«ميدل إيست بريفينج»: كيف يمكننا أن نفهم التحالف الإيراني الروسي؟

الجمعة 27 نوفمبر 2015 01:11 ص

هناك تقارير واردة من داخل سوريا تشير إلى وجود خلافات بين ضباط الحرس الثوري الذين ينشطون في الحرب الأهلية عناك وبين القادة الروس. في مناسبتين منفصلتين، اشتكت قيادة الحرس الثوري أن ضباطها قاموا بالطلب من القوات الجوية الروسية بقصف مواقع محددة دون جدوى. التشكيك الهامس حول إذا ما كانت روسيا قد قدمت فارقا حقيقيا في ميدان القتال قد صار أعلى صوتا في الأسابيع الماضية.

نحن لا نعتقد أن النقد الإيراني المتصاعد للأداء العسكري الروسي في سوريا يمثل خلافا حقيقيا أو جديا. بل إنه يمكن أن يكون مجرد وسيلة دعائية للحرس الثوري للحفاظ على الطابع الشيعي المميز لقواتهم ونسبة الفضل في أي تقدم يحدث على الأرض لأنفسهم. افتراض أن هذا النقد هو تعبير عن خلاف خطير هو أمر سابق لأوانه.

لا يعقل أن أيا من القوتين سوف تكون على استعداد لإظهار وجود خلافات عملياتية بينهما في تلك المرحلة المشتركة من العمليات في منطقة الشرق الأوسط. بعد، فإن الأهداف النهائية لكل منهم تختلف اختلافا عميقا. هذا في حد ذاته ليس كافيا لتوسيع الخلافات العملياتية إذا كانت موجودة بالفعل.

ومع ذلك، فإن دراسة متأنية للأهداف الإقليمية للبلدين من شأنها أن تؤدي إلى تحديد الفروق المحتملة بين أساليب عمل كل منهما وتكتيكاتهما الإقليمية. وبصرف النظر عن المحاولات الساذجة لإغراء الروس بوقف تزويد الأسلحة لإيران، فإنه ينبغي إيلاء جهد حقيقي وذكي لتحديد الحلقات الضعيفة في العلاقات بين البلدين. ما الذي يجب عمله بعد هو أمر بدهي. لا أحد يعتقد أن هذا ارتباط مفيد لمنطقة الشرق الأوسط ولا لآسيا الوسطى.

والحقيقة هي أن كلا الجانبين يتفهمان جيدا مدى ربحية هذه الشراكة لأجندة كل منهما. المزيد من الضغوط على كليهما ربما تسفر في النهاية عن تجميد التناقضات غير المشروعة في الأجندتين التي لا تتطابق في كثير من النقاط. في السياق الحالي، رغم ذلك، فإنهما يندفعان إلى أحضان بعضهما البعض تحت إغراءات المكاسب المحتملة. قام الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بزيارة طهران في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني وأجرى مباحثات مع مع القادة الإيرانيين. تركت الزيارة انطباعا قويا بأنه لا يوجد أي مشاكل على الإطلاق بين الجانبين.

ودعا المرشد الأعلى للثورة الإيرانية «علي خامنئي» البلدين إلى تعزيز علاقاتهما الخاصة «الثنائية والإقليمية والدولية»، مشيدا بموقف روسيا في مواجهة القضايا الإقليمية ولاسيما الأزمة السورية. هاجم «خامنئي» بقوة سياسات الولايات المتحدة بعد لقائه لمدة ساعتين مع «بوتين». «الولايات المتحدة غالبا ما ترغب في إلحاق الشرر بمنافسيها ولكن بوتين يحبط هذه المحاولات» هكذا صرح في معرض وصفه للسياسة الأمريكية في المنطقة بكونها «غير مرغوبة من قبل القوى الإقليمية وبالأخص إيران وروسيا».

كان «بوتين» سخيا أيضا. «نحن ملتزمون أننا، على خلاف البعض، لن نقوم بطعن شركائنا من الخلف ولن نعمل ضد أصدقائنا من وراء الكواليس. وحتى إذا كان لدينا اختلافات فإننا سنتوصل إلى التوافق من خلال الحوار».

أحد تلك النقاط التي تقرب الطرفين من بعضهما البعض هي حقيقة اتفاقهما أنه كلما قل تواجد الولايات المتحدة في المنطقة كلما كان ذلك أفضل لكليهما. ويقول «خامنئي» إن الأمريكيين، على المدى الطويل، يسعون إلى الهيمنة على منطقة غرب آسيا، والتي تشكل تهديدا لجميع دول المنطقة، وخاصة إيران وروسيا. توضح هذه الجملة كل الديناميات الحالية بين إيران وروسيا في العراق ومنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. بالنسبة لـ«بوتين»، كانت كلمات «خامنئي» أشبه بالموسيقى بعد كل ذلك كان الرئيس الروسي في طهران للمشاركة في منتدى البلدان المصدرة للغاز وهو أمر ذو مغزى في حد ذاته.

روسيا لديها الكثير لتكسبه من تحالفها مع إيران. ليس فقط مزيد من مفاعلات الطاقة النووية وغيرها من المشاريع الضخمة وخاصة في قطاع الطاقة، ولكن الوصول إلى منطقة الشرق الأوسط ولو من خلال إحدى نوافذها المثيرة للجدل.

دوافع مختلفة

دوافع كل جانب لتشكيل تحالف مع الآخر تختلف بطبيعة الحال:

لمست روسيا الضعف الأمريكي في المنطقة في وقت مبكر، ومع ذلك، فقد كانت العلاقات بين واشنطن والدول العربية السنية في الواقع لا تتزعزع. ليس لأن العرب يريدونها كذلك، ولكن لحقيقة كونهم يعولون على الولايات المتحدة في حماية أمنهم. حتى حين كان العرب يحملون شكا عميقا تجاه التزامات الولايات المتحدة الإقليمية، فقد كانوا على استعداد لقبول تطمينات واشنطن. وحتى عندما اشتكى العرب بصوت عال من تحرك الولايات المتحدة ضد حلفائها الأوفياء مثل «حسني مبارك»، فإن الأمر لم يتجاوز حد الشكوى. وكان حساب التفاضل والتكامل الخاص بموسكو أنها إذا قررت فتح أحضانها للعرب فإنها لن تكون قادرة على التحرك بما فيه الكفاية بعيدا عن الاستراتيجية الإقليمية للولايات المتحدة. كان الحصان الإيراني أكثر ملاءمة وخاصة خلال الفترة التي كان محتاجا خلالها إلى الدعم الروسي أثناء المفاوضات النووية.

تركز إيران على تعزيز نفوذها في العلاقات الدولية. تعزيز علاقاتها مع موسكو كان هو الأداة الأكثر مناسبة. منذ ستة عقود، في منطقة الشرق الأوسط أيضا، رأينا «عبد الناصر» يطبق نفس المنطق. ومع ذلك، فإن الأمور لم تذهب تماما إلى الطريق الذي كان يتمناه. زخم الأحداث الإقليمية إضافة إلى الحرب الباردة كانا كفيلين بحمله في أعماق المخيم السوفييتي. ولكن كتلة عدم الانحياز التي تشكلت في أواخر الخمسينيات، لم تتصور، على الأقل في خططها، أن ينتهي بها الأمر ، لتكون جزءا من الكتلة الشرقية، وليس لرسم طريق وسط لتمكين العديد من البلدان الصغيرة من التفاوض مع كل الكتل الرئيسية بشروط ميسرة.

نحن لا نعرف إلى أين سيؤول مصير التحالف الروسي الإيراني. هناك شيء واضح تماما حتى الآن، هو أن الولايات المتحدة تفتقر إلى إستراتيجية كبرى.

الرئيس «أوباما» هو نتاج لوقته وزمنه، بمعنى أصح لفترة ما بعد الأزمتين الأفغانية والعراقية. في رأينا أن رئيس الجمهورية هو الذي يتحمل مسؤولية الإفراط في رد الفعل والمبالغة في النهج الحذر الذي كان متوقعا بطبيعة الحال بعد هذه الأحداث الكبرى. لكان ينبغي أن يكون هناك نهج متوازن في السياسة الخارجية تقوم على إستراتيجية أمريكة عالمية جديدة في أوقات إعادة ضبط سياسات الولايات المتحدة التي تمليها القيود حول نفوذ الولايات المتحدة حول العالم. بدلا من ذلك، رأينا هذا الذعر والحساسية المفرطة التي أدت إلى امتناع الولايات المتحدة عن الاشتراك في أي أزمة في الخارج.

وتشارك الصين في استصلاح المنطقة المحيطة بها في شرق آسيا. وتشارك الصين في استصلاح المنطقة المحيطة بها في شرق آسيا. كما تواصل إيران مساعيها في لعبة الشرق الأوسط. بينما تكتفي الولايات المتحدة بالمشاهدة وإبداء مشاعر الدهشة والحيرة.

يجب أن تناقش إستراتيجية كبرى الآن من أجل أن تصبح جاهزة بانتظار أي حكومة قادمة. الهند واليابان والحلفاء التقليديون ينبغي إدخالهم ضمن منظور أوسع ول ما ينبغي عمله في شرق ووسط وغرب آسيا. ينبغي أن يتم دمج الأدوات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والمعلوماتية في سياق منطقي وتحقيق الهدف المتمثل في منع الآخرين من تقليص دور الولايات المتحدة في هذه المناطق الحيوية.

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا الاتفاق النووي سوريا بشار الأسد الولايات المتحدة العلاقات الإيرانية الروسية

«أردوغان»: روسيا وإيران لا تحاربان «الدولة الإسلامية»

«أوباما»: أزمة سوريا لن تحل دون تنحي «الأسد» وعلى روسيا وإيران تحديد موقفيهما

التحول الاستراتيجي: لماذا تريد إيران دعوة روسيا إلى العراق أيضا؟

«ستراتفور»: إيران وروسيا لا تحملان نفس الالتزام تجاه «الأسد»

دراسة: تناقض الأهداف بين روسيا وإيران في سوريا يمنح (إسرائيل) نفوذا سياسيا

«يديعوت»: روسيا وإيران اتخذتا قرارا استراتيجيا بتكثيف دعمهما لنظام «الأسد»

مسؤول إيراني: «بوتين» يحاول قطف ثمار ما زرعناه في سوريا

موسكو وطهران: لا ضربة عسكرية ساحقة في سوريا!

ماذا فعلت إيران في أوطاننا؟

«ناشيونال إنترست»: هل تتراجع إيران حقا في سوريا؟

ورطة إيران مع «الاستكبار» الروسي

الكذب سياسة!