استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العرب وملف الاتفاق النووى مع إيران

الجمعة 30 أبريل 2021 06:56 ص

العرب وملف الاتفاق النووى مع إيران

هل بدأ العرب فى إدراك واقع جديد ساهمت فيه بصورة كبيرة تغيرات الخريطة السياسية الأمريكية؟

تقوم سياسة واشنطن فى الخليج أساسا على منع أى قوة أخرى غيرها من الهيمنة وهو ما يلقى قبولا من الحكام العرب.

مخاوف بعض قادة العرب من إمكانية إقدام واشنطن على بيع مصالحها الإقليمية فى الخليج لأجل «صفقة كبرى» مع إيران مخاوف لا مبرر لها.

لا تبدو واشنطن مستعدة لفتح المجال أمام نفوذ إضافى لإيران كما يضع الموقف الإسرائيلى المعادى للاتفاق حدودا على مستوى ونوع التطبيع الأمريكى مع إيران.

*     *     *

للمرة الثانية خلال خمس سنوات تتهم دوائر متعددة داخل واشنطن الدول العربية بعدم النضج السياسى نتيجة رد فعلها المضطرب، وبسبب إحجام القادة العرب عن البحث عن أى فرصة يمكن اغتنامها من إعادة التفاوض حول الاتفاق النووى بين الولايات المتحدة وإيران.

قبل خمسة أعوام، وبعد مفاوضات ماراثونية، توصلت إيران مع الدول الست الكبرى، الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، لاتفاق رفع عنها عقوبات غربية عديدة مقابل فرض قيود على برنامج تطوير برامجها النووية.

غضبت الدول العربية الخليجية فى مجملها، ورأت فى عودة إيران البطيئة للجماعة الدولية خطرا عليها. واعتبرت العواصم الخليجية أنه كان يجب تضمين ملفات أخرى فى الاتفاق النووى مع إيران.

منها سياستها وتدخلها فى عدة دول عربية مثل العراق واليمن وسوريا ولبنان، كما طالب الجانب العربى بضرورة فرض قيود على برامج تطوير إيران لترسانتها من الصواريخ متوسطة وطويلة المدى.

سعدت العواصم العربية بنهج إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والذى انسحب من الاتفاق النووى، وعاد وفرض أغلظ العقوبات على إيران. ولم تفلح طريقة الضغوط القصوى التى باركتها الدول الخليجية فى تحسين مواقف إيران فى القضايا الإقليمية مثل الحرب فى اليمن.

وتمكن حلفاء إيران «الحوثيون» من زيادة نفوذهم داخل اليمن، بل وتشكيل تهديد مستمر على السعودية التى تستهدفها دوريا طائراتهم المسيرة.

وكادت تندلع مواجهات كبرى عقب وقوع هجمات مدروسة على منشآت تابعة لشركة أرامكو السعودية، تبعها توترات كبيرة فى مياه الخليج العربى بين البحرية الإيرانية والقوات الأمريكية.

ولا يعد من مصلحة أى طرف، سواء إيران أو الدول الخليجية ولا حتى الولايات المتحدة الانزلاق لمواجهات لا يبتغيها أى طرف، ولا تخدم أى مصالح استراتيجية لهم.

*     *     *

ومع توقع تحول المفاوضات الجارية حاليا فى فيينا إلى اتفاق جديد يعود بإيران، ولو تدريجيا، إلى الاقتصاد العالمى، ينبغى على قادة العرب البحث بأنفسهم عن طريقة يمكن من خلالها الاستفادة من واقع جديد بدلا من صب غضبهم على واشنطن وغيرها.

كيف يمكن الاستفادة من عودة إيران للجماعة الدولية وخروجها من قفص الحصار، خاصة بعدما أثبتت خبرة الأعوام الماضية فشل منهج العقوبات.

وتجمع دولة الإمارات العربية المتحدة علاقات تجارية واقتصادية واسعة مع إيران، ومن شأن رفع الكثير من العقوبات الدولية والأمريكية على إيران، أن تغتنم هذه الفرصة لمضاعفة علاقاتها مع الجانب الإيرانى.

ويؤمن الجانب العربى أن إيران هى لاعب هام ومسيطر فيما جرى فى سوريا، وما يجرى فى اليمن، ويؤمنون أيضا أن إيران تدير المشهد السياسى فى العراق، ولا يختلف الحال كثيرا فيما يتعلق بلبنان عن طريق الرعاية الإيرانية لحزب الله.

*     *     *

تتناسى الدول العربية أن فرض العقوبات على دولة ما هو الاستثناء وليس القاعدة فى علاقات الدول. وبعد نجاح الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979 ناصبها العرب وواشنطن العداء.

ثم تحولت إيران لنمط مزعج مع سعيها لنشر الثورة خارج حدودها، ثم تورطت طهران فى حرب سنوات طويلة مع العراق راح ضحيتها أكثر من مليون شخص وخسرها الطرفان.

ومع تعقد مشهد العلاقات الإيرانية الغربية ووصولها لفرض عقوبات غير مسبوقة فى التاريخ، وهو ما نال مباركة رسمية عربية، لجأت إيران للعب دور المخرب Spoiler فى قضايا المنطقة، وبررت ذلك بأنه رد مناسب على محاولات الغرب والعرب خنق النظام الإيرانى.

ويرى البعض أن هذا السلوك يمكن تفهمه مع انعدام توافر بدائل أخرى حيث لم يكن لدى طهران ما يمكن أن تكسبه فى أى قضية Iran had no stake.

من هنا تدرك واشنطن وعواصم أخرى ضرورة منح إيران وضعا طبيعيا كى تتوقف عن لعب هذا الدور المشبوه وأن يصبح لها مصالح مشروعة كغيرها من الدول، وعليه تصبح جزءا من الحل فى قضايا المنطقة بدلا من لعبها دورا هداما فى العديد منها.

مخاوف بعض قادة العرب من إمكانية إقدام واشنطن على بيع مصالحها الإقليمية فى الخليج من أجل «صفقة كبرى» مع إيران هى مخاوف لا مبرر لها.

تقوم سياسة واشنطن فى الخليج أساسا على منع أى قوة أخرى غيرها من الهيمنة، وهو ما يلقى قبولا من الحكام العرب، ولا تبدو واشنطن مستعدة لفتح المجال أمام نفوذ إضافى لإيران. كما يضع الموقف الإسرائيلى المعادى للاتفاق حدودا على مستوى ونوع التطبيع الأمريكى المتوقع مع إيران.

من ناحية أخرى، شهدت سنوات حكم ترامب، إقدام عواصم خليجية على الانفتاح على إسرائيل وتطبيع علاقاتها معها بصورة سريعة. ويجمع هذه الأطراف العداء الشديد لإيران، لكن على الجانب العربى أن يدرك ويتذكر أنه لا توجد عداوات أو صداقات دائمة فى مجال العلاقات الدولية.

قبل خمس سنوات صرح ولى العهد السعودى محمد بن سلمان أن على العالم تغليظ العقوبات على إيران، وقال فى حديث مع وول ستريت جورنال عام 2018 «يجب على المجتمع الدولى أن يواصل الضغط على إيران اقتصاديا وسياسيا، لتجنب اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة فى المنطقة».

وخلال لقاء تليفزيونى بث قبل أيام، أكد ولى عهد السعودية أن بلاده ترغب فى إقامة علاقات «طيبة ومميزة» مع جارتها إيران.

وقال بن سلمان إنه يريد إيران مزدهرة، «لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار».

ويبدو أخيرا أن العرب بدأوا فى إدراك واقع جديد ساهمت فيه بصورة كبيرة تغيرات الخريطة السياسية الأمريكية.

* محمد المنشاوي كاتب وباحث في الشأن الأمريكي من واشنطن.

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

العرب، الخليج، الاتفاق النووي، إيران، أمريكا، بن سلمان، السعودية،