استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الثقافة ما يدوم وما يُبتكر

الثلاثاء 29 يونيو 2021 11:43 ص

الثقافة ما يدوم وما يُبتكر

هل على الأمم كي تلج فضاءات الحداثة أن تقطع مع ماضيها وتراثها ومع تقاليدها؟

كأن على الجديد ليكون جديداً أن يقصي القديم وإلا فلن تكون هناك حداثة، فيما الثقافة الحقّة هي تلك الجامعة بين ما يدوم وما يبتكر!

يمكن للتراث إن أخذ على إطلاقه بلا تمحيص أن يصبح «سجناً طويل الأمد» ويمكن للحداثة أن تكون غواية عبثية فليس كل ما يحسب على الحداثة هو بالفعل حداثة.

هل يتعين على «ما يدوم» من الثقافة أن يظل باقيا «سجنا طويل الأمد» لا أفق قريبا للتحرر منه خاصة أن في ثنايا هذا الدائم معوقات حقيقية للنهضة والتقدم؟

*     *     *

هل على الأمم، كي تلج فضاءات الحداثة، أن تقطع مع ماضيها، ومع تقاليدها؟ أيصحّ الاستمرار إلى ما لانهاية في أسر السجال الذي قد يصبح عقيماً، بل لعله كذلك أصلاً، حول ثنائية الحداثة والتراث، أم أن الأمر بحاجة إلى مقاربة جديدة؟

والحق أنها ليست جديدة تماماً، ولكنها لم تعط الفرصة الكافية كي تفصح عن نفسها في ثقافتنا العربية على الأقل، تجعل من النقاش حول الموضوع جدلياً، حيّاً، لا ساكناً.

يمكن للتراث، إذا أخذ على إطلاقه من دون تمحيص وفحص وغربلة، أن يصبح «سجناً طويل الأمد»، حسب وصف أحد الكتّاب الغربيين، ويمكن للحداثة أن تكون غواية عبثية، لسبب مهمّ هو أنه ليس كل ما يحسب على الحداثة هو بالفعل حداثة.

وليس كل جديد يندرج في خانتها، بل قد يكون هذا «الجديد» أكثر رجعية من بعض ما يحسب على التراث، أو إعادة إنتاج له في صورة أخرى، حتى لو تزيت بزي الحداثة.

وفي المقابل، فإن في التراث ما يعدّ حداثياً بامتياز حتى لو مضت عليه قرون، وإلا ففي أية خانة نضع فلسفة ابن رشد، أو رؤى أبي العلاء المعري مثلاً؟ أليست أكثر حداثة من الكثير من «الغث» الراهن؟

مقاربة لهذه الإشكالية أتت في ثنايا كتاب «أوهام الهويّة» لمؤلفه جان فرانسوا بايار، الذي عرّبه حليم طوسون، ووفق هذه المقاربة فإنه من الخطأ تجزئة الثقافة بصورة مفتعلة بين جديد وقديم.

وكأن على الأول الجديد لكي يكون جديداً أن يقصي الثاني القديم، وإلا فلن تكون هناك حداثة، فيما الثقافة الحقّة هي تلك الجامعة بين ما يدوم وما يبتكر.

هل يتعين على «ما يدوم» من هذه الثقافة أن يظل باقياً أبدياً، «سجناً طويل الأمد» لا أفق قريباً للتحرر منه، خاصة أن في ثنايا هذا الدائم الكثير من المعوقات الحقيقية للنهضة والتقدم؟

جواب، أو ما يشبه الجواب، نجده عند مؤلف «أوهام الهويّة»، ففي ما يدوم «الجوانب الكامنة والتباطؤات والمعوقات التي تتكدس في أعماق العقليات، وهي بداهات وطقوس وحياة معتمة وعنيدة مترسبة في السلوك اليومي المعاصر والعائدة في الوقت نفسه إلى آلاف السنين»، أما في ما يبتكر فنجد «كل هوامش الاختراع» التي ستتخلص منها الأجيال القادمة، وبالتدريج ثقافتها.

صحيح أن «النقل والنسخ والبلادة» مستمرة، ولكن في ظلمات ليل الثقافة الغامض «تقبع ثورات الماضي غير المرئية والمنطوية في الممارسات»، وفي هذا الليل أيضاً تحلق فراشات، وأحياناً طيور كبيرة في انبثاقات وابتكارات ترسم الفرصة ليوم آخر.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

الحداثة، التراث، الثقافة، الهوية، الجديد، القديم،