تغييرات حزبية.. هل تشكل المعارضة المصرية الجديدة تهديدا للسيسي؟

الاثنين 11 يناير 2021 11:03 م

يعود بعض أعضاء البرلمان المصري السابقين إلى المسرح السياسي، رغم المخاوف من الصعوبات التي يتوقعون مواجهتها. وبعد أن مثلوا دوائرهم كمستقلين طوال حياتهم السياسية، يعود العديد منهم من داخل أحزاب المعارضة في البلاد.

وقال النائب البرلماني السابق "هيثم الحريري" لـ "المونيتور": "المعارضة القوية علامة على وجود نظام سياسي سليم. وآمل ألا ترتكب الحكومة خطأ بإظهار عدم التسامح مع هذه المعارضة".

وخسر "الحريري"، وهو من مدينة الإسكندرية الانتخابات البرلمانية الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني. ومثل غيره من أعضاء البرلمان الخاسرين، وخاصة منتقدي الحكومة الصريحين، شعر "الحريري" أن هناك لعبة قذرة دارت خلف الكواليس.

وقرر "الحريري" في ديسمبر/كانون الأول الانضمام إلى "التحالف الشعبي الاشتراكي"، الحزب السياسي الذي ساعد والده في تأسيسه عام 2011. ويتوقع "الحريري" أن يتم ترقيته إلى منصب قيادي داخل الحزب قريبا.

ويفعل أعضاء آخرون خاسرون في انتخابات مجلس النواب الأخيرة الشيء نفسه فيما يشكل ظاهرة على المسرح السياسي في مصر.

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول، أصبح النائب السابق "أحمد الطنطاوي"، من محافظة كفر الشيخ بدلتا النيل، رئيسا لحزب "الكرامة"، الحزب السياسي الناصري الذي ينتمي إليه المرشح الرئاسي السابق "حمدين صباحي".

وتمت ترقية أعضاء صغار آخرين من نفس الحزب إلى مناصب قيادية فيما يرقى إلى تجديد الدماء في حزب ظهر عام 2011 بآمال كبيرة، قبل أن يشهد تحطم هذه الآمال الواحدة تلو الأخرى بسبب التنافس الشديد بين الإسلاميين والجيش.

وانضم أعضاء سابقون آخرون في البرلمان إلى الأحزاب السياسية مثل النائب السابق "محمد فؤاد"، الذي انضم إلى "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" في سبتمبر/أيلول 2020.

ويشترك هؤلاء النواب السابقون في المرارة التي يشعرون بها لخسارة الانتخابات وفي هدفهم المتمثل في تقوية المعارضة العلمانية وتزويد المصريين ببديل للقوتين المتنافستين على حكم مصر منذ عقود عديدة، الجيش والإسلاميون.

وقال خبير علم الاجتماع السياسي "سعيد صادق" لـ "المونيتور": "إن وجود هؤلاء النواب السابقين داخل الأحزاب السياسية سيعطي المزيد من الطاقة لهذه الأحزاب". وبذلك، يعيد هؤلاء السياسيون الشباب إحياء الآمال في وجود معارضة قوية على المسرح السياسي المصري وحياة سياسية أكثر حيوية.

وتضم مصر أكثر من 100 حزب سياسي، تأسس معظمها بعد انتفاضة 2011 التي أنهت حكم المستبد الراحل "حسني مبارك". ومع ذلك، فإن وجود الأحزاب السياسية ضعيف على المسرح السياسي وكذلك بين الناس العاديين. ويقول قادة الأحزاب السياسية إن سبب ذلك هو عدم وجود مساحة للأحزاب للعمل والتواصل مع الجمهور.

وقال رئيس "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" "فريد زهران": "تعمل الأحزاب السياسية في ظل قيود مكثفة من قبل الأجهزة الأمنية، فضلا عن تشويه سمعتها عبر وسائل الإعلام الموالية للحكومة".

وكان 16 حزبا سياسيا منها فقط ممثلة في البرلمان السابق. وسيتم تمثيل 13 حزبا فقط في البرلمان الجديد الذي سينعقد في وقت لاحق من الشهر الجاري. ومن المرجح أن يكون هذا البرلمان الجديد تحت سيطرة حزب موالي للرئيس "عبدالفتاح السيسي"، وهو حزب "مستقبل وطن".

ويثير هذا المخاوف من تكرار الممارسات السياسية السائدة في عهد "مبارك"، الذي فرض حزبه الوطني الديمقراطي سيطرة كاملة على الحياة السياسية في مصر. وقال "زهران": "نشهد عودة حزب مبارك ولكن بشكل أو اسم آخر".

ومثلت الحالة السياسية في الأعوام الماضية سببا لمصداقية هذه المخاوف، لا سيما منذ وصول "السيسي" إلى السلطة منتصف عام 2014. ودخل قائد الجيش الذي تحول إلى رجل سياسي إلى الساحة السياسية في وقت تشهد فيه استقطابا كبيرا.

وقاد "السيسي" الجيش في دعم الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس الراحل "محمد مرسي" منتصف 2013. وانتهى ذلك بالإطاحة بـ "مرسي"، الأمر الذي لا يزال يثير الجدل حتى يومنا هذا. ثم سحق "السيسي" جماعة "الإخوان المسلمين" وزج بالآلاف من أتباعها في السجن.

وبدأ "السيسي" إصلاحات اقتصادية كبيرة أنقذت الاقتصاد، لكنها كانت صعبة للغاية على جيوب المصريين، لا سيما الشريحة الأكثر فقرا. كما أعاد مصر إلى المسرح العربي والأفريقي والعالمي.

ومع ذلك، فقد أظهر "السيسي" القليل من التسامح مع المعارضة وحرية التعبير. وأعرب عن أمله عدة مرات في أن تصبح الأحزاب السياسية في بلاده قوية، ولكن في جوهر الأمر اشتكت الأحزاب السياسية من تقلص الحريات. لهذا السبب ينظر الكثير من الناس إلى تجميع أعضاء البرلمان السابقين في أحزاب سياسية كبارقة أمل.

لكن محللين قالوا إنه من غير المؤكد ما إذا كان هؤلاء الأعضاء السابقون قادرين على تهديد قبضة "السيسي" على السلطة، بالنظر إلى الهامش الضئيل للغاية المتاح للأحزاب السياسية للتواصل مع الجمهور. وقال "صادق": "أعتقد أن نجاح هؤلاء النواب السابقين يتوقف على ما إذا كان النظام السياسي الحالي سيسمح لهم بالقيام بذلك".

ويواصل شباب مصر الساخطون، خاصة أولئك المحبطين من فشل انتفاضة 2011، الامتناع عن المشاركة السياسية. وقد أصبح معظم رموز يناير في السجن الآن. ولا يزال الآخرون يراقبون ويرفضون أن يكونوا جزءا من الحياة السياسية التي لا مكان فيها لأولئك الذين لا ينتمون إلى الجيش أو الإسلاميين في البلاد.

ويحاول "السيسي" إشراك شباب بلاده سياسيا عبر سلسلة من المؤتمرات الشبابية. كما تقدم الأكاديميات التابعة للجيش تدريبات سياسية ومهنية للمئات من الشباب لخلق جيل جديد من القادة داخل مؤسسات الدولة.

وقال محللون إن أحزاب المعارضة، التي جددت دماءها من خلال أعضاء البرلمان السابقين، يمكنها في الوقت نفسه جذب بعض الشباب الساخطين في البلاد.

وقال "تيسير مطر"، رئيس حزب "إرادة جيل"، عضو مجلس الشيوخ المصري، لـ "المونيتور": "إن الأحزاب السياسية قادرة على جذب الشباب إليها. لكنها بحاجة إلى صياغة استراتيجيات قوية لتدريب هؤلاء الشباب لإعدادهم للانتخابات".

ومن جهته قال "طنطاوي" إنه سيعمل على جعل حزبه يعبر عن تطلعات ثورة 2011. وقال إن حزب "الكرامة" سيدفع بالعديد من أعضائه الشباب في الانتخابات، بما في ذلك الانتخابات البلدية المقبلة.

وقال "طنطاوي" في تصريحات لصحيفة "مدى مصر" المستقلة على الإنترنت إن "جعل صناديق الاقتراع حكما ليس بالأمر السهل. ومع ذلك، لا يمكننا قبول إرساء أسس الاستبداد". ولم يتم تحديد موعد الانتخابات البلدية بعد. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قال "السيسي" إن الانتخابات ستجرى في أوائل عام 2019.

وأكد "الحريري" أنه سيقود حزبه إلى مزيد من التواجد على الساحة السياسية، بما في ذلك من خلال التخطيط للانتخابات المقبلة. وقال: "نحن مستعدون للمشاركة في الانتخابات البلدية. ومع ذلك، آمل ألا تجعل السلطات هذه الانتخابات نسخة من الانتخابات البرلمانية الأخيرة من خلال السماح فقط للمرشحين الذين يرغبون في فوزهم".

المصدر | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات البرلمانية المصرية مجلس النواب شباب الأحزاب حزب الكرامة أحمد الطنطاوي هيثم الحريري

دعا لخروج الجيش من الاقتصاد والسياسة.. اعتقال المفكر المصري أمين المهدي

بذكرى تنحي مبارك.. معارضون مصريون يعلنون تحالفا جديدا لإسقاط السيسي

السيسي ينتقم من نواب معارضين سابقين وحاليين.. كيف؟