هل تتغير علاقة قطر مع تركيا في حقبة ما بعد الحصار؟

السبت 6 فبراير 2021 06:23 م

عندما تمشي في الدوحة، لا يسعك إلا أن تلاحظ الوجود المتزايد للمواطنين والشركات التركية في المدينة.

وشوهد هذا الوجود للمرة الأولى في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، لكنه أصبح واضحا بشكل خاص بعد اندلاع الأزمة الخليجية 2017-2021 حيث لعبت تركيا دورا رئيسيا في مساعدة قطر خلال أحلك أيام الأزمة.

وخلال الأزمة، ساعدت تركيا في ضمان إمدادات مستقرة من المواد الغذائية وغيرها من السلع المطلوبة في قطر، وعلى أثر ذلك تطورت العلاقات بين القادة الأتراك والقطريين بشكل كبير خلال هذه الفترة، وتبع ذلك تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين.

ومع نهاية الأزمة الخليجية في يناير/كانون الثاني 2021، تكهن البعض بأن العلاقات بين قطر وتركيا ستتراجع من حيث الأهمية الإقليمية مع عودة العلاقات التجارية بين قطر والسعودية، لكن هناك القليل من الأدلة على أن هذا سيكون هو الحال.

وعلى العكس من ذلك، فقد أفادت الشراكة الاستراتيجية القطرية التركية كلا البلدين، ويدرك قادة البلدين أن الحفاظ على التحالف سيقدم الكثير لضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي في منطقة مضطربة.

وفي حين أن التقارب السعودي - القطري يعد خبرا ممتازا، فمن المرجح أن تستمر العلاقات القطرية التركية، إن لم تصبح أقوى.

تنامي العلاقات

وتعود علاقة قطر وتركيا إلى أواخر القرن الـ19، عندما استوعبت الإمبراطورية العثمانية شرق شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك قطر الحالية، في دائرة نفوذها، وبعد بضعة عقود من التوتر والصراع، وأحيانا السلام والتعاون، تخلى الأتراك عن مطالباتهم بقطر في يوليو/تموز 1913.

ونظرا لصغر حجم سكان قطر واقتصادها، والأداء الاقتصادي الباهت لتركيا في نهاية القرن الـ20، كانت العلاقات الاقتصادية بين تركيا وقطر في حدها الأدنى حتى أواخر التسعينيات وأوائل القرن الـ 21.

ومع بداية القرن الـ21، برزت قطر كلاعب رئيسي في السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال، وتمكنت تركيا من معالجة التضخم المفرط المستمر وعدم الاستقرار السياسي الذي أصاب اقتصادها بالشلل منذ الستينات.

وأتاح الارتباط الناشئ بين النمو الاقتصادي والاستقرار في البلدين فرصا جديدة للتعاون التجاري والاقتصادي بين قطر وتركيا، وفي عام 2000، بلغ حجم التجارة بين البلدين 38 مليون دولار فقط، وبحلول عام 2016، زاد هذا الرقم بأكثر من 21 مرة إلى ما يقرب من 818 مليون دولار.

العلاقات القطرية التركية بعد أزمة الخليج

العام

صادرات قطر إلى تركيا (مليون دولار)

صادرات تركيا إلى قطر (مليون دولار)

2011

737.53

188.14

2012

1,187.76

257.33

2013

528.95

244.08

2014

1,037.70

344.71

2015

918.04

423.10

2016

379.31

439.14

2017

538.67

648.91

2018

1,075.05

1,096.42

2019

910.35

1,293.13

وكنتيجة مباشرة للحصار الذي فرضته السعودية على قطر عام 2017، قفز حجم التجارة بين تركيا وقطر إلى ما يقرب من 2.2 مليار دولار في عام 2019 (الجدول 1).

وشهد العقد الماضي ارتفاعا مستمرا في الصادرات التركية إلى قطر، بمعدل نمو هائل يساوي 587% بين عامي 2011 و2019، بينما شهد حجم صادرات قطر إلى تركيا صعودا وهبوطا من عام إلى آخر، مما يعكس الطبيعة المتقلبة لأسعار الغاز الطبيعي المسال في السوق العالمية.

وبالرغم من ذلك، شهدت صادرات قطر إلى تركيا زيادة إجمالية بلغت حوالي 25% في نفس الفترة (الجدول 1).

ولا تقتصر مؤشرات العلاقات الاقتصادية المتنامية على حجم التجارة بين البلدين فحسب، بل أصبح الاقتصادان أيضا شريكين بشكل واضح.

ويتضح هذا من خلال حقيقة أن التجارة الثنائية بين قطر وتركيا، كحصة من إجمالي التجارة لكل دولة، زادت بشكل مستمر بين عامي 2011 و2019.

وتعززت العلاقات الاقتصادية بين قطر وتركيا مع زيادة التعاون العسكري بين البلدين ابتداء من عام 2002، ومهدت اتفاقيات عام 2015 الطريق لإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر.

ومع بداية حصار 2017، تضاعف الوجود العسكري التركي في قطر 10 أضعاف إلى نحو 3 آلاف عسكري، كما أن الوجود الثقافي التركي في قطر آخذ في الازدياد.

واعتبارا من عام 2021، بدأت مدرستان في الدوحة العمل وفقا للمنهج التركي، لتلبية احتياجات السكان المتزايدين من الأتراك في الدوحة.

التقارب بين الدوحة والرياض لن يؤثر على العلاقات القطرية - التركية

وأثارت الخطوات الأخيرة التي تم اتخاذها لتطبيع العلاقات بين السعودية وقطر مخاوف بشأن طبيعة العلاقة بين قطر وتركيا، ومع ذلك، فقد طمأن المسؤولون القطريون نظراءهم الأتراك بأن أي تطبيع مع السعودية لن يؤثر على العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع تركيا.

والسبب واضح، فقد نمت هذه العلاقات القطرية التركية بشكل كبير في العقود الأخيرة، ويتفق البلدان في العديد من القضايا السياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وقعت أنقرة والدوحة 10 اتفاقيات جديدة بعد الاجتماع السادس للجنة الاستراتيجية العليا بين قطر وتركيا برئاسة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" وأمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني". وبلغ عدد الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية والثقافية بين البلدين 62 اتفاقية.

وأيضا، اعتبارا من عام 2019، بدأت أكثر من 500 شركة ومؤسسة تركية و170 شركة ومؤسسة قطرية عملياتها في أراضي الآخر، وفي الوقت الحالي، تلعب شركات البناء التركية دورا رئيسيا في تطوير البنية التحتية في قطر قبل كأس العالم 2022.

ومنذ عام 2002، تم توقيع عقود بناء بين قطر وتركيا بقيمة تتجاوز 18 مليار دولار، وفي عام 2019، كانت قطر سابع أكبر سوق إنشاءات للشركات التركية، حيث بلغت قيمة المشاريع التركية في قطر 1.5 مليار دولار.

ومؤخرا، في مايو/أيار 2020، زادت اتفاقية تبادل العملات بين تركيا وقطر من 5 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار، وقد ساعد ذلك تركيا على دعم أسواق رأس المال والعملات الأجنبية لديها وتخفيف ضغوط الانخفاض الأخير لليرة التركية. هذا بالإضافة إلى تعهد قطر باستثمار 15 مليار دولار في الأسواق التركية.

وفي العقدين الماضيين، بلغ إجمالي الاستثمار القطري المباشر في تركيا 3 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم. وتعد العديد من السلع والخدمات المتداولة بين البلدين ذات طبيعة استراتيجية وحيوية لرفاهية اقتصاديهما وسكانهما.

وتشمل الواردات القطرية الرئيسية من تركيا الحديد والصلب والآلات والمعدات الكهربائية وخدمات البناء والسياحة والأدوات والمعدات ومنتجات الألبان والخضروات والفواكه، وفي المقابل، تشمل الواردات التركية من قطر الغاز الطبيعي المسال والزيوت البترولية ومنتجاتها، وتتطلع تركيا إلى قطر باعتبارها أفضل بديل لها في تقليل الاعتماد على واردات الغاز من روسيا على المدى الطويل.

دور تركيا المهم في استقرار الخليج

وتعد العلاقات الاقتصادية والأمنية والثقافية بين قطر وتركيا أقوى بكثير الآن مما كانت عليه في الماضي، ولا يُتوقع أن يؤدي أي تطبيع للعلاقات بين قطر والسعودية ودول الحصار الأخرى إلى أي تغييرات في هذه العلاقة.

وبالفعل، رحبت تركيا بالاتفاق الأخير الذي ينهي الحصار المفروض على قطر كخطوة إيجابية ستساهم في استقرار وأمن وازدهار منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ومع التقارب بين السعودية وقطر، إلى جانب التغيير في الإدارة الأمريكية الجديدة التي تفضل الدبلوماسية والحوار على الإكراه والصراع، وعرض قطر الأخير لإعادة إجراء المحادثات بين إيران ودول الخليج العربي، خلق كل ذلك فرصا جديدة للاستقرار والسلام في منطقة الخليج، وبدون شك، سيكون لتركيا دور متزايد الأهمية لتلعبه للاستفادة القصوى من هذه الفرص.

المصدر | أمين محسني شيراغلو | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات القطرية التركية المصالحة الخليجية العلاقات الخليجية التركية أزمة الخليج حصار قطر الأزمة الخليجية

زيارة جاويش أوغلو.. قطر تشكر تركيا على دعمها المصالحة الخليجية