استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حكمة الكتب.. قوّة السيف

الأربعاء 17 فبراير 2021 10:30 ص

حكمة الكتب.. قوّة السيف

ثنائية السيف والقلم راسخة في ثقافتنا العربية فشعرنا القديم يزخر بما يجعل السيف دائماً في موقع المنتصر على القلم!

«ما أعجب شأن القلم يشرب ظلمة ويلفظ نوراً. قد يكون قلم الكاتب أمضى من سنان المحارب. القلم سهم تُنفذ به المَقاتل وشفرة تنطق بها المفاصل. لولا القلم ما عبئت كتائب ولا سريت مقانب، ولا انتضبت سيوف ولا ازدلفت صفوف».

نص ينتصر ظاهراً للقلم لا يخفي انحيازه لمنطق السيف منطق القوة لا لمنطق ما في الكتب من حكمة، كأن الغاية واحدة، ولكن الوسائل والأدوات تختلف.

*     *     *

كتاب حواري مع إدوارد سعيد حمل عنوان: «القلم والسيف»، ولا نعلم مدى علاقة سعيد باختيار العنوان، فقد يكون من وضع مُحاوره، دافيد بارساميان، أو حتى من وضع مترجمه إلى العربية توفيق الأسدي.

يناقش الكتاب حقيقة أن الإمبراطوريات الاستعمارية، وهي تغزو بلدان الشرق لم تلجأ إلى القوة العسكرية وحدها في اخضاع شعوب هذه البلدان، وإنما استعانت بدرجة لا تقلّ بصور الهيمنة الثقافية. وهذا حديث يقال حوله الكثير.

ثنائية السيف والقلم راسخة في ثقافتنا العربية، فشعرنا القديم يزخر بما يجعل السيف دائماً في موقع المنتصر على القلم. حسبنا هنا أن نذكر قول أبي تمام وهو يمدح المعتصم بالله بمناسبة فتحه لعمورية:

«السيف أصدق أنباء من الكتب/ في حدّه الحد بين الجد واللعب»،

ولا يبدو المتنبي أقلّ حزماً في تفضيل السيف على القلم في قوله:

«حتى رجعت وأقلامي قوائل لي/ المجد للسيف ليس المجد للقلم».

باحث إسباني مهتم بدراسة الأدب العربي في الأندلس، هو فرناندودي لا غرانخا، يلفتنا إلى نصٍ مما كان يعرف في أدب الأندلس بالرسائل، تعود إلى ابن برد الأصغر، الذي عرف بالأصغر لتمييزه عن جده ابن برد، الأديب بدوره.

حملت هذه الرسالة عنوان «رسالة السيف والقلم»، لكن كاتبها ينحو منحى مغايراً لذاك الذي ذهب إليه أبو تمام والمتنبي في تغليب السيف على القلم.

وصف الباحث الإسباني محتوى تلك الرسالة بالمجادلة، وهو جنس من الأدب ساد في أوروبا في العصر الوسيط، رغم أن رسالة ابن برد كانت مثقلة، حسب وصفه، بـ«سيل عارم من المجازات المتقابلة ومترادفات متتالية في استعارات من الصعوبة بمكان أن تترجم إلى لغة أخرى».

والحق أن بعض مفرداتها تبدو عصية حتى على فهم القارئ العربي اليوم لإيغالها في ما سندعوه بالمعجمية، فكثير من مفرداتها لن نعثر عليها في الحياة، إنما في المعاجم.

ومع أن غاية الرسالة هي تفضيل القلم على السيف، لكن معيار الحكم عند الكاتب ظلّ هو القوة لا الحكمة: «ما أعجب شأن القلم يشرب ظلمة ويلفظ نوراً. قد يكون قلم الكاتب أمضى من سنان المحارب. القلم سهم تُنفذ به المَقاتل وشفرة تنطق بها المفاصل. لولا القلم ما عبئت كتائب ولا سريت مقانب، ولا انتضبت سيوف ولا ازدلفت صفوف».

هذا النص المنتصر ظاهراً للقلم، لا يخفي شحنة الانحياز فيه لمنطق السيف، منطق القوة، لا لمنطق ما في ثنايا الكتب من حكمة، كأن الغاية واحدة، ولكن الوسائل والأدوات تختلف.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

حكمة، الكتب، السيف، منطق القوة، ثنائية السيف والقلم، الثقافة العربية، ابن برد الأصغر، المتنبي، أبوتمام،