تونس: الرئيس محاضر والشعب تلميذ!

الخميس 13 يناير 2022 06:15 ص

تونس: الرئيس محاضر والشعب تلميذ!

أوقف قيس سعيّد وسائل إعلام عديدة بدعوى أنها غير قانونية، بل ومنع مسؤولي الدولة من الحديث إلى وسائل إعلام من دون موافقته.

صار اجتماع الحكومة محاضرة متواصلة لأستاذ يلقي درسا ركيكا يقسم التوانسة، حسب موقفهم من ذلك الدرس، إلى خونة أو وطنيين!

صار الحكم جهازا مغلقا والرئيس تلبّس دور الدكتاتور، رغم أنه يظن أنه يتعامل مع الجمهور، التونسي والعالمي، مثل محاضر يلقي إملاءاته على الطلاب.

في ظل التدابير الاستثنائية، بدّل سعيّد، عمليا، معاني المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية، وحوّل منصبه الرئاسي إلى موقع يلغي المواقع كلّها.

سعيد يريد أن يحكم بشكل مباشر دون رئيس حكومة ذي رأي خاص بطريقة إدارة الدولة أو برلمان يحاسبه سياسيا أو قضاء يرفض تأويلاته الخاصة للدستور ومراسيمه.

*      *      *

يستمر الرئيس التونسي قيس سعيّد، منذ حركته الانقلابية في 25 تموز/يوليو الماضي، في تحويل «التدابير الاستثنائية» كما تم وصف إجراءاته حينها، إلى القاعدة التي تحكم البلاد.

في ظل هذا الاستثناء، بدّل سعيّد، عمليا، معاني المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية، وحوّل منصبه الرئاسي إلى موقع يلغي المواقع كلّها.

كان واضحا، منذ بداية رئاسته، وقبل أن يقوم بالحركة الانقلابية حتى، أن سعيد يريد أن يحكم بشكل مباشر، من دون رئيس حكومة ذي رأي خاص بطريقة إدارة الدولة، أو برلمان يقوم بمحاسبته سياسيا، أو قضاء يرفض تأويلاته الخاصة للدستور، ويعترض على إحلال مراسيمه التشريعية محل القوانين، وإعلام ينتقد تصرفاته الفردية التي تتجاوز سياسات البلاد إلى اقتصاد البلاد وأرزاق العباد.

مانع سعيّد، بعد الحركة المذكورة، إنشاء حكومة جديدة، وسخر من المطالبين له بوضع «خريطة طريق» سياسية تخرج البلاد من عنق الزجاجة «الاستثنائية» التي أدخلها فيها.

وحين اضطر للرضوخ للضغوط الدولية، اختار أستاذة جامعية من مؤيديه، ووزراء مستعدين لتلقي توجيهاته المباشرة، وصار الاجتماع الحكومي، مثل المقابلة الصحافية المهينة التي أجراها مع «نيويورك تايمز» وتصريحاته الموتورة على وسائل التواصل الاجتماعي، محاضرة متواصلة لأستاذ يلقي درسا ركيكا يقسم التوانسة، حسب موقفهم من ذلك الدرس، إلى خونة أو وطنيين!

بعد هجماته التعيسة على السياسيين والأحزاب والبرلمان، وإجراءاته المشينة بحق أشخاص مثل المنصف المرزوقي، الرئيس الأسبق، وأحد المناضلين التاريخيين ضد نظام الاستبداد السابق، ودفعه وزارتي العدل والداخلية لاتهام عدد من الساسة المعروفين، واختطاف نور الدين البحيري، الوزير السابق ونائب رئيس حركة «النهضة» و«تطهير» الوزارات ممن لا يعتبرهم أتباعا له، وتهجماته على القضاء، أوقف سعيّد وسائل إعلام عديدة بدعوى أنها غير قانونية، بل ومنع مسؤولي الدولة من الحديث إلى وسائل إعلام من دون موافقته.

أغلق سعيّد، بالقرار الأخير، الباب على الحكومة والمسؤولين ومنع على الصحافيين الحق في طرح الأسئلة على الوزراء، وذلك استتباعا لمنع البرلمان من مساءلته هو شخصيا، أو مساءلة الحكومة التي عيّنها، رغم أن وزراءه، صاروا يتبعون مثاله في اعتبار مؤتمراتهم الصحافية «محاضرة» ورفض الإجابة على الأسئلة، كما فعل وزير الداخلية توفيق شرف الدين بمنعه الصحافيين من طرح أسئلة خلال مؤتمر مخصص لقرار وضع البحيري تحت الإقامة الجبرية.

لا نعلم إن كانت محاضرات سعيّد، أيام كان أستاذا جامعيا، «مونولوجا» عموديا تنصب فيه المعلومات على الطلاب، من دون نقاش معهم، لكن ما نراه الآن، بعد سعيه الدؤوب هذا إلى أخذ هذا الدور، أن الحكم صار جهازا مغلقا على نفسه، وأن الرئيس يتلبّس دور الدكتاتور، رغم أنه يظن أنه يتعامل مع الجمهور، التونسي والعالمي، مثل محاضر يلقي إملاءاته على الطلاب.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تونس، قيس سعيّد، انقلاب، التدابير الاستثنائية، المؤسسات، محاضر، دكتاتور،