تدجين كورونا
«حتى إذا تمّ اكتشاف الأصل، فإن المتغيرات الجديدة للفيروس تعني أننا سنعيش مع كورونا إلى الأبد».
العالم «سيتصالح» مع استمرار الوباء عبر اللقاحات الفعالة، التي قد تدخل عليها تعديلات لمواكبة تحورات الفيروس.
هل وصل العالم لقناعة بأن الفيروس لم يولد ليموت وأن الحل هو تدجينه بتجريده من الشحنة القاتلة فيه وتحويله لأنفلونزا أخرى نتقيها بالتطعيمات؟
حذرت الصين من تسييس مهمة الفريق الأممي أو يجري توظيف تقارير الفريق ضد سياساتها في التعامل مع الوباء لدى ظهوره.
أثيرت شكوك حول كون معهد ووهان مصدر الفيروس لاحتوائه على مختبرات تجري اختبارات على فيروسات من سلالة «كورونا».
* * *
إلى مدينة ووهان الصينية التي كانت أول مكان يعلن فيه عن اكتشاف فيروس «كورونا» وصل خبراء مبتعثون من منظمة الصحة العالمية بحثاً عن «معلومات لم يرها أحد من قبل»، كما قال أحد أعضاء الفريق، لعلّ ذلك يساعدهم في تحديد منشأ الفيروس في تلك المدينة.
الصين من جانبها دعت إلى أن تكون مهمة الفريق علمية بعيدة عن «التسييس»، وهي إشارة تحذيرية مسبقة من أنها لن تقبل بأن يجري توظيف ما قد يخرج به الفريق من تقارير بعد إنجاز مهمته هناك، ضدها أو ضد سياساتها في التعامل مع الوباء، خاصة في المرحلة الأولى لظهوره.
لكن عضو الفريق نفسه، واسمه بيتر داشاك، قال للصحفيين لدى وصول الفريق إلى مدخل معهد ووهان لعلوم الفيروسات «إن البعثة المكونة من عشرة باحثين، ستطرح كل الأسئلة التي يجب أن تطرح».
حول هذا المعهد أثيرت شكوك في أن يكون هو مصدر الفيروس، كونه يحتوي على مختبرات يجري فيها الباحثون اختبارات على فيروسات من سلالة «كورونا»، وهو أمر نفته الصين، واعتبرت هذه التساؤلات مجرد مزاعم يراد بها الإساءة إليها.
وبدورهم رأى أعضاء البعثة بأن هروب الفيروس من المختبر مجرد احتمال بين احتمالات أخرى.
متحدثاً عن سير عمل البعثة، قال داشاك: «نشهد معلومات جديدة وجيدة، إنها أشياء قيمة للغاية، بدأت تساعدنا على النظر إلى الاتجاهات الصحيحة لهذا الفيروس، فنحن نتحدث إلى الأشخاص الذين جمعوا عينات من أرضية السوق، ونجمع المعلومات التي نحصل عليها مع الناس المعنيين حقاً».
لكن ليس هذا هو الأهم في أقوال أعضاء الفريق، الأهم هو الخلاصة التي عبروا عنها بصرف النظر عما سيحويه التقرير الذي سيصدر في ختام مهمتهم في ووهان، وهذا ما يشفّ عنه قول داشاك: «حتى إذا تمّ اكتشاف الأصل، فإن المتغيرات الجديدة للفيروس تعني أننا سنعيش مع «كورونا» إلى الأبد».
إن بدت هذه الخلاصة مقلقة، أو حتى مرعبة لنا، فإن في استدراك الرجل ما قد يخفف وطأتها، حين أوضح أن العالم «سيتصالح» مع ذلك، عبر اللقاحات الفعالة، التي قد تدخل عليها تعديلات لمواكبة تحورات الفيروس.
وفي هذا القول ما يحملنا على الاعتقاد، وبعد مرور أكثر من عام على ظهور الفيروس، وبعد أكثر من مئة مليون إصابة به، ناهيك عن عدد الوفيات الهائل، بأن العالم قد وصل إلى قناعة بأن الفيروس لم يولد ليموت، وأن الحل هو في تدجينه بتجريده من الشحنة القاتلة فيه، وتحويله لأنفلونزا أخرى نتقيها بالتطعيمات ضدها.
* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
