ذعر إسرائيلي من التحول الأمريكي تجاه الفلسطينيين

السبت 12 يونيو 2021 06:47 م

ربما يعتبر المؤرخون في المستقبل أن حرب الـ11 يومًا التي شنتها إسرائيل على غزة مؤخرًا كانت بمثابة لحظة فارقة في الصراع أوصلت إسرائيل إلى نقطة "هزيمة للذات" لا رجعة عنها مما أشعل حالة ذعر جماعي لدى المؤيدين لإسرائيل.

ومما يضاعف هذا الذعر استطلاعات الرأي التي تظهر تحول المواقف الأمريكية ضد إسرائيل وميل المشاعر الأمريكية باتجاه الشعب الفلسطيني.

وأظهر استطلاع رأي قام به معهد أمريكي عربي في 27 مايو/أيار 2021 أن آراء أكثر من نصف ناخبي الحزب الديمقراطي أصبحت تميل لصالح الفلسطينيين، ويمثل ذلك تحولًا كبيرًا في الآراء بعيدا عن إسرائيل، كما يدق إسفينًا هائلًا داخل الحزب الديمقراطي، مما يثير مخاوف الاحتلال الإسرائيلي.

ومما يفاقم هذا الخوف ما فعله زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ "تشاك شومس" والسيناتور الديموقراطي "روبرت مينينديز"، حين نأيا بنفسيهما عن إسرائيل مؤخرًا. وفي الوقت نفسه، وقع أكثر من 500 من موظفي الإدارة الأمريكية على خطاب يحث الرئيس "بايدن" على "محاسبة إسرائيل".

وقال "جيدي جرينشتاين" رئيس مركز "مجموعة روت" البحثي إن "هناك حاجة لإدراك أن هذه القضية مرت بتحول في الأسبوعين الماضيين"، مضيفا: "لقد تحول موقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني داخل المجتمع والسياسة الأمريكية من كونه قضية يجتمع عليها الحزبان إلى قضية تتسبب في دق إسفين".

وقال "جرينشتاين" إن إسرائيل لم تعد تسبب الانقسام العميق بين الديمقراطيين والجمهوريين فحسب، بل أيضا بين الديمقراطيين أنفسهم، وهذه أخبار سيئة للغاية لإسرائيل".

ويجادل "توماس فريدمان"، وهو خبير في شؤون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويتخذ في كثير من الأحيان خطا متعاطفا مؤيدا لإسرائيل، بأن هناك طريقة واحدة فقط لكي تتمكن إدارة "بايدن" من نزع فتيل هذه المشكلة، وتكمن في "الحفاظ على إمكانية حل الدولتين على الأقل، لأن وجود دولة واحدة لن يدمر إسرائيل فحسب وإنما أيضا الحزب الديمقراطي".

ويعبر "فريدمان" عن الشعور بالفزع الذي يجتاح أعضاء الحكومة الإسرائيلية وأنصارهم الأكثر تشددًا في الولايات المتحدة، والذين يفهمون أن حل الدولتين سيتطلب إجلاءً مستحيلًا لأكثر من 800 ألف مستوطن يهودي من الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يحرم إسرائيل من عمقها الاستراتيجي وقدرتها على الوصول إلى الأراضي والموارد الفلسطينية، بما في ذلك المياه.

ولكن حل الدولة الواحدة سيجبر إسرائيل على أن تتخذ قرارًا إما لصالح الديمقراطية والمساواة في الحقوق بين المواطنين العرب واليهود، وإما لصالح الفصل العنصري والتفوق اليهودي.

تحول في المشاعر الأمريكية

وأينما يذهب المؤيدون لإسرائيل هذه الأيام، تواجههم علامات تحول المواقف الأمريكية نحو الفلسطينيين.

وعرضت الصفحة الأولى من صحيفة "نيويورك تايمز" يوم 26 مايو/أيار تجميعًا لصور جميع الأطفال الفلسطينيين الذين لقوا مصرعهم بسبب القصف الصاروخي الإسرائيلي في مايو/أيار، والبالغ عددهم 67 طفلًا، وعنونته بعنوان "لقد كانوا أطفالًا فحسب".

وتبدو هذه الخطوة غير المسبوقة مؤشرًا خطيرًا، حتى إنها دفعت "إبراهام فوكسان"، المدير السابق للرابطة المناهضة للتشهير (منظمة يهودية معنية بمعاداة السامية)، لإلغاء اشتراكه في "نيويورك تايمز"، بعد اتهامه للصحيفة بشكل سخيف بنشر "فرية الدم" ضد الشعب اليهودي.

وبالمثل، عندما استشهد أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي بتقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" يتهم إسرائيل بتطبيق "نظام فصل عنصري" في الأراضي الفلسطينية وداخل حدود عام 1948، فإن نظراءهم المؤيدين لإسرائيل (جميعهم يهود) اتهموهم بـ"معاداة السامية".

وأعقب تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرًا آخر أصدرته منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية في 12 يناير/كانون الثاني، بعنوان "نظام التفوق اليهودي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط: هذا هو الفصل العنصري".

كما تفاقم ذعر المؤيدين لإسرائيل بفعل مشهد مئات الآلاف من الأمريكيين المشاركين في التظاهرات التضامنية المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد، حيث شارك حوالي 50 ألفًا في شيكاجو، و 35 ألفًا في واشنطن العاصمة، و 12 ألفًا في لوس أنجلوس خلال الأسبوع الأخير من مايو/أيار، وتكررت هذه الحشود الكبيرة المحتجة في جميع أنحاء العالم.

وتعرف الحكومة الإسرائيلية وأنصارها جيدًا أنه بدون الدعم غير المشروط والشيك على بياض من حكومة الولايات المتحدة ودافعي الضرائب الأمريكيين، فلن يدوم احتلال الأراضي الفلسطينية والحماية التي تتمتع بها إسرائيل في الأمم المتحدة.

وتجلى ذلك في طلب إسرائيل مليار دولار إضافي لتجديد نظام القبة الحديدية بعد أسبوعين فقط من موافقة إدارة "بايدن" على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 735 مليون دولار، بالإضافة إلى الـ 3.8 مليارات دولار التي تتلقاها إسرائيل سنويا.

ففي الماضي، كان مثل هذا الطلب يمر بكل يُسر، أما بعد تغير الموقف  السياسي من إسرائيل اليوم، فإن هناك مقاومة من جزء كبير من الحزب الديمقراطي، وكذلك نخبة مهمة في الخارجية الأمريكية.

ويشمل ذلك "ستيفن م. والت"، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، والذي يجادل بأن أحدث اعتداء من إسرائيل على غزة "قدم المزيد من الأدلة على أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تعطي دعما اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا غير مشروط لإسرائيل بعد الآن".

وأضاف: "فوائد هذه السياسة صفرية، والتكاليف مرتفعة وتتصاعد، وتحتاج الولايات المتحدة وإسرائيل إلى علاقة طبيعية وليس علاقة خاصة".

وتدفع كل هذه الأسباب الجماعات والأفراد المذعورين الموالين لإسرائيل لفعل كل ما بأيديهم، بما في ذلك تهم لا أساس لها عن معاداة السامية والتعاطف مع "الإرهاب"، على أمل أن ينفع شئ ما في تغيير الرأي العام.

المصدر | سي جي ويرليمان - إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل فلسطين الولايات المتحدة غزة معركة غزة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية الكونجرس إدارة بايدن مساعدات عسكرية

الجارديان: الإطاحة بنتنياهو لن تغير السياسة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية

مسؤول أمريكي يبدأ زيارة لفلسطين وإسرائيل.. ماذا سيناقش معهم؟