استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قاضي المرفأ وقاضي قرطبة!

السبت 20 فبراير 2021 09:08 ص

قاضي المرفأ وقاضي قرطبة

سبب إقالة القاضي اتهامه لرئيس حكومة وثلاثة وزراء سابقين بالتقصير عن فترة أمضوها بالحكومة وتركت مئات الأطنان من نترات الأمونيوم بمرفأ بيروت.

شوارع بيروت شهدت مظاهرات معظمها سيدات وأمهات رفعن صور أقربائهم الذين لقوا مصرعهم بانفجار المرفأ رافضين عرقلة التحقيقات وتنحية القاضي صوان.

المدعى عليهم أمنوا حماية النخبة السياسية لهم رغم تناقض أطرافها لكن أفرادها العالمين بمخاطر تخزين المواد المتفجرة بمخازن المرفأ خططوا للهرب من المساءلة.

*     *     *

يُروى أن الأمير الأندلسي الحَكَم المستنصر بالله أراد أن يختبر ورع وعفة القاضي أبي اسحاق إبراهيم بن أسلم القرطبي، فقطع عنه جرايته، أي ما ندعوه اليوم بالراتب، فكتب القاضي إلى الحَكَم قائلاً، وبالشعر:

«تزيدُ على الإقلال نفسي نزاهةً/ وتأنسُ بالبلوى وتقوى مع الفقر

فمن كان يخشى صرف دهر فإنني/ أمنت بفضل الله من نوب الدهر»!

ولما قرأ الأمير هذين البيتين أمر بردّ الجراية إلى أبي اسحاق، ولكنه أعرض عنها وتمنّع عن القبول.

هل حاولت رموز الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان أن تفعل مع القاضي فادي صوان، ما فعله الأمير الأندلسي مع القاضي القرطبي، إن لم يكن عبر أداة المال فعبر أدوات ضغط أخرى، فصدمها موقفه الرافض لضغوطها كما صُدم الحَكم بموقف القرطبي.

فاختارت أن تعاقبه باستبعاده من المهمة الموكلة إليه بالتحقيق في ملابسات الانفجار المروع في مرفأ بيروت الذي أوقع ما أوقع من الضحايا والجرحى، ودمرّ أجزاء كبيرة من قلب المدينة.

لم تجد الطبقة السياسية اللبنانية المتنفذة ذريعة لإقالة القاضي صوان سوى الزعم بتضارب المصالح، لسبب في غاية الغرابة هو أن منزل القاضي يقع في المنطقة التي طالها الانفجار، وأنه كان أحد المنازل المتضررة!

لكن القاصي والداني يعلم أن السبب في إقالة القاضي صوان، هو اتهامه لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، هم وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بالتقصير عن الفترة التي أمضوها في الحكومة والتي تركت خلالها مئات الأطنان من نترات الأمونيوم دون رقابة بمرفأ بيروت.

لم يمثل أي واحد من الأربعة المذكورين أمام القاضي لاستجوابهم كـ«مدعى عليهم»، متذرعين بتمتعهم بما وصفوه «حصانة دستورية»، مع أن أهل القانون يؤكدون «أن الحصانة الدستورية تشمل الإخلال بالوظيفة الوزارية ولا تشمل استغلال هذه الوظيفة».

لكن المدعى عليهم أمنوا مسبقاً حماية النخبة السياسية لهم، رغم ما بين أطرافها من تناقض، لكن أفرادها، جميعاً، العالمين بمخاطر تخزين المواد المتفجرة في مخازن المرفأ، خططوا للهروب من المساءلة.

شوارع بيروت وسواها من مدن لبنان المبتلى بصعوبات الأزمة الاقتصادية وتفشي «كورونا» شهدت مظاهرات لمحتجين، معظمهم من السيدات والأمهات، رفعوا صوراً لأبنائهم وأفراد أسرهم الذين لقوا مصرعهم في الانفجار، رافضين عرقلة التحقيقات في حادثة الانفجار أو المماطلة فيه، ومحتجين على الحكم الصادر بتنحية القاضي صوان.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

لبنان، مرفأ بيروت، تنحية، القاضي صوان، حصانة دستورية، إقالة،