«جمال سلطان» يصف دعم الإمارات للثورات المضادة بـ«الدور الوحشي»

السبت 17 أكتوبر 2015 04:10 ص

قال الكاتب الصحفي المصري «جمال سلطان» إنه على الرغم من جهود الإمارات للظهور في العالم العربي كنموذج متحضر وإنساني للتطور المدني والتنظيم العمراني والثراء والرفاهية ورعاية الفن والأدب والثقافة والحنان الأخوي تجاه الشعوب العربية التي تحتاج إلى العون، إلا أن الغرور المتزايد لم يعد ينجح في إخفاء الوجه الآخر البشع لها كشريك في الثورات المضادة في عدة عواصم عربية وشراكتها في العنف الدموي ضد الشعوب والتدخل الخطير في صراعات سياسية داخلية حولها من صراع سياسي سلمي إلى دموي كما هو الحال في ليبيا، وأوشك على إسقاط المشروع الديمقراطي في تونس.

وأضاف «سلطان» رئيس تحرير صحيفة «المصريون» في مقال نشرته الصحيفة «عقب نجاح الثورة الليبية، وإطاحة نظام الطاغية معمر القذافي، واتجاه الشعب الليبي لبناء دولته الجديدة، رغبت الإمارات في الاستحواذ على ليبيا، سياسة وأمنا واقتصادا، غير أن ذلك لم يكن ممكنا بوجود أبناء الثورة في قيادة الدولة، فكان التخطيط لدعم ثورة مضادة تنهي آثار ثورة فبراير/شباط».

وتابع: «تدخلت الإمارات كالعادة بشحنات الدولارات الضخمة لشراء البرلمان الجديد، وتأسيس فضائيات ليبية بسخاء مذهل لا نهاية له وصناعة إذاعات وصحف ومراكز أبحاث عميلة لها، وهي طريقة مكررة في عواصم عربية أخرى، ثم بدأ الانقلاب يظهر كاملا بتجريم كل قوى الثورة الليبية ووصفها بالإرهاب وإصدار القوانين التي تجرم وتعتقل كل المعارضين وبشكل خاص المعارضين لنفوذ الإمارات وتصفية الرموز والقيادات التي خاضت المعركة ضد القذافي، فكان أن تفجرت ليبيا بالغضب بعد أن بدا أن ثورة مضادة تستولي على السلطة لحساب الإمارات».

وذكر «سلطان»، «ولما كان السلاح الذي أسقطوا به القذافي ما زال حاضرا ، فكان أن دافع الثوار عن ثورتهم بالسلاح، ومن جانبها قامت الإمارات بدعم وتسويق الجنرال خليفة حفتر لينهي كل شيء بالدم والسلاح، فتحولت ليبيا إلى حرب أهلية مأساوية جديدة، وما زالت».

وفي ذات السياق أوضح «سلطان» أن الإمارات تحاول ترويض عدد من رجال الأعمال الليبيين المقيمين على أرضها من سنوات، لكي يكونوا جزءا من مخططها في ليبيا، إلا أن بعضهم أبدى تحفظه ورفض أن يكون عميلا مأجورا، فكان أن تم اعتقال حوالي اثني عشر رجل أعمال منهم وتغييبهم في معتقلات بشعة وإخضاعهم للتعذيب وعزلهم عن العالم لشهور طويلة، قبل أن تضطر للإفراج عن بعضهم تحت ضغوط دولية كبيرة ومتوالية، من هؤلاء الضحايا، رجل الأعمال الليبي «رفعت حداقة»، والذي كشف عن تفاصيل اعتقاله وتعذيبه من قبل جهاز أمن الدولة الإماراتي بعد أكثر من 12 سنة من إقامته في البلاد، ونيله للعديد من الجوائز والشهادات التكريمية من قبل مسؤولين إماراتيين من الصف الأول.

وأضاف الكاتب بحسب رواية «حداقة» لوكالات الأنباء على هامش مشاركته في ندوة عقدها «البرلمان الأوروبي» في بروكسل، ناقشت ملف المعتقلين الليبيين في الإمارات يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري،قال: «إنه ما زال يعاني من آثار الصدمة بعد 10 أشهر من إفراج السلطات الإماراتية عنه»، متسائلا «كيف يمكن أن يحدث ذلك في دولة كالإمارات؟ وهي المعروفة بطيبة أهلها وكرم ضيافتهم، ودستورها وقوانينها التي تحرم هذه الأفعال الإجرامية»، حسب تعبيره.

وقال «حداقة»: «لقد تسببوا لي بمشاكل صحية ونفسية وخسائر مادية كبيرة؛ لقد أرهبوا عائلتي واحتجزوا جوازات السفر الخاصة بأفرادها»، مستطردا «لا أستطيع نسيان صوت بكاء زوجتي وأطفالي وحالة الفزع التي أصابت ابني الصغير أثناء هجوم قوات جهاز أمن الدولة الإماراتي علي واعتقالي أمام مرأى عائلتي، كل ذلك وأنا لم أرتكب أي جرم ولم أخالف القانون بأي شكل من الأشكال».

وذكر «حداقة» أنه فوجئ يوم 3 سبتمبر/أيلول من عام 2014 الماضي، وهو يستعد للسفر في رحلة عمل، على متن الخطوط الجوية الإماراتية مستخدما مقاعد الدرجة الأولى، ليفاجئ بأحد أفراد طاقم الطائرة بالطلب منه مغادرتها، بسبب أمر من السلطات الأمنية، وذلك قبل أن تقوم قوات إماراتية يرتدي أفرادها لباس مدني، بمحاصرة سيارته واختطافه من بين زوجته وأطفاله الذين وصلوا إلى المطار لإرجاعه، ومن ثم دهم منزله وتفتيشه بشكل دقيق، دون الحصول على إذن من النيابة، ومن عقبها تحويله إلى سجن سري يشرف عليه نيباليون، حيث ظل قابعا فيه لمدة 4 أشهر كاملة، ولم يسمح له خلال الأشهر الثلاثة الأولى بالاتصال بعائلته.

وأضاف «حداقة» وهو يصر على تسمية ما تعرض له بـ«عملية اختطاف وليس اعتقال»، «لقد عشت في الإمارات قبل اعتقالي 12 سنة، حظيت خلالها بصداقة وتكريم من قيادات إماراتية من الصف الأول (نشر صورة له وهو يكرم من قبل الفريق ضاحي خلفان)، ولم أقترف في يوم من الأيام أية مخالفة لأي من قوانين الإمارات، بل كانت لي علاقات حميمية مع عدد من المسؤولين الإماراتيين، حتى تم اعتقالي على حين غفلة من دون أسباب ولا ذنب اقترفته، حيث دخلت في دوامة مازلت عاجزا عن تفسير سببها حتى هذه اللحظة».

وأضاف «وضعت في زنزانة إنفرادية بها ضوء قوي جدا ومزعج للغاية منار على مدار الساعة، وكنت أفترش الأرض عقب مصادرة السجانين للفراش، شتموني وأهانوني واستهزأوا بي وبالشعب الليبي، ورأيت من صنوف العذاب ما أعجز الآن عن سرده، ليس لأنه كان مفاجئا لي فقط ومن غير مقدمات، ولكن لأنه كان وحشيا للغاية التي بلغت حد حرماني من النوم لأكثر من أسبوع، مع ما يرافق ذلك من عمليات تعليق وضرب لم أتوقعها في يوم من الأيام، قائلا: «ما زال أزيز سياط الأمن وعصيهم يرن في مسامعي».

وأشار «حداقة» إلى أن الأسئلة التي تم توجيهها إليه طيلة فترة اعتقاله والتحقيق معه، كانت تدور حول بلده وشأنها الداخلي ومؤسساتها وقياداتها السياسية والقبلية، معتبرا أن الهدف من هذه الأسئلة كان الحصول على معلومات حول القيادات السياسية الليبية، في حين لم يوجه أي اتهام مباشر لي ولا استجواب بأي أمر أو مخالفة ارتكبتها، وبقيت على ذلك الحال حتى الإفراج عني وترحيلي قسرا.

وقال رجل الأعمال الليبي، «لقد عرضوا علي إطلاق سراحي وأغروني بالمال وتمكيني من منصب سياسي مهم في ليبيا مقابل أن أكون عميلا لهم، لكنني رفضت ذلك، وقناعتي هي أن العذاب والخسارة المادية الكبيرة وتشريد أهلي أهون علي من أن أخون بلدي»، على حد قوله.

وأشار «حداقة» إلى أن الذاكرة الأليمة لاعتقاله وتعذيبه، لن تحول دونه ومتابعة المسؤولين عن اعتقاله، ليس فقط لإنصاف نفسه ورد المظالم التي اقترفت بحقه، وإنما أيضا من أجل رفع الظلم عمن تبقى من رجال أعمال ليبيين معتقلين في سجون الإمارات، ومنع تكرار هذا النهج غير الإنساني الذي يسيء إلى سمعة الإمارات وتاريخها وشعبها الطيب قبل أن يسيء إلى أي شخص آخر، على حد وصفه.

وعن سبل الدفاع عن نفسه، قال «حداقة»: «رغم ما لحق بي وبأهلي تواصلت مع بعض المسؤولين الذين أعرفهم في الإمارات وحاولت معالجة الأمور بهدوء وحكمة ولكني لم أفلح في إنصاف نفسي، أو إطلاق سراح باقي رجال الأعمال الليبيين والآن بدأت في التوجه لمؤسسات الإنصاف الدولي في البرلمان الأوروبي والقضاء الدولي».

  كلمات مفتاحية

الإمارات ليبيا الثورات المضادة

«رايتس ووتش» تطالب بالتحقيق في بلاغات تعذيب أجانب بالإمارات

وثائقي كندي يفضح فظائع السجون السرية والتعذيب في الإمارات

السلطات الإماراتية تشن حملة أمنية على سجن الرزين بحثا عن «قلم»

ناشطون يحملون الأمم المتحدة مسؤولية تدهور حقوق الإنسان في الإمارات

«شريان الأسد السري»: تورط مصر والإمارات ولبنان في تزويد النظام السوري بالنفط

صحيفة: مصر والأردن والإمارات وافقوا على التدخل الروسي في سوريا

انتقادات حقوقية دولية لمصر والإمارات بسبب «الإعدامات» و«الاعتقال التعسفي»

وزير الخارجية الإماراتي يبحث مع الرئيس الموريتاني في نواكشوط تعزيز العلاقات

«جمال سلطان»: «العربية» تشوه تركيا لصالح الإمارات على حساب السعودية

تحالف الإسلاموفوبيا والثورات المضادة