أحداث القدس في الإعلام الأمريكي.. تجاهل غير أخلاقي وتشويه للحقائق

الاثنين 10 مايو 2021 09:20 م

خلال الأيام الماضية، وثقت الكاميرا اقتحام مستوطنين يهود لمنازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة. وأظهر مقطع فيديو، انتشر بكثافة، أحد المستوطنين وهو يقول لصاحبة منزل: "إذا لم أسرق منزلك، فسيقوم شخص آخر بسرقته".

كما أظهرت الصور قيام الشرطة الإسرائيلية بضرب وخنق الناشطين المعتصمين احتجاجا على تهجير الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة، والذين يواجه الكثير منهم خطر الإجلاء خلال الأيام المقبلة. وتداول الناشطون عبر الإنترنت وسم #savesheikhjarrah في محاولة لجذب الاهتمام الدولي وجعل العالم يتابع الجريمة الإسرائيلية الجديدة.

وبالرغم من كثرة المقاطع والصور التي تظهر الجرائم الإسرائيلية، إلا أن معظم وسائل الإعلام الأمريكية تجاهلت الأمر وكأن شيئا لا يحدث على الإطلاق.

وبالبحث علي الشبكة العنكبوتية، لا تظهر نتائج بخصوص أحداث الأيام القليلة الماضية على صحيفة "نيويورك تايمز" و "NPR" وشبكة "سي إن إن" ومجلة "تايم"، بينما تركز هذه النوافذ الإعلامية على عدم قدرة إسرائيل على تشكيل حكومة.

وعندما غطت بعض وسائل الإعلام عمليات الإخلاء والعنف التي يتعرض لها سكان الشيخ جراح (أسوشيتيد برس على سبيل المثال) فإنها عرضت القضية كأنها خلاف تجاري بين طرفين ووصفتها بأنها "معركة قانونية طويلة الأمد بين الفلسطينيين والمستوطنين"، في تجاهل لحقيقة أن المحاكم الإسرائيلية لا تملك سلطة توطين المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة بموجب القانون الدولي, كما أن تهجير الأسر الفلسطينية يتعارض مع أساسيات القانون الإنساني الدولي.

ويعتبر ما يحدث في الشيخ جراح أحد تجليات المشروع الإسرائيلي الذي لا يتوقف عن احتلال المزيد من الأراضي وتهجير الفلسطينيين، أو هو "امتداد لنكبة 1948"، كما يصفه الفلسطينيون.

يضم حي الشيخ جراح حوالي 3 آلاف لاجئ نزحوا قسرا من منازلهم الأصلية في أجزاء أخرى من فلسطين عام 1948. ومنذ سبعينيات القرن الماضي، يواجه الفلسطينيون في الحي تحركات المستوطنين اليهود الذين رفعوا دعاوى تزعم أن الأرض ملك لهم. وجاء المأزق والاحتجاجات الحالية بعد أن أمرت المحاكم الإسرائيلية بإجلاء عدد من العائلات الفلسطينية من الحي الفلسطيني الشهير.

ومن غير المستغرب غياب تغطية لأحداث الشيخ جراح، بالنظر إلى الطرق التي تغطي بها وسائل الإعلام الأمريكية عادة قضية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، سواء باستخدامها مصطلح "الاشتباكات" (حتى عندما سار الغوغاء الإسرائيليون وهم يهتفون "الموت للعرب") أو برسم صورة تخلط بين الضحية والجلاد، أو التبرير المستمر للعنف الإسرائيلي باعتباره "دفاع عن النفس".

وهذه هي نفس وسائل الإعلام التي ما تزال تشيد بنجاح إسرائيل في حملة التلقيح ضد "كورونا" بينما تنكر مسؤولياتها القانونية تجاه حياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها.

وأثبتت أحداث العام الماضي في أمريكا، بما في ذلك مظاهرات السود وجائحة "كورونا" واقتحام الكونجرس، عمق المأزق الأخلاقي في الولايات المتحدة، وكان هناك أن تتغير منهجية وسائل الإعلام الأمريكية بعد هذه الأحداث، أو على الأقل تعيد النظر وتقلل من الازدواجية في التعاطي مع الأحداث، ولكن يبدو أنها لم تتغير.

الصمت الرسمي

أدى إفلات إسرائيل من العقاب بشكل مستمر إلى تشجيعها علي مواصلة الانتهاكات. وبالرغم من دعوات الناشطين الفلسطينيين لإدراج عمليات الإخلاء في الشيخ جراح كجزء من تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة رفضوا حق المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة إسرائيل.

وبالنسبة لمسألة الشيخ جراح، رفضت الولايات المتحدة إدانة ممارسات المستوطنين التي يقومون بها تحت رعاية الدولة. فيما دعا عدد من المشرعين وزارة الخارجية لكسر صمتها.

وطالبت عضو الكونجرس "ماري نيومان"، على سبيل المثال، بإصادر بيان من وزارة الخارجية يتضمن إدانة مباشرة وفورية لـ"هذه الانتهاكات للقانون الدولي حيث يُهجّر الفلسطينيون قسرا من منازلهم في القدس الشرقية".

واتخذت الأمم المتحدة أيضًا رد فعل فاترا، وكررت موقفها المعتاد بأن "جميع أنشطة الاستيطان، بما في ذلك عمليات الإخلاء والهدم، غير قانونية بموجب القانون الدولي".

في غضون ذلك، يستمر تغيير الحقائق الموجودة على الأرض، وتستمر عمليات الإخلاء والاستيلاء على المزيد من المنازل.

ويبدو أن وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة تدرك جيدا أنه إذا لم تكن هناك عواقب على طرد وتهجير الفلسطينيين من منازلهم، فمن المؤكد أنه لن تكون هناك أي عواقب على تجاهل وسائل الإعلام لهذه الجرائم.

المصدر | آزاد عيسى/ ميدل ايست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الشيخ جراح تهجير وسائل الإعلام الولايات المتحدة إسرائيل القدس وسائل الإعلام الأمريكية

فلسطين تحيل ملف حي الشيخ جراح للجنائية الدولية

يوم مصيري.. 500 فلسطيني يواجهون التهجير القسري بالشيخ جراح