ما الذي تغير لتنسحب أمريكا من أفغانستان؟
هل تغير السيناريو المتشائم لتنسحب القوات الامريكية بينما تتوقع الاستخبارات الامريكية انهيار الحكومة الافغانية وسقوطها بيد طالبان في 6 أشهر؟
سيتطلب الأمر أشهرًا تقود لحرب أهلية طويلة لن تغيب عنها أمريكا ويتطاير شررها وسط آسيا وغربها وتنخرط في ترتيباتها دول الإقليم وروسيا والصين.
النتائج النهائية على الارض سيطرة واسعة لحركة طالبان غير ان انسحاب امريكا من افغانستان سيرتب اعباء على روسيا والصين ووباكستان وايران وربما تركيا.
مشهد انسحاب أمريكا من فيتنام في افغانستان الهاجس الأكبر للقاة الأمريكيين فانهيار الحكومة بعد 6 اشهر لن يكون فاجعة أو تكرارًا لذلك المشهد بدخول طالبان كابول مباشرة.
* * *
قبل ما يقارب العامين، وفي أثناء زيارته الولايات المتحدة، أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني أن الجيش الأفغاني سينهار في غضون ثلاثة أشهر حال انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، ليتبعه انهيار للحكومة في غضون 6 أشهر من لحظة الانسحاب.
التقديرات المتشائمة التي قدمها غني في عهد الرئيس الامريكي دونالد ترمب أفضت إلى تأجيل مؤقت لموعد الانسحاب الامريكي من أفغانستان، فهل تغير السيناريو المتشائم لتنسحب القوات الامريكية أم بقي الأمر على حاله؟
لم تتغير التوقعات؛ فالاستخبارات الامريكية تتوقع انهيار الحكومة الافغانية، وسقوطها بيد طالبان في غضون ستة أشهر.
تقديراتٌ جاءت بعد مرور اسابيع قليلة على شهادة وزير الدفاع لويد أوستن، ورئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي مارك ميلي أمام لجنة الدفاع في الكونغرس الأمريكي، قالا فيها إن الجماعات المتشددة – ويقصد بها "القاعدة" و"داعش" وغيرهما–ستتمكن من إعادة بناء قدراتها في غضون ثلاث سنوات على الارجح، فما الذي تغير؟ إنه أمر إشكالي حقًّا!
لعل الجواب جاء في رده على سؤال احد اعضاء الكونغرس: "لا، لن يتكرر مشهد الانسحاب الامريكي من فيتنام في افغانستان"؛ فهذا الهاجس الأكبر للقاة العسكريين؛ فانهيار الحكومة بعد 6 اشهر لن يكون فاجعة او تكرارًا لمشهد الانسحاب من فيتنام بدخول طالبان كابول مباشرة، كما حدث مع الفيتكونغ وجيش فيتنام الشمالية.
بل سيتطلب الأمر أشهرًا تقود لحرب أهلية طويلة، يتطاير شررها في وسط آسيا وغربها، وتنخرط في ترتيباتها دول الإقليم وروسيا والصين.
حربٌ لن تغيب أمريكا عنها، فوزير الدفاع وقائد هيئة الاركان الامريكي لم يَعِدَا بعدم تكرار مشهد الانسحاب من فيتنام، بل أعلنا تواصل عمليات بلادهما العسكرية عبر الجو في افغانستان لتقديم الدعم لحلفائهما على الارض.
وهو دعمٌ يتسابق للحصول عليه كل من الرئيس أشرف غني، وخصمه عبد الله عبد الله رئيس لجنة التفاوض مع حركة طالبان الذي يزور الولايات المتحدة، مقدمًا الوعد بالصمود من على منبر شبكة سي إن إن.
تأجيل موعد الانسحاب لم يغير النتيجة المتوقعة، والمناورات السياسية والعسكرية لم تفض الى تغير في النتائج النهائية على الارض بسيطرة واسعة لحركة طالبان، غير ان انسحاب امريكا من افغانستان سيرتب اعباء على روسيا والصين ووباكستان وايران والى حد ما تركيا.
أعباء سترتفع كلفها إن لم تعمد روسيا والصين ودول الاقليم للتعاون فيما بينها لإقناع طالبان من جهة، وخصومها الباحثين عن دعم امريكي لمرحلة ما بعد الانسحاب باتباع مسار اكثر تصالحًا في افغانستان!
وهي معادلة تراهن عليها امريكا لخفض الكلف في مقابل ارتفاع الكلف على الصين وروسيا الى جانب باكستان وتركيا وإيران.
* حازم عياد كاتب صحفي أردني
