استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تركة ثقيلة.. أهم الملفات أمام إدارة أمريكية جديدة

الثلاثاء 19 يناير 2021 10:46 ص

التركة الثقيلة.. أهم الملفات أمام الإدارة الأمريكية الجديدة

التفاؤل بأن رحيل ترامب سيعيد الاستقرار أمريكياً وعالمياً مبالغة في غير محلها ترامب كان عرضاً لعصر الأفول الأمريكي.

لا شك أن إدارة بايدن ستكون كحبة مسكن أمام آلام مخاض النظام العالمي الجديد، ولكن التحولات الكبرى عالمياً ما زالت أمامنا.

ترامب يرحل وأخيراً عن واشنطن تاركاً وراءه حطاماً سياسياً لا يبدو أن إعادة إعماره بالكامل ستكون مهمة سهلة أو حتى ممكنة للإدارة القادمة.

*     *     *

خلال يومين من نشر هذا المقال يرتقي بايدن منصة يتم تركيبها كل أربع سنوات على عتبات مبنى كابيتول هيل في واشنطن، لتستضيف الرئيس السابق واللاحق ومختلف المدعوين، في مظهر احتفالي حاشد يجسد الوجه المشرق للديمقراطية الأمريكية.

لكن وللمرة الأولى منذ البدء بهذا التقليد يتم ذلك من أمام مبنى جريح، وعلى أنقاض مجزرة في حق المؤسسة الأمريكية، واشنطن تبدو كمدينة محاصرة، مظاهر الجنود في الشوارع تشبه تلك التي يشهدها العالم النامي في الدول الهشة والقمعية، والتهديدات التي تتعامل معها الأجهزة الأمنية ترسم صورة قاتمة لما وصلت إليه الحالة السياسية في دولة كانت تحب أن تطلق على رئيسها صفة "قائد العالم الحر".

يقسم بايدن على حماية الجمهورية وقيمها هذه المرة والحاضر الغائب هو الرئيس الذي انتهك كل عرف سياسي وقعت يداه عليه، بعيداً عن المشهد، يلعب الغولف بعد أن ألقى عود ثقابه الأخير في النار التي أكلت الصورة الرومانسية لدولة المؤسسات والحريات.

بعيداً عن سلوك الرئيس المنصرف ومفاجآته التي لا تنقطع حتى مع مغادرته واشنطن، يواجه بايدن ملفات ساخنة كثيرة بدأ العمل عليها قبل يومه الأول في البيت الأبيض، ربما يكون أبرز هذه الملفات داخلياً هو الاستقطاب الحاد بين اليمين واليسار.

ما يجري اليوم في الولايات المتحدة ليس مواجهة بين ترامب ومؤيديه والمجتمع، بل هو في الحقيقة نتاج لتحول تدريجي نحو طرفي المحور السياسي على اليمين واليسار.

مع تولي بايدن وهو يمثل تيار يسار الوسط في الحزب الديمقراطي، يحتكر الخطاب السياسي المتطرفون من الجانبين، اليمين المتطرف الأمريكي يشكك في شرعيته ويهدد بتقويض سلطته، واليسار المتطرف يطالبه بخيارات تقدمية وقرارات حادة ستلهب لا شك الصراع بين الطرفين.

ستكون أبرز محطات هذا الملف المحاكمة المرتقبة للرئيس السابق في مجلس الشيوخ والتي ستمثل مسرحاً للاستقطاب الأمريكي هي وما سيرافقها من مظاهرات ومواجهات وتهديدات إرهابية محلية، يحتاج بايدن في هذا الملف إلى ضمان أمرين:

الفصل بين رئاسته والمحاكمة، والبعد عن الاستفزاز المباشر للجمهوريين خلال الفترة الأولى من حكمه، ومحاولة التأسيس لخطاب وحدة وطنية يتجاوز الخطوط الحزبية.

كذلك على المستوى المحلي تمتزج الأزمة الصحية بالاقتصادية تحت عنوان جائحة كورونا، الفوضى التي خلفتها سياسات سلفه في التعامل مع الجائحة وآثارها بحاجة إلى قيادة حاسمة وإجراءات سريعة.

مبدئياً أعلن بايدن وفريقه أن إجراءات عديدة ستكون على طاولة مكتب الريزلوت في البيت الأبيض، بدءاً من إلزامية لبس الكمامات، مروراً بتسريع توزيع اللقاحات، وانتهاءً بحزمة المساعدات للمواطنين الأمريكيين.

كل هذه الإجراءات ليست مجانية ولن تمر بسهولة، هناك مقاومة لدى اليمين الأمريكي لأبسط الإجراءات الصحية، وفاتورة المساعدات باهظة الثمن في اقتصاد يعاني مع آثار كورونا المباشرة، ومع تجاوز عدد ضحايا هذا الفيروس قتلى الحرب العالمية الثانية من الأمريكيين لا يبدو الضوء في نهاية النفق قريباً.

أما خارجيا، فلا تقل الملفات تعقيداً، بايدن كان يطمح إلى أن يتمكن سريعاً من استعادة الهيبة والسمعة الدولية بعد أربع سنوات ظهرت فيها الولايات المتحدة بمظهر الطفل الضخم الغاضب.

لكن ترامب استغل آخر أيامه في البيت الأبيض لرسم صورة غاية في التعقيد في المشهد الدولي، عقدت قراراته الأخيرة بعقوبات جديدة على إيران ملف العودة للاتفاق النووي، وقراره تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية إنهاء حرب اليمن، وقراره حيال تايوان إمكانية تجاوز سيناريو المواجهة الاقتصادية والسياسية مع الصين، بالإضافة إلى العديد من الملفات الأخرى.

إلا أن بايدن وفريقه سيستفيدون من الحاجة الحثيثة لدى حلفاء واشنطن إلى عودتها إلى سلوكها التقليدي وسياستها الخارجية المنضبطة، ما يعني أن أطرافاً مثل الاتحاد الأوروبي ستوفر دعماً لجهود السياسة الخارجية لبايدن.

سيسعى بايدن في فترته الأولى إلى تسجيل انتصارات دبلوماسية من خلال المساعي السلمية لإنهاء التوتر والأزمات، ولديه عدد من الملفات التي يمكن أن يحقق فيها تحولاً سريعا.

أهم ما يركز عليه بايدن الآن هو العودة إلى الأدوار القيادية الأمريكية في المجتمع الدولي، ولا شك أن بوابة المنظمات الدولية ستكون الأنجع بالنسبة له من خلال العودة إلى دعم الوكالات الدولية والاتفاقات التي انسحب منها ترامب.

ولعل ملف المصالحة الخليجية، والذي كان سيمثل انطلاقة جيدة لبايدن وفريقه لو تم في أيامه الأولى، أزال أحد أهم التعقيدات في تحالفات الولايات المتحدة، خاصة وأنه من غير المتوقع أن تضع هذه الإدارة ملف الخليج على رأس قائمة الأولويات في السياسة الخارجية.

يحبس قطاع واسع من الأمريكيين أنفاسهم على أمل أن يمر حفل التنصيب المتواضع دون كارثة أخرى، لكن بايدن وفريقه يواجهون قائمة طويلة من التهديدات والتحديات التي تقطع الأنفاس، المبالغة في التفاؤل بأن رحيل ترامب سيعني عودة الاستقرار أمريكياً وعالمياً في غير محلها.

ترامب كان عرضاً لعصر الأفول الأمريكي، لا شك أن إدارة بايدن ستكون كحبة مسكن أمام آلام مخاض النظام العالمي الجديد، ولكن التحولات الكبرى عالمياً ما زالت أمامنا، ها هو ترامب يرحل وأخيراً عن واشنطن تاركاً وراءه حطاماً سياسياً لا يبدو أن إعادة إعماره بالكامل ستكون مهمة سهلة أو حتى ممكنة للإدارة القادمة.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر.

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

أمريكا، ترامب، بايدن، الأفول الأمريكي، التحولات الكبرى، النظام العالمي الجديد، الخليج،