استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الرابحون والخاسرون من انخفاض أسعار الفائدة

الخميس 22 أبريل 2021 12:01 م

الرابحون والخاسرون من انخفاض أسعار الفائدة

لماذا تتخذ بنوك مركزية هذا الإجراء الصارم المتمثل في أسعار فائدة سالبة؟

هل تؤدي الفائدة المنخفضة أو السالبة بالاقتصاد لتحقيق معدلات تضخم مناسبة وانخفاض البطالة؟

الخاسرون من أسعار الفائدة المنخفضة أو السالبة المدّخرون خاصة لمن خططوا للاعتماد على الدخل من مدفوعات الفوائد والأرباح.

أسعار فائدة منخفضة أو سالبة تخفض سعر العملة المحلية ما يفيد مصدري السلع والخدمات ويضر المستوردين والمستهلكين فترتفع أسعار الواردات وتتضخم الأسعار.

معدلات الفائدة المنخفضة ليست جيدة دائما للشركات والمستهلكين الراغبين بالاقتراض فبانخفاض أسعار الفائدة تتردد البنوك في الإقراض لندرة الودائع وعدم جاذبية أسعار الإقراض.

*     *     *

المعروف أن واضعي السياسة الاقتصادية الكلية يهتمون بثلاثة مؤشرات اقتصادية، هي: معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي (الدخل فيما بعد)، ومعدل التضخم، ومعدل البطالة.

والمعروف أيضاً أن سعر الفائدة أداة من أدوات السياسة النقدية، وأن البنوك المركزية تخفض سعر الفائدة إذا تبين لها أن النشاط الاقتصادي يتراجع حسب معدل نمو الدخل، أو ارتفاع معدل البطالة، أو ترفع سعر الفائدة إذا تبين لها أن الدخل ينمو بمعدلات مرتفعة قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، لأن العلاقة بين سعر الفائدة ونمو الدخل عكسية. أما أسعار الفائدة السلبية، فهي ليست أداة غير تقليدية للسياسة النقدية فقط، ولكنها أيضاً أداة حديثة.

وكان البنك المركزي السويدي أول من استخدمها في شهر يوليو/ تموز 2009، خفض البنك سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى سالب (-0.25٪). وحذا البنك المركزي الدنماركي حذوه في يوليو 2012، والمركزي الأوروبي في يونيو/ حزيران 2014.

واختارت دول أوروبية أخرى واليابان، منذ ذلك الحين، تقديم أسعار فائدة سلبية، ما أدى إلى ما قيمته 9.5 تريليون دولار من الديون الحكومية التي تحمل عوائد سلبية في عام 2017. أما بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، فلم يفرض أبداً أسعار فائدة سلبية ولكنه اقترب من معدلات قريبة من الصفر، آخرها كان في 15 مارس/ آذار 2020.

والسؤال الذي يثيره البعض هو: لماذا تتخذ بعض البنوك المركزية هذا الإجراء الصارم المتمثل في أسعار فائدة سالبة؟

يعلل البعض أن صناع السياسة النقدية في أوروبا كانوا خائفين من سقوط أوروبا في خطر دوامة انكماشية، حيث المعروف أنه في الأوقات الاقتصادية الصعبة، يميل الأفراد والشركات إلى الاحتفاظ بأموالهم حتى يتحسن النشاط الاقتصادي.

لكن هذا السلوك يمكن أن يضعف الاقتصاد أكثر، حيث يؤدي نقص الإنفاق إلى المزيد من فقدان الوظائف، وانخفاض الأرباح، وانخفاض الأسعار. وكل ذلك يعزز مخاوف الناس، ويمنحهم حافزاً أكبر للاكتناز. ومع تباطؤ الإنفاق أكثر، تنخفض الأسعار مرة أخرى، ما يخلق حافزاً آخر للناس للانتظار مع استمرار انخفاض الأسعار، وما إلى ذلك، وهلم جرّا.

أي أن البنوك المركزية الأوروبية كانت تحاول أن تتجنب الانكماش اللولبي من خلال استراتيجية الفائدة السلبية، والتي لا تؤثر في القروض المصرفية فقط، ولكن في الودائع المصرفية أيضاً.

وعندما يقوم شخص بإيداع الأموال في حسابه في بنك، فهو في الواقع يصبح مقرضاً، ويصبح البنك فعلياً مقترضاً. ومع أسعار الفائدة السلبية، فإن النقد المودع في أحد البنوك يدر رسوم تخزين للبنك، بدلاً من فرصة لكسب دخل من الفوائد.

ومن الناحية النظرية، ينبغي أن تساعد أسعار الفائدة السلبية في تحفيز النشاط الاقتصادي، لكن صناع السياسة يظلون حذرين لأن هناك عدة طرق يمكن أن تأتي بها مثل هذه السياسة بنتائج عكسية.

ونظراً لأن البنوك لديها رهون عقارية مرتبطة تعاقدياً بسعر الفائدة السائد، فإن المعدلات السلبية يمكن أن تضغط على هوامش الربح إلى الحد الذي تكون فيه البنوك مستعدة بالفعل لإقراض أقل. ومن ناحية أخرى، لا يوجد ما يمنع أصحاب الودائع من سحب أموالهم وحشو النقود في المراتب.

وفي حين أن التهديد الأولي سيكون هروباً من البنوك، فإن استنزاف السيولة النقدية من النظام المصرفي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وهو عكس ما يفترض أن تحققه أسعار الفائدة السلبية.

وسيشهد المقترضون، خاصة أصحاب الرهن العقاري، انخفاض مدفوعات الفائدة على ديونهم، ما يؤدي إلى زيادة دخلهم. وتستطيع الحكومة الاقتراض من السوق المالي المحلي بسعر فائدة منخفض، ما يقلل تكاليف الفائدة على ديون القطاع العام. وقد تجد البنوك صعوبة في أن تكون مربحة وتجذب الودائع.

وهذا يمكن أن يؤثر سلباً في كمية القروض. لذلك، على الرغم من أن الاقتراض رخيص، فقد يكون من الصعب عملياً الحصول على التمويل اللازم.

وكذلك في ظل أسعار فائدة منخفضة أو سالبة، ينخفض سعر صرف العملة المحلية ما يسرّ مصدري السلع والخدمات، ويكدّر المستوردين والمستهلكين، لأن أسعار الواردات ترتفع، وبالتالي تتضخم الأسعار.

والخاسرون من أسعار الفائدة المنخفضة، أو السالبة، هم المدّخرون. هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للأشخاص الذين خططوا للاعتماد على الدخل من مدفوعات الفوائد والأرباح.

كما أن معدلات الفائدة المنخفضة ليست بالضرورة أخباراً جيدة للشركات والمستهلكين الذين يرغبون في الاقتراض، لأن المشكلة تكمن في أن أسعار الفائدة شديدة الانخفاض يمكن أن تجعل البنوك تتردد في الإقراض لأنها تفتقر إلى الودائع، ويجدونها غير جذابة للإقراض.

ويظل السؤال هل الفائدة المنخفضة، أو السالبة تساعد الاقتصاد في تحقيق معدلات نمو تساهم في تحقيق معدلات بطالة منخفضة، ومعدلات تضخم مناسبة؟

* د. علي توفيق الصادق مدير معهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي سابقاً.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

الرابحون، الخاسرون، أسعار الفائدة، البنوك المركزية، الودائع، العملة المحلية، سعر الصرف،