استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

روسيا واستهداف المرافق المدنية

الاثنين 10 يناير 2022 02:42 م

روسيا واستهداف المرافق المدنية

روسيا لم تعد ضامنة للعملية السياسية، وإنما هي منذ البداية طرفٌ حقيقي أصيل في العدوان على الشعب السوري.

استهدف التصعيد الروسي في سوريا مرافق حياتية وخدماتية لم تكن على بنك أهداف القوات الروسية على الأقل في الأشهر الماضية.

قلق روسي من أن هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية نجحت بشكل كبير في إدارة الماطق المحررة وتوفير خدمات لها أكثر مما وفره النظام السوري لحاضنته.

تطور تكتيك القصف ليستهدف مداجن البيض ومزارع البقر ومعامل الكونسرة المحلية، ثم ضرب محطة المياه شرقي أريحا بمحافظة إدلب فخرجت من الخدمة.

بلغ القصف الروسي على المناطق المحررة 15 غارة في 48 ساعة وأوقع قتلى وجرحى معظمهم من النساء والأطفال والعاملين في المنشآت المدنية الخدماتية.

*      *      *

شكّل التصعيد الروسي الأخير على المرافق الحياتية في الشمال السوري المحرر تطوراً لافتاً، توقف عنده المراقبون والمحللون، لاسيما وقد أتى بعد أيام من اجتماع أستانة بين ما عُرف بالدول الضامنة لوقف النار، بين النظام والمعارضة.

وقد استهدف التصعيد الروسي مرافق حياتية وخدماتية، لم تكن على بنك أهداف القوات الروسية على الأقل في الأشهر الماضية، فبعد استهدافها مخافر الشمال المحرر التي تقف على حماية ناسه وتوفير الأمن لهم، لجأت أخيراً إلى استهداف وبشكل مركز ومقصود، مداجن البيض وتفقيس الصيصان، وتربية الدجاج، وهي من الأساسيات الحياتية كما هو معروف!

ليتطور تكتيك القصف إلى استهداف مزارع البقر، ومعامل الكونسرة المحلية، ثم إلى ضرب محطة المياه شرقي أريحا بمحافظة إدلب، مما أخرجها عن الخدمة، وحرم مئات الآلاف من المدنيين في المدينة، مقيمين ومشردين من باقي المحافظات السورية من المياه بشكل كامل.

وقد تفاعل ناشطون وشخصيات عربية وغربية على هاشتاغ أطلقه ناشطون سوريون على الفور، تحت وسم" #روسيا_تُعطش_إدلب، واعتبر بعض المحامين والأكاديمين العرب الهجوم جريمة حرب روسية حقيقية، لكونها استهدفت منشأة مدنية أساسية، كمحطة مياه تروي مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين أصلاً.

بينما حين خلا القصف من أي إدانة دولية، وحتى من قبل تركيا الدولة الضامنة للإتفاقيات، فلم تتطرق إلى القصف الروسي، وبحسب مركز الدفاع المدني" الخوذ البيضاء" بالمناطق المحررة قد بلغ 15 غارة في 48 ساعة وأوقع قتلى وجرحى معظمهم من النساء والأطفال والعاملين في المنشآت المدنية الخدماتية.

التصعيد الروسي أتى على خلفية تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي الكسندر لافرنتيف الذي حدد للسوريين ومعارضتهم بأن سقف اللجنة الدستورية العاكفة على كتابة دستور جديد لسوريا برعاية الأمم المتحدة، إنما هو بشار الأسد، بحيث ينبغي ألاّ يطاله أحد بتغيير!

وهو ما أغضب المعارضة السورية، وذكرها بتصريحات لافروف بداية الثورة حين قال لا يمكن للسنة أن يحكموا سوريا، فانسحب اليوم بعض أعضاء اللجنة احتجاجاً على تصريحات لافرنتيف، وهدد آخرون بوقف العملية السياسية كلها.

إذ أن روسيا لم تعد ضامنة برأيهم للعملية السياسية، وإنما هي منذ البداية طرفٌ حقيقي أصيل في العدوان على الشعب السوري، واستغلته المعارضة بالتنسيق مع بريطانيا في اجتراح قرار بالجمعية العمومية يمنع على الدول المشاركة في العدوان من حق النقض في مجلس الأمن.

وهو إن حصل، فسيضع روسيا في أزمة حقيقية إزاء دعمها للنظام السوري، لاسيما وأن خلاف الغرب مع روسيا فيما يتعلق بملفات أوكرانيا وغيرها قد ينعكس إيجابياً على الثورة السورية.

يدرك السوريون أنهم يدفعون ثمن المناكفات والخلافات والاتفاقات بين روسيا وتركيا، فبيع الأخيرة لطائرات درون "بيرقدار" إلى أوكرانيا أقلق موسكو، وقد يغير معادلة الحرب الروسية على أوكرانيا لصالح الأخيرة إن اندلعت الحرب.

ولذا فإن موسكو ترسل رسائلها إلى أنقرة عبر صندوق بريد إدلب، ربما يفسره الاتصال الهاتفي الذي أتى بعد ساعات على الهجوم على محطة المياه في إدلب بين الرئيسين الروسي والتركي، واقتصرت تسريباته على أن الطرفين تحدثا عن الوضع في إدلب وقضايا دولية ومن بينها أوكرانيا، مما يؤشر إلى ارتباط الملفات ببعضها بعضاً.

حالة الارتياح الخدماتي الذي يعيشه الشمال المحرر بفضل هروب الطبقات الوسطى العاملة الحقيقية من مناطق النظام إلى المناطق المحررة، للعمل في مشاريع انتاجية، انعكس إيجاباً على الواقع المعيشي والاقتصادي النسبي مقارنة بمناطق النظام.

وهو أمر لا يروق لروسيا، المتهمة من قبل حاضنة النظام بالمسؤولية عن تدهورها الاقتصادي، وتراجع خدماتها. لذا ليس أمامها سوى الانتقام من المناطق المحررة التي تتوافر فيها الأساسيات، بفضل منظمات خيرية قادمة من قطر وتركيا والكويت وغيرهم، مع صعوبة الحياة والعيش في المخيمات، التي تؤوي مئات الآلاف من المشردين عن بلداتهم وقراهم.

ثمة أمر آخر يُقلق روسيا إلى حد كبير، وهو أن هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية، قد نجحت بشكل كبير في إدارة الشمال المحرر وتوفير خدمات له، أكثر مما وفره النظام السوري لحاضنته.

فضلا عن قدرتها على تسويق نفسها خلال السنوات الماضية على أنها حركة معتدلة، فقاتلت تنظيم داعش، وقضت عليه، ووفّرت خدمات لأكثر من أربعة ملايين نسمة، وتعاونت مع تركيا بعد أن راهن كثيرون على استحالة ذلك، الأمر الذي يُفرّغ كل الاتهامات والدعايات الروسية من مضمونها.

* د. أحمد موفق زيدان كاتب وإعلامي سوري

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

روسيا، القصف الروسي، المرافق المدنية، سوريا، هيئة تحرير الشام، المناطق المحررة، إدلب، بشار الأسد، النظام، المعارضة، تركيا،