لماذا امتنعت واشنطن عن معاقبة بن سلمان في قضية خاشقجي؟

السبت 27 فبراير 2021 05:18 م

أثار امتناع واشنطن عن اتّخاذ تدابير عقابية بحق ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" غداة نشر تقرير الاستخبارات الأمريكية عن عملية اغتيال "جمال خاشقجي" خيبة أمل لدى المدافعين عن حقوق الإنسان وكشف عن مقاربة حذرة لواشنطن لتجنّب أي شرخ دبلوماسي مع الرياض.

وقال تقرير الاستخبارات الوطنية الأمريكية المكوّن من أربع صفحات ورفعت عنه السرية "توصلنا إلى استنتاج مفاده أن ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان أجاز عملية في إسطنبول، بتركيا، لاعتقال أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي".

وبحسب التقرير الذي رفعت عنه السرية الجمعة فإن نمط العملية يتماشى مع "تأييد ولي العهد لاستخدام العنف وسيلة لإسكات المعارضين في الخارج".

ولكن لم تفرض واشنطن أي عقوبات مباشرة على الأمير محمد بينما أكد وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" أن بلاده تريد تغييراً وليس "قطيعة" في العلاقات مع السعودية بعد نشر التقرير.

ورأت المحللة في معهد الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن "فارشا كودوفايور" أن "هذه ليست الضربة ضد السعودية التي أمل بها الكثيرون".

وقالت "كودوفايور" إن ما حدث يؤشر إلى أن "موقف بايدن بشكل عام حول السعودية هو وضع القيم في قلب السياسة الأمريكية الخارجية والتأكيد على حقوق الإنسان والتراجع عن نهج المساومة في السنوات الأربع الأخيرة (في إدارة ترامب)- مع الحفاظ على العلاقة".

دعوة إلى عقوبات

رأت منظمة "فريدوم هاوس" ومقرها واشنطن أنه "من المخيب للآمال أن الولايات المتحدة ما زالت غير مستعدة بعد للتصرف بناء على معلوماتها الاستخباراتية" وفرض عقوبات على ولي العهد السعودي.

وقالت منظمة "هيومن رايتس فاونديشن" التي تتخذ من نيويورك مقرا لها وقامت بإنتاج فيلم وثائقي عن مقتل "خاشقجي" بعنوان "المنشق" إنه "لا نتوقع أقل من العدالة لجمال ولكل المعارضين السعوديين الشجعان".

وأضافت "يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض عقوبات بشكل عاجل على محمد بن سلمان نفسه".

ومن جانبهم، رفض مراقبون سعوديون التقرير.

وقال الكاتب والمحلل السعودي "علي الشهابي" المقرب من دوائر الحكم في المملكة إن التقييم "الضعيف" يفتقر إلى "دليل دامغ".

وبعد نشر التقرير، انتشر وسم باللغة العربية دعما لولي العهد السعودي "#كلنا_محمد_بن_سلمان" بينما قامت حسابات سعودية مؤيدة للحكومة بالتغريد معبرة عن دعمها لولي العهد السعودي.

الحفاظ على العلاقات

وتعهّد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" خلال حملته الانتخابية بالتدقيق في سياسات المملكة بعد سنوات من العلاقة الوطيدة بين الرياض وسلفه دونالد ترامب.

ومع التدقيق على حقوق الإنسان، من المتوقع أن تعمل إدارة "بايدن" للحفاظ على شراكة أمنية قيمة مع السعودية عندما تمضي قدما لإعادة إطلاق المحادثات النووية مع إيران، العدوة اللدودة للرياض.

ويتوجب على "بايدن" أيضا التعامل مع أكبر مصدر للنفط في العالم في قضايا حساسة مثل الطاقة ومكافحة الإرهاب والجهود لإنهاء الحرب في اليمن.

وترى "كريستين ديوان" من معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن "فريق بايدن للسياسة الخارجية يتألف من خبراء متمرسين وليسوا ساذجين لدرجة الاعتقاد بأنه يمكنهم تحقيق أهدافهم في الشرق الأوسط دون التعامل مع الدولة السعودية التي لا تزال ممسكة بزمام النفط والأمن في الخليج حتى ولو بطريقة أقل شمولية".

وبحسب ديوان فإنه "لهذا السبب، استبعدوا فرض عقوبات على محمد بن سلمان ما يترك مساحة للتعامل مع الدولة السعودية وقيادتها العليا".

وأعلنت واشنطن الجمعة فرض قيود على منح تأشيرات إلى 76 سعوديا متهمين بـ"تهديد معارضين في الخارج".

وقال وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" في بيان إن هذه العقوبات تندرج في إطار قاعدة جديدة أطلقت عليها الخارجية الأمريكية اسم "حظر خاشقجي" وترمي لمنع دخول أي شخص يتهم بالتعرض باسم سلطات بلاده لمعارضين أو صحفيين في الخارج.

وأجرى "بايدن" الخميس أوّل محادثة هاتفيّة مع العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، منذ توليه منصبه قبل خمسة أسابيع. وقد أعلن البيت الأبيض صراحة أنّ "بايدن" لا يعتزم التحدّث مع ولي العهد السعودي.

وأكد دبلوماسي غربي أن "واشنطن تدرك أن محمد بن سلمان يمكن أن يستمر في حكم المملكة لنصف القرن المقبل، ولهذا لا يمكنها تحمل إبعاده تماما".

وتابع "ولكنها توضح أيضا بأنها لن تقوم بمنحه تفويضا مطلقا".

 

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

خاشقجي بايدن بن سلمان

بعد التقرير الأمريكي.. مراسلون بلا حدود تطالب بمعاقبة قتلة خاشقجي

عمان تؤيد موقف السعودية الرافض لتقرير أمريكي حول مقتل خاشقجي

رويترز: أمريكا تسعى لوضع بن سلمان في مكانه الحقيقي وتقرير خاشقجي "طقطقة أصابع"