى إلى إنشاء «الاحتياطي الفدرالي». وأسباب الذعر متنوعة جداً، وبعض حالاته ليس لها سبب واضح، غير أنها تشترك في الكثير من القواسم المشتركة. ذلك أنها جميعها تتعلق بفقدان الثقة الذي يجمّد تدفق المال عبر الاقتصاد، مع ما ينطوي عليه ذلك في أحيان كثيرة من تأثيرات وخيمة على النمو والوظائف.

لماذا تحدث هذه الأشياء؟ الواقع أن حالات الذعر لا تعكس نفسية الجمهور بالضرورة، وإن كان ذلك يلعب دوره أحياناً. لكننا في الغالب الأعم نتحدث عن نبوءة ذاتية التحقق، تنتج فيها الأعمالُ العقلانية الفردية نتيجة كارثية جماعية.

ففي حالة الذعر المصرفي، مثلا، يتهافت المودعون على سحب ودائعهم من البنك، حتى وإن كانوا يعتقدون أن البنك في وضع مالي سليم أصلا، لأنهم يعرفون أن الذعر المصرفي نفسه يمكن أن يتسبب في انهيار المؤسسة.

وهنا يأتي دور وكالات عامة مثل الاحتياطي الفيدرالي. فنحن نعلم منذ القرن التاسع عشر أن هذه الوكالات تستطيع، وينبغي لها، أن تُقرض اللاعبين المفتقرين للسيولة خلال ذعر مالي، من أجل وقف دوامة الموت.

كم يتطلب الأمر من الإقراض لوقف ذعر اقتصادي؟ في أحيان كثيرة، لا يتطلب الكثير. بل إن الذعر كثيراً ما يتم إنهاؤه فقط من خلال الوعد بتوفير المال إن كانت ثمة حاجة إليه، بدون الحاجة إلى كتابة أي شيكات.

في عام 2012، كانت هناك أزمة مالية منفلتة في معظم أوروبا الجنوبية حيث رأت بلدان مثل إسبانيا قدرتها على الاقتراض تنهار ومعدلات الفائدة على ديونها ترتفع. غير أن هذه البلدان لم تكن مفلسة في الواقع، ولم يكن وضع إسبانيا المالي أسوأ من وضع بريطانيا، التي كانت قادرة على الاقتراض بمعدلات فائدة منخفضة جداً.

لكن إسبانيا، التي ليست لديها عملة خاصة بها (تستخدم اليورو)، كانت موضوع نوبة ذعر محقِّقة لذاتها، في وقت هدّد فيه المستثمرون الخائفون من أن ينفد مخزون البلاد من السيولة متسبباً في النتيجة نفسها التي كانوا يخشونها. وبالمقابل، كانت بريطانيا، التي تستطيع طباعة عملتها الخاصة، محصّنة وفي مأمن من هذه الأزمة.

غير أنه في يوليو 2012، وعد ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، وهو النظير الأوروبي لـ«الاحتياطي الفدرالي»، بـ«فعل كل ما يلزم» من أجل إنقاذ اليورو، وهو ما فسّره الجميع على أنه التزام بإقراض بلدان الأزمة المال إن اقتضى الأمر. وهكذا، انتهت الأزمة فجأة، رغم أن البنك لم يقم بأي إقراض في نهاية المطاف.

وقد حدث شيء مماثل هنا في الولايات المتحدة الربيع الماضي. فلبضعة أسابيع في مارس وأبريل الماضيين، وبينما كان الذعر ينتاب المستثمرين بسبب الوباء، ترنحت أميركا على حافة أزمة مالية كبرى.

لكن «الاحتياطي الفدرالي»، تدخل، مدعوماً بوزارة الخزانة، وأعلن عن برامج جديدة تعرض شراء أصول مثل سندات الشركات وديون البلدية. وفي النهاية، لم يُستخدم الكثير من المال، لكن التطمين بأن المال موجود إن كانت هناك حاجة إليه أدى إلى استقرار الأسواق، ثم سرعان ما تلاشت الأزمة.

وحتى الآن، الأمور على ما يرام. لكن في حال لم تلاحظ ذلك، فإن الوباء عائد وبقوة، وحالات دخول المستشفى باتت الآن أعلى مما كانت عليه في الربيع وتزداد بسرعة.

وربما لن يؤدي الارتفاع الجديد في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد إلى أزمة مالية ثانية، فعلى كل حال، نعلم الآن أن اللقاح بدأ في الظهور. لكن خطر الأزمة لم يختف، ومن الجنون بكل بساطة إزالة الأدوات التي قد نحتاجها لمحاربة مثل هذه الأزمة.

قول «منوشن» بأنه لم تعد هناك حاجة للمال قول غير منطقي، ومن غير الواضح ما إن كان خلَفه سيكون قادراً على إلغاء قراراته بسهولة. وأخذاً في الاعتبار كلَّ ما يحدث، فمن الصعب النظر إلى خطوة منوشن باعتبارها أي شيء سوى محاولة لزيادة احتمالات كارثة تحت رئاسة من سيخلف ترامب.

قبل هذه الخطوة، كان يبدو كما لو أن منوشن واحد من المسؤولين القلائل الذين استطاعوا الخروج من الخدمة تحت رئاسة ترامب دون أن يدمروا سمعتهم بشكل كامل. لكن الآن يبدو أنه قد انضم إلى صفوف الموالين لترامب المصممين على إثارة المتاعب للبلاد وهم في طريقهم قريباً نحو باب الخروج.

* د. بول كروغمان كاتب وأكاديمي أميركي حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد.

المصدر | خدمة «نيويورك تايمز»

  كلمات مفتاحية

الإقراض، الاقتصاد، ترامب، بايدن، الاحتياطي الفيدرالي، برامج الإقراض، حالات الطوارئ، منوشن،