استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

معالم الصورة الأخرى

السبت 29 مايو 2021 04:16 م

معالم الصورة الأخرى

صدمة أحدثتها موجة الصواريخ متعددة المديات غير المتوقعة والتي وصلت إلى معظم أنحاء «إسرائيل».

تغير معالم الصورة بعد حرب أعطتها الفصائل اسم «سيف القدس» والتحديات الهائلة التي تواجه نتنياهو في مناخ داخلي ساخط على إخفاق الأداء.

أعطت مفاوضات فاشلة وإطار أوسلو إسرائيل كل شيء وسلبت الفلسطينيين كل شيء لكن انقلبت الصورة تماما بعكس كل ما حلم به وخطط له نتنياهو.

خطط نتنياهو بالتصعيد في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى وفرض مشروع الدولة اليهودية وتهويد القدس والأقصى كمقدمة لتهويد كل الضفة الغربية.

ربط إسرائيليون بين إخفاق نتنياهو في تشكيل الحكومة والتصعيد الذي أراد به لمّ شمل أحزاب اليمين المتطرف خاصة حزب «الصهيونية الدينية» وحزب «يمينا».

*     *     *

في معرض تحليلها للخلفيات السياسية التي حكمت أداء رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو للحرب على قطاع غزة والتي امتدت 11 يوماً، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن نتنياهو كان يسعى للحصول على «صورة انتصار»!

لكن الصحيفة، ومن خلال متابعاتها للحرب التي أعطتها القيادة «الإسرائيلية» اسم «عملية حارس الأسوار»، والوعي بأبعاد الصدمة التي أحدثتها موجة الصواريخ متعددة المدايات غير المتوقعة والتي وصلت إلى معظم أنحاء «إسرائيل».

خلصت إلى قناعة تقول: «لا تنتظروا صورة انتصار» موضحة أنه «في حالتنا.. هناك حروب ليس فيها صورة انتصار». والآن وبعد أن انتهت تلك الحرب، على الأقل مؤقتاً، تبدو الصورة التي كان يأملها نتنياهو معاكسة تماماً حتى في أوساط أكثر الداعمين للحكومة.

والذين ينفون انتصار «إسرائيل» بقدر ما ينفون هزيمة الفصائل الفلسطينية، هؤلاء يستخلصون بمعايير فارق القوة أن هذه المعادلة بذاتها تعد انتصاراً للفصائل وهزيمة لـ«إسرائيل».

 ولكي تتكشف معالم الصورة الجديدة من الضروري العودة قليلاً إلى الوراء وبالتحديد ابتداءً من يوم 13 إبريل/ نيسان الماضي عندما قررت سلطات الاحتلال اتخاذ خطوة إجرائية لتنفيذ مشروع «صفقة القرن»، ولتنفيذ مضامين قانون «القومية» الذي أصدره الكنيست واعتبر وقتها إعلاناً بالتحرك نحو تنفيذ مشروع إسرائيل دولة يهودية، وأقر بأن كل أرض فلسطين (من النهر إلى البحر) هي ملكية خاصة لشعب واحد هو الشعب اليهودي دون غيره.

ففي هذا اليوم دخلت قوات الاحتلال داعمة لجماعات المستوطنين المتطرفين لتفريغ حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة من سكانه وتسليم منازله لمستوطنين يهود، وامتدت المواجهات إلى المسجد الأقصى طوال أيام شهر رمضان المبارك، والتي وصلت ذروتها يوم العاشر من مايو/ أيار في ذكرى ما يسمونه بـ«عيد القدس» احتفالاً بالذكرى السنوية للسيطرة على القدس الشرقية.

هذا التوجه من جانب الحكومة الإسرائيلية كانت له أبعاده السياسية الواضحة عند كثير من الإسرائيليين الذين ربطوا بين إخفاق نتنياهو في تشكيل الحكومة وهذا التصعيد الذي أراد به أن يلمّ شمل أحزاب وكتل اليمين المتطرف خاصة حزب «الصهيونية الدينية» وحزب «يمينا» وشخص نفتالي بينيت زعيم هذا الحزب كي يتسنى مجدداً أن يحظى بإعادة التكليف لتشكيل الحكومة على أمل فشل يائير لبيد في مهمة تشكيلها.

 كان هذا ما يريده نتنياهو بالتصعيد في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة وفي المسجد الأقصى كي يثبت بالدليل القاطع لليمين المتطرف أنه وحده القادر على تحقيق كل ما يريدونه وليس غيره.

وجاء رد الفصائل على كل هذه الاعتداءات صاروخياً، وبشكل غير مسبوق وشمل مرافق شديدة الأهمية عسكريا، واستمر القتال 11 يوماً وامتلكت الفصائل القدرة على الرد والتصعيد حتى الساعة الأخيرة وربما الدقائق الأخيرة قبل الالتزام بوقف القتال.

ثم تفجرت الأحداث العنيفة من جانب الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وكسروا كل الحواجز الجغرافية والسياسية بينهم وبين إخوانهم في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ودخل أهالي الضفة مع فلسطينيي 1948 في مواجهات مع قوات الاحتلال «الإسرائيلي» دفاعاً عن القدس ودعماً لقطاع غزة مما أربك كل الحسابات.

فتغيّرت تماماً معالم الصورة داخل إسرائيل وفي معظم أنحاء العالم خاصة في الولايات المتحدة إلى درجة دفعت السيناتور اليساري الديمقراطي بيرني ساندرز لمطالبة إدارة الرئيس جو بايدن «بعدم بيع أسلحة لإسرائيل تقتل بها أطفال قطاع غزة»، وإلى توقيع أكثر من 500 عضو من حملة الرئيس بايدن وموظفين في الحزب الديمقراطي على رسالة تدعو بايدن لـ«محاسبة الحكومة الإسرائيلية بعد عدوانها على فلسطين».

لكن الأهم هو إعلان مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية تعليقاً على جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، التي بدأت الاثنين الماضي وزار خلالها تل أبيب ورام الله والقاهرة وعمّان بهدف «تأمين وقف إطلاق النار»، أن «الولايات المتحدة مازالت ملتزمة بحل الدولتين.. نحن لا نحيد عن ذلك قيد أنملة».

 لو قارنا هذا الكلام بما كان يخطط له نتنياهو بالتصعيد في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى وبالتحديد فرض مشروع الدولة اليهودية وتهويد القدس والأقصى كمقدمة لتهويد كل الضفة الغربية.

ما يعني إنهاء أي حلم في إحياء «حل الدولتين» لأدركنا مدى تغير معالم الصورة الآن بعد الحرب التي أعطتها الفصائل اسم «سيف القدس»، ومدى التحديات الهائلة التي تواجه نتنياهو في ظل مناخ داخلي ساخط على إخفاق الأداء، والشعور بخطر التحولات الجديدة في توجهات الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وتوحد فلسطين كلها حول خيارات جديدة تستعيد الحقوق بدلاً من الخيارات السابقة الخاصة بالمفاوضات الفاشلة وإطار«أوسلو» الذي أعطى «إسرائيل» كل شيء وأفقد الفلسطينيين كل شيء، لأدركنا كم تحولت الصورة؛ بل انقلبت رأساً على عقب، على العكس من كل ما كان يحلم به ويخطط له نتنياهو.

* د. محمد السعيد إدريس باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

فلسطين، الفصائل، إسرائيل، نتنياهو، التصعيد، الشيخ جراح، القدس، الأقصى، اليمين المتطرف، سيف القدس، تهويد،