استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التعامل التجزيئي مع الأحداث

الخميس 19 أغسطس 2021 09:48 ص

التعامل التجزيئي مع الأحداث

أمريكا تعطي نفسها الحق بالتدخل في شؤون الغير متى شاءت ومهما كانت النتائج طالما أنها تخدم مصالحها!

هل سيعي عملاء أمريكا أنها ليست قدراً لا راد له في أرض العرب وأنها قابلة لأقسى الهزائم أمام الشعوب المعتزة بكرامتها؟

عندما انقلب السحر على الساحر، وأصبحت «القاعدة» عدوة للمصالح الأمريكية، هل كان منطقياً وشرعياً أن تغزو أمريكا أفغانستان في سنة 2001؟

هل كان من حق أمريكا التربع على عرش أفغانستان عشرين سنة بالتعاون مع من تشتري من خدم وأزلام وجواسيس رغم مشاعر أكثرية شعب أفغانستان؟

أمريكا لا تتعلم من دروس التاريخ والشعوب وحركات التحرر لا يمكن إلا أن تلحق الهزيمة بجنودها وآلتها العسكرية وعملائها الفاسدين الذين تغدق عليهم المال والجاه.

هل سيعي العرب دولا وأحزابا وفئات منهبرة بـ«عظمة» أمريكا تلك المشاهد ويتعاملون معها بحذر وندية ويتجنبون السقوط في وعودها ويفهمون من كل ذلك التاريخ أن أمريكا لا تعرف إلا مصلحتها؟

*     *     *

لن يستطيع المحللون والإعلاميون والمثقفون العرب بناء ثقافة سياسية ديناميكية تتعامل مع الجذور بدلاً من القشور، وعلى الأخص في ما بين شابات وشباب العرب، إذ تعاملوا مع جزئيات الأحداث السياسية الكبرى وتأثيراتها الجانبية الفرعية. المطلوب هو النظر إلى الأحداث بصورة شمولية تتعلم من الماضي، وتحلل الحاضر، وتستشرف المستقبل.

من هنا تخبط البعض في النظر إلى الهزيمة المدوية الأمريكية في أفغانستان، فكل ما اهتم به البعض هو تأثير الفكر السياسي الإسلامي الطالباني على هذه المجموعة السكانية، أو ذلك النشاط الثقافي في أفغان المستقبل.

واكتفى البعض بالتركيز على مستقبل التوازنات الجيوسياسية في تلك المنطقة. ولم ير البعض في الهزيمة الأمريكية، سوى انتصار الإسلام على الصليبية كتكملة للحروب الصليبية القديمة.

بينما يكمن لبّ الموضوع، بالنسبة لنا كعرب، في معرفة متجذرة لطبيعة التعامل الإستعماري الأمريكي مع كل ضحاياه وكل المخدوعين بظواهره وألاعبيه، ذلك أنه لا توجد أمة على وجه الارض مبتلاة، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، بالتدخل الأمريكي في كل جانب من حياتها مثل أمة العرب. دعنا نسلط الضوء على الجوانب المهمة من الموضوع.

ألم يعترف بعض السياسيين والعسكريين والاستخباراتيين الأمريكيين، مراراً وتكراراً، بالدور الأمريكي في بناء تنظيم «القاعدة» الجهادي في أفغانستان، في الثمانينيات من القرن الماضي، من أجل محاربة الوجود العسكري السوفييتي في ذلك البلد؟

ألم تسهل الاستخبارات الأمريكية تجييش ألوف من الشباب المغرر بهم، وتدربهم وتسلحهم للقيام بذلك الدور، باسم الإسلام المفترى عليه زوراً وبهتاناً؟

ألا يعني ذلك أن أصل المشكلة هو الأسلوب الأمريكي في إعطاء أمريكا الحق بأن تتدخل في شؤون الغير، متى شاءت ومهما كانت النتائج ومن دون تفكير في ما ستؤول إليه الأمور، طالما أنها تخدم المصالح الأمريكية؟

وعندما انقلب السحر على الساحر، وأصبحت «القاعدة» عدوة للمصالح الأمريكية، هل كان منطقياً وشرعياً أن تغزو أمريكا أفغانستان في سنة 2001؟

وبعدما هزمت «القاعدة» وأخرجت أفرادها إلى خارج أفغانستان، وطردت طالبان من العاصمة كابول، هل كان من حقها أن تتربع على عرش أفغانستان عشرين سنة، بالتعاون مع من تشتري من خدم وأزلام وجواسيس، رغم مشاعر أكثرية شعب أفغانستان؟

ثم ألم تفعل أمريكا الأمر نفسه من قبل في حروبها وتدخلاتها في فيتنام وكمبوديا ولاووس وغيرها، وسارت على الدرب نفسه في تدخلاتها الكاذبة الاستعمارية في العراق وسوريا وليبيا والسودان وفلسطين المبتلاة المحتلة من قبل الاستعمار الصهيوني؟

وإذن فنحن أمام دولة لا تتعلم أي درس من دروس التاريخ، وأن الشعوب وحركات التحرر لا يمكن إلا أن تلحق الهزيمة بجنودها وآلتها العسكرية وعملائها الفاسدين، الذين تغدق عليهم المال والجاه.

السؤال الأساسي بالنسبة لنا: هل سيعي المتعاملون العرب، على المستويات الرسمية والأحزاب والجماعات المنهبرة «بالعظمة» الأمريكية، تلك المشاهد، ويتعاملون مع أمريكا بحذر وندية، ويتجنبون السقوط في قبول وعودها وتأكيداتها، ويفهمون من كل ذلك التاريخ أن أمريكا لا تعرف إلا مصلحة واحدة: مصلحتها؟

هل سيعي هؤلاء بأن أمريكا ليست قدراً لا راد له في أرض العرب، وأنها قابلة لأقسى الهزائم أمام الشعوب المعتزة بكرامتها؟

هذا ما يجب أن نراه في الانسحاب الأمريكي المذل في أفغانستان، ولا ننشغل بالثرثرات السياسية حول مستقبل أفغانستان، إذ لديها شعب بكبرياء مذهل سيعرف كيف يحل مشاكله.

* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

أمريكا، أفغانستان، الأحداث، الانسحاب، التعامل التجزيئي، طالبان، العرب، القاعدة،