لم تكن واقعة انتحار عادية لشخص عادي، بل أشعلت الوسط الصحفي في مصر، وسط تبادل للاتهامات عن المسؤول عن دفع أحد الصحفيين لإنهاء حياته بتلك الصورة المأساوية التي أدمت القلوب.
الواقعة بطلها الكاتب الصحفي "عماد الفقي" (54 عاما)، وهو نائب رئيس قسم الأخبار في مؤسسة "الأهرام"، التي تعد أحد أكبر وأعرق الصحف الحكومية المصرية، حيث أنهى حياته شنقا داخل مؤسسته، في الساعات الأولى من صباح الخميس.
الأنباء المتداولة، أكدت أن "الفقي" انتحر بشنق نفسه، حيث سقطت رأسه التي فصلت عن جسده من شرفة مكتبه في الطابق الرابع بالمبنى العريق، بشارع الجلاء (وسط القاهرة).
وعثر مارّون بالشارع بجوار مبنى "الأهرام" على رأس الصحفي ملقاة في الممر الفاصل بين مبنيي المؤسسة الصحفية.
وتبين أن الصحفي قام بشنق نفسه بحبل في شباك مكتبه، وترتب على ذلك مع ثقل جسمه فصل جسده عن رأسه، ووقوع رأسه على الأرض في شارع ضيق بين مبني المؤسسة المتجاورين.
من جهتها، تولت النيابة التحقيق، وأمرت باستدعاء بعض شهود العيان، وزوجتي الصحفي، وتفريغ كاميرات المراقبة.
الحادثة أثارت جدلا واسعا في الوسط الصحفي والإعلامي المصري، خاصة مع تدوينة عضو مجلس نقابة الصحفيين "محمود كامل" على موقع "فيسبوك"، التي قال فيها إن "كل الزملاء في الأهرام ممن عاشروا الزميل الراحل عماد الفقي، يعرفون أنه في آخر 4 سنوات تعرض لاضطهاد واضح وصريح وممنهج من علاء ثابت رئيس تحرير الأهرام".
وأشار إلى أنه "اضطهاد وصل لخصم كل الحوافز والأرباح على مدار هذه السنوات، ومنعه من ممارسة عمله الصحفي بشكل غير رسمي، وبدون سبب وبدون تعليمات، بالإضافة إلى تجاوزه عدة مرات في ترقيته لرئاسة قسمه".
وأضاف "كامل" أن "الفقي اختار أن يوجه رسالة من مكان رحيله لكل رئيس تحرير ظالم، ولرئيس الهيئة الوطنية للصحافة (حكومية) وأعضاء هيئته ولنقيب الصحفيين وأعضاء مجلسه ولكل قيادة صحفية، تمارس الاضطهاد وتقهر الرجال".
واختتم "كامل" قائلا: "الرسالة وصلت يا عم عماد على الأقل لزمايلك.. وربنا يرحمك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته".
من جهته، علق "علاء ثابت" رئيس تحرير "الأهرام"، بمنشور مماثل على حسابه بـ"فيسبوك"، قال فيه: "مع كل الدعاء بالرحمة والمغفرة للزميل العزيز الراحل عماد الفقى، يؤسفنى أن أشارك مضطرا وآسفا ومتألما في جدل عقيم ليس هذا وقته ولا مجاله لتصحيح معلومات كاذبة، هي استغلال كريه لمشاعر التعاطف والحب الجارف الذي تدفق من محبيه بعد مأساة رحيله المؤلمة".
وأضاف: "أؤكد جازماً قاطعاً أن كل ما نشره الزميل محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين هو كذب محض، وافتراء من وحي خيال مريض، يسعى إلى تحقيق أغراض غامضة غير مفهومة عبر الإتجار بمأساة الزميل الراحل".
وتابع: "لم يحدث إطلاقاً، وبيننا سجلات مؤسسة الأهرام والهيئة الوطنية للصحافة، أن تم خصم أي من الحوافز أو الأرباح للزميل المتوفى، منذ عام 2017 حتى الآن".
واتهم "ثابت"، "كامل" بالكذب المتعمد ومخالفة الأعراف والأصول وميثاق الشرف المهنى، مؤكدا أن "الزميل الراحل ليس له أي شكاوى في سجلات الأهرام أو النقابة أو مجالس الإعلام".
وأعلن "ثابت" أنه سيتقدم ببلاغ رسمى ضد "الزميل المتاجر بآلام الزملاء، لكل من النيابة العامة، وشكوى رسمية موثقة للهيئة الوطنية للصحافة، وكذا شكوى نقابية لنقابة الصحفيين"، حسب وصفه.
من جهته، علق "عبدالعظيم حماد" رئيس التحرير الأسبق لصحيفة "الأهرام" قائلا: "رغم قسوة الخبر وفاجعة هذه النهاية المأساوية لزميل كريم الخلق والنفس، فلا شيء في صحافتنا حاليا يستحق البكاء عليه.. لا ترقية ولا نشر ولا منصب، لكن طعم الظلم علقم والشعور بالعجز عن أخذ الحق أليم".
وأضاف: "فاللهم إنا نفوض اليك الأمر في حق عماد ونسألك له الرحمة والرضوان والغفران".
من جهتها، نعت نقابة الصحفيين "الفقي"، ودعت الجميع "لاحترام حرمة مصاب الموت، وحق الراحل وأسرته، في تجنب طرح تأويلات للحادثة، وأسبابها دون تحقق وثبوت بالأدلة، وانتظار نتيجة تحقيقات النيابة العامة التي تباشر مهامها، صاحبة الحق دون غيرها في توصيف الواقعة، وكشف ملابساتها وأسبابها".
وأكدت النقابة متابعتها عن كثب مع مؤسسة "الأهرام" عما ستنتهي إليه نتائج التحقيقات، ودعمها الكامل لأسرة الراحل، سائلين الله عز وجل أن يتغمده برحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
وسلط عدد من الصحفيين، الضوء في إطار الحادث المؤسف على الأوضاع داخل المؤسسات القومية المصرية.
انتحار صحفي بمؤسسة الأهرام ، كبرى المؤسسات الصحفية المصرية ، بسبب مروره بضائقة مالية شديدة ، والعثور على جثمانه أسفل مبنى المؤسسة فجر اليوم ، اللهم الطف بمصر وأهلها ، وارزقها فرجا من عندك ، بحق هذا الشهر الكريم
— جمال سلطان (@GamalSultan1) April 28, 2022
انتحار الصحفي عماد الفقي في جريدة الاهرام
— 🇪🇬 Sara Fahmy (@sarafahmmy) April 28, 2022
يُقال انه تعرض لضغوط نفسية من المسؤليين في الجريدة
الخبر ده ، وجع قلبي اووي
للاسف منظومة الصحافة في مصر من اسوء ما يكون ،، منظومة بتضغط على الكفاءات وتهمشهم، لصالح عديمي الكفاءة وعديمي المهنية
الله يرحم الصحفي عماد
ويرحم الصحافة
انتحار الزميل عماد الفقي الصحفي بالأهرام يجب أن يلفت الأنظار لتقرير منظمة الصحة العالمية بأن حجم ظاهرة الانتحار في مصر مرعبة،وهى الأولى عربيا
— أحمد عطوان AHMED ATWAN (@ahmedatwan66) April 28, 2022
فالمنتحر مدير تحرير بمؤسسة الأهرام العريقة،شخصا مثقفا، ومحبا للحياة،ويعيش في الشيخ زايد،ومتزوج اثنتين،ورغم ذلك لم يصمد أمام التعثر المالي
انهاردة صحفي زميل مليش اي سابق معرفة بيه انتحر جوا مؤسسة الأهرام بطريقة مأساوية قوي وتفاصيل الحادثة وجعت قلبي قوي قوي
— Mai Fahmy (@MaiFahmy) April 28, 2022
بجد يا جماعة أول ما تحسوا بمشاكل ضاغطة عليكوا وعلى افكاركوا ونفسيتكوا الجأوا للدكتور وسيبكوا من الوصم المجتمعي المتخلف إلي بيصاحب اي حد بيحتاج لدكتور نفسي
الظلم والقهر دفعوا الزميل الصحفي عماد الفقي للانتحار من مبنى جريدة الأهرام، واللي دفعه لكده أكيد حاطط ألف مبرر
— ibrahim riyad (@ebrahimriyad) April 28, 2022
لازم وقفة، خاصة مع تقرير منظمة الصحة العالمية بارتفاع نسب الانتحار في مصر ووصولها ١ عربيا
كان مدير تحرير متعلم مثقف، فما بالك باللي مش عارفين يعملوا ايه.. رحمة الله عليه
كما شكك البعض في رواية الانتحار وملابساتها، وسط هذه الظروف الغامضة جداً.
هل انتَحَرَ أم نُحِرَ؟..مصرع صحافي مصري بعد سقوطه من شرفة مكتبه بجريدة الأهرام فجر الخميس وانفصال رأسه عن جسده !!
— أحمد حسن الشرقاوى (@sharkawiahmed) April 28, 2022
ماذا حدث،وما ظروف وملابسات الحادث الغامض، وما دور رئيس تحرير الأهرام علاء ثابت في هذا الحادث المأساوي؟!!!
تغطية شاملة في الرابط في أول تعليق#مصر #انتحار#الأهرام pic.twitter.com/ekU82u2fry
لماذا ينتحر زميلنا الراحل عماد الفقي ؟ ... يتقاضى راتب جيد ومعه اسرة واولاد بالجامعة وحالته الصحية جيدة
— صلاح بديوي (@Salah_Bediwy) April 28, 2022
ويصلي ويصوم رمضان ويعرف ربه جيدا لماذا ينتحر في العشر الاواخر من رمضان وربما في ليلة القدر..مستحيل؟
بيقولك "انتحار" عماد الفقي الصحفي في الاهرام
— دينا الحناوي Dina H (@dinaelhenawy82) April 28, 2022
ال شنق نفسه فقوم راسه انفصلت عن جسمه ووقعت من الدور الرابع!! انا مش هقول حاجه، بس عايزه دكتور واحد يقول ان ده ممكن! 😂🤌🏽
يشار إلى أن مصر تحل في المرتبة الأولى عربياً من ناحية معدلات الانتحار، متفوقة في ذلك على دول تشهد نزاعات مسلحة وحروباً أهلية، ويليها السودان ثم اليمن فالجزائر.
ففي عام 2019، انتحر في مصر وحدها 3022 شخصاً، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية.
وتشكك المؤسسات الحكومية المصرية في هذه الأرقام وتصفها بأنها تقديرات غير دقيقة، لكنها لا تنفي الظاهرة.