استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

صور تخطف الأبصار

الجمعة 12 مارس 2021 04:29 م

صور تخطف الأبصار

في «مجتمع الفرجة» تتفوق الصورة على الكلمة رغم عمقها وغزارة معانيها فلا تحدث أثرا فوريا سريعا تحدثه الصورة الخاطفة للأبصار والنفوس.

هل أصبح العصر «يفضل الصورة على الشيء، النسخة على الأصل، التمثيل على الواقع، المظهر على الوجود..

فما هو مقدس ليس سوى الوهم، أما ما هو مدّنس فهو الحقيقة (...) ويتزايد الوهم بحيث أن أعلى درجاته تصبح أعلى درجات المقدس».

«من يملك الصورة يملك البلاد» فهذا العصر هو عصرها بامتياز وهي الوسيلة الأهم للتأثير بالجمهور الواسع عبر تدفق هائل يفوق حاجة المجتمع للاستهلاك البصري وقدرته عليه.

*     *     *

كتب جي ديبور كتابه «مجتمع الفرجة»، قبل أن تكون لوسائل التواصل الاجتماعي سطوتها الراهنة، فلم تعد الصور تصلنا عبر الصحف والمطبوعات وإعلانات الشوارع وبرامج التلفزة فقط، كما كان عليه الحال قبل أقل من عقدين من اليوم، وإنما عبر عددٍ لا يحصى من وسائل التواصل التي باتت منافساً قوياً للإعلام التقليدي.

ولهذه الصور تأثيرها السحري في تكوين الانطباع أو الميل العاطفي السريع، رغم أنها قرينة المدة القصيرة، بل اللحظة الخاطفة.

برأي ديبور يعيش البشر اليوم في ما يوصف ب «مجتمع الفرجة»، الذي وصفه أيضاً بـ«مجتمع الاستعراض»، الذي تؤدي الصور فيه دوراً أساسياً، وإن كان ديبور لا يرى في الاستعراض مجرد مجموعة من الصور، فهو أهم وأوسع من ذلك، بوصفه علاقة اجتماعية بين الناس، تقوم فيها الصور بدور الوسيط.

مرةً قال ريجيس دوبريه ما يمكن تلخيصه في التالي: «من يملك الصورة يملك البلاد»، في إشارة إلى أن الصورة في هذا العصر الذي هو بامتياز عصرها، الوسيلة الأهم في التأثير في الجمهور الواسع، عبر تدفقها الهائل، الذي يفوق حاجة هذا المجتمع للاستهلاك البصري، أو قدرته عليه.

وإذا كان دوبريه قال هذا الكلام قبل عقود فقط، فإن الفيلسوف الألماني فورباخ سبقه، قبل قرون، في التأكيد على أن عصره هو، أي عصر فورباخ، «يفضل الصورة على الشيء، النسخة على الأصل، التمثيل على الواقع، المظهر على الوجود، وأن ما هو مقدس ليس سوى الوهم، أما ما هو مدّنس فهو الحقيقة (...) ويتزايد الوهم بحيث أن أعلى درجاته تصبح أعلى درجات المقدس».

لم تنتف صحة كلام فورباخ، ولكن ما نعيشه اليوم أمر آخر. إن منتجي الصور ومن يبثونها عبر الوسائل المختلفة لا يريدون لها أن تكون وهماً، ولا أن يجعلونا نعتقد أن الحقيقة في مكان آخر، في المجتمع أو في الحياة، كي لا نحمل الصور على محمل الجدّ، وإنما بالعكس تماماً، فالمطلوب هو أن نصدّق أن الصورة هي نفسها الواقع!

فالأمران اتحدا حدّ التماهي، ولعل هذا ما عناه أحد أبرز مفكري ما بعد الحداثة، البريطاني جيمسون، حين رأى أن القيمة الاقتصادية والبنى المادية تتحول إلى قيم ثقافية عن طريق تعميم القيم الاستهلاكية، وما يتطلبه هذا التعميم من قدرات تواصلية إعلامية وثقافية هائلة.

في «مجتمع الفرجة» الذي عناه جي ديبور، تتفوق الصورة على الكلمة، فالأخيرة، رغم عمقها وغزارة معانيها، لا تفلح في إحداث الأثر الفوري والسريع الذي تحدثه الصورة الخاطفة للأبصار والنفوس.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

جي ديبور، مجتمع الفرجة، الصورة، الكلمة، مجتمع الاستعراض، المقدس، المدنّس، دوبريه، فورباخ،