استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل يحل الانقلاب أزمات تونس؟

الثلاثاء 27 يوليو 2021 01:28 م

هل يحل الانقلاب أزمات التونسيين؟

تونس باتت اليوم مخيرة بين القبول بانقلاب قيس سعيد ونظامه القمعي الجديد وحكم الفرد، أو العيش في حرية ودولة القانون.

سيلقي المشهد السياسي المرتبك والملتهب بثقله على الأوضاع المعيشية للمواطن والأنشطة الاقتصادية المختلفة خاصة السياحة وإنتاج الفوسفات.

ستقع تونس في فخ التعثر المالي والإفلاس إلا إذا فتحت دول الثورات المضادة خزائنها للحكومة المنقلبة ومنحتها مساعدات عاجلة بمليارات الدولارات

الاقتصادات والسلع والمؤشرات والمدخرات والعملة والأسواق تنمو بقوة وتتنفس وتنشط في ظل الحرية ودولة القانون وتصاب بالركود والكساد والتضخم والديون والفساد تحت القمع والاستبداد.

*     *     *

هل أحوال التونسيين المعيشية ستتحسن عقب الانقلاب الذي قاده الرئيس قيس سعيد على الدستور والبرلمان والحكومة الشرعية والمؤسسات المنتخبة؟

وهل أزمات البلاد الاقتصادية والمالية والصحية الصعبة ستجد طريقها للحل عقب الانقلاب على الثورة والحريات العامة والتجربة الديمقراطية؟

وهل الاستثمارات الأجنبية ستتدفق على تونس في ظل عودة البلاد إلى المربع الأول حيث حكم الفرد والنظام المستبد الذي ودعته في العام 2010 بعد أن وضعت بذرة ثورات الربيع العربي؟

الإجابة بالطبع لا، والعكس هو المتوقع حدوثه، فالانقلاب سيفتح الباب على مصراعيه أمام تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطن وزيادة منسوب أزمات الاقتصاد، بل وربما الوقوع في فخ التعثر المالي والإفلاس كما حدث في لبنان.

إلا إذا فتحت دول الثورات المضادة خزائنها للحكومة التونسية المنقلبة ومنحتها مساعدات نقدية عاجلة بمليارات الدولارات، وأغدق صندوق النقد الدولي أمواله وقروضه على النظام المستبد الجديد بعد أن حبسها عن الحكومة المنتخبة واشترط عليها تطبيق إجراءات تقشفية حادة. وقد تُسيّر بلدان خليجية مساعدات بترولية وحاويات نفط عملاقة لحكومة قيس سعيد لا أول لها ولا أخر في حال نجاح الانقلاب.

وحتى لو فعلت دول الثورات المضادة ذلك، فإن تلك المساعدات الضخمة ستكون مؤقتة وحتى تثبيت أركان الانقلاب، وبعدها تترك المواطن ياقبل وحده وحش الغلاء.

انقلاب تونس سيفتح الباب، بلا شك، أمام حالة من الاستقطاب وعدم الاستقرار الأمني والسياسي قد تطول في حال عدم سقوطه أو عدم إجراء انتخابات نزيهة في أقرب وقت.

وسيترك المشهد السياسي المرتبك والملتهب بصمته على الأوضاع المعيشية للمواطن والأنشطة الاقتصادية المختلفة، خاصة قطاعي السياحة وإنتاج الفوسفات الموردين الأساسين للنقد الأجنبي.

وستتعطل الحياة بفرض حظر التجوال ليلا، وقد تعود الاحتجاجات العمالية لتتصدر المشهد، خاصة في حال خضوع السلطة المستبدة الجديدة لإملاءات صندوق النقد وتطبيق شروطه التعسفية التي تحفظت عليها الحكومة المنتخبة، ومنها تقليص عدد موظفي الجهاز الإداري للدولة، ورفع أسعار السلع الرئيسية، وإلغاء الدعم الحكومي للوقود، وخفض رواتب موظفي الدولة، ووقف التعيينات والإسراع في بيع الشركات العامة.

في ظل الانقلابات وحكم الفرد، يكون الاعتماد الأول في تنشيط الاقتصاد الوطني ليس على زيادة الإنتاج وتنشيط قطاعات حيوية مثل الصادرات والسياحة، بل على المنح والمساعدات والقروض واغتراف الأموال من الخارج، وهو ما يغرق البلاد في مستنقع الديون والارتهان لإملاءات وشروط الدول الدائنة ومؤسسات التمويل الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي.

والنتيجة حدوث قفزات في الدين العام، خاصة الخارجي، وعجز الموازنة العامة، وأسعار السلع وانهيار في قيمة العملة الوطنية والمدخرات المحلية، وزيادة معدلات التضخم والفقر والبطالة والإفلاس والتعثر والانتحار والهجرة إلى الخارج.

وفي ظل الانقلابات أيضا، تنشط عمليات الفساد المالي والاعتداء على المال العام وتهريب الأموال إلى الخارج، والاحتكارات وسيطرة المؤسسات السيادية على مفاصل الاقتصاد الرئيسية وانتعاش بزنس الجنرالات والسوق السوداء للسلع، ويعزف جزء من المغتربين عن تحويل أموالهم إلى الداخل، ويتم التركيز على الأنشطة الريعية مثل العقارات وتجاهل القطاع الإنتاجي والزراعة والصناعة والصادرات.

أما في ظل حكم الدستور ودولة القانون والحريات العامة، فإن الشعوب تتنفس حرية، ومعها ينمو الاقتصاد بشكل طبيعي وتصعد مؤشراته وتتحسن الصورة الذهنية للبلاد في الخارج، وهو ما يساعد في تنشيط السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة والإنتاج الداخلي.

الاقتصادات والسلع والمؤشرات والمدخرات والعملة والأسواق تنمو وبقوة وتتنفس بشكل صحيح وتنشط في ظل الحرية ودولة القانون، وتموت وتصاب بأمراض الركود والكساد والتضخم والديون والفساد في ظل القمع وحكم الفرد والأنظمة المستبدة.

ولذا فإن تونس باتت اليوم مخيرة بين القبول بانقلاب قيس سعيد ونظامه القمعي الجديد وحكم الفرد، أو العيش في حرية ودولة القانون.

* مصطفي عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس، الدستور، الاقتصاد التونسي، انقلاب، قيس سعيد، حكم الفرد، دولة القانون، الثورات المضادة،