إيران تجري تغييرات على سياستها في العراق للتصدي لـ«لدولة الإسلامية»

الأربعاء 3 سبتمبر 2014 08:09 ص

فيما تزايدت الضغوط على رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي» كي يتنحى عن منصبه كرئيس للوزراء الشهر الماضي التزمت إيران أشد مؤيديه الصمت بينما عمل مسؤولون إيرانيون كبار على إخراجه من منصبه.

كذلك بقيت طهران هادئة عندما بدأت الولايات المتحدة التي يصفها كبار المسؤولين الإيرانيين عادة بالشيطان الأكبر قصف مناطق داخل العراق الشهر الماضي.

وهذا التحول الملحوظ في نهج إيران - ذات الغالبية الشيعية - تجاه العراق جاء ردا على المكاسب التي حققها تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي اجتاح شمال العراق وأصبح على مسافة مؤثرة من الحدود الإيرانية.

ونفذ مقاتلو «الدولة الإسلامية» في العراق أعمالا وحشية من بينها قطع الرؤوس والإعدامات الجماعية التي تستهدف غالبا الشيعة الذين يعتبرهم التنظيم خارجين عن الإسلام.

وقال خبراء إنه نتيجة لهذا التهديد تعين على إيران تبني نهجا أكثر مرونة في سياستها في العراق مما أدى إلى سلسلة من التحولات المثيرة.

ولم يتخل المسؤولون في طهران عن دعم «المالكي» وتجاهل تجدد الهجمات الأمريكية في العراق وحسب وإنما تواصلوا أيضا مع السعودية عدوتهم اللدود وشاركوا في محادثات عن الوضع الأمني في العراق.

قال «مهدي نوربخش» وهو أستاذ مساعد للشؤون الدولية في جامعة هاريسبرج للعلوم والتكنولوجيا «هناك تغير مثير في السياسة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالعراق».

وكانت الكتلة التي يقودها «إياد علاوي» قد فازت بمعظم المقاعد في البرلمان، في آخر مرة اختار فيها العراقيون رئيسا للوزراء في عام 2010.

وقال منتقدون إن «علاوي» -شيعي معتدل- والذي شكل تحالفا ضم شيعة وعددا من السياسيين السنة البارزين لم يصبح رئيسا للوزراء، وأرجعو ذلك إلى الضغوط التي مارستها إيران ليتولى «المالكي» هذا المنصب.

وأجرى «علاوي» محادثات مع رئيس الوزراء المكلف «حيدر العبادي» حول دور محتمل في الحكومة الجديدة، إلا أنه لا يزال منتقدا للنفوذ الإيراني في ذلك الوقت، قائلا: «إن ذلك حرمان للعراقيين من حقهم على أيدي قوة أجنبية» معتبرا ذلك إهانة للعراقيين.

ولم يتغير الموقف كثيرا عندما أجريت الانتخابات البرلمانية في العراق في الربيع الماضي وواصلت إيران دعمها القوي «للمالكي»، فيما قال مسؤولون عراقيون وخبراء إن المسؤولين الإيرانيين لم يدركوا التهديد المباشر لبغداد وللمزارات الشيعية في البلاد وتغير مسار سياستها إلا بعد استيلاء «الدولة الإسلامية» على الموصل في منتصف يونيو/حزيران الماضي.

وقال مسؤول عراقي كبير طلب عدم الكشف عن شخصيته نظرا لحساسية الموضوع «إن إيران كانت مؤيدة للمالكي وتقول ليذهب الآخرون للجحيم» حتى انهار جيشه.

وأضاف المسؤول «الإيرانيون واقعيون بشدة وصبورون للغاية، ويقيمون مصالحهم الوطنية بحرص شديد، ولا يريدون جبهة مع تنظيم الدولة الإسلامية تمتد من إيران وحتى سواحل البحر المتوسط».

وجرى تسليط الضوء على أهمية الموضوع عندما سافر قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني «قاسم سليماني» إلى بغداد في يونيو/حزيران الماضي، وتعتبر قوة القدس فرع من الحرس الثوري مكلف بالعمليات خارج إيران وكثيرا ما تضم جماعات مسلحة تابعة في المنطقة.

وقال مسؤولون عراقيون حاليون وسابقون إن «سليماني» اجتمع مع مسؤولي أمن عراقيين كبار للمساعدة في إعداد هجوم عسكري مضاد لتقدم «الدولة الإسلامية»، واشتملت الخطة على استخدام آلاف رجال الميليشيا الذين سلحتهم إيران ودربتهم وكذلك آلاف المجندين الجدد الذين تطوعوا بعد أن أصدر «آية الله علي السيستاني» أكبر مرجع شيعي دعوة لحمل السلاح ضد «الدولة الإسلامية» في يونيو/حزيران الماضي.

واجتمع «سليماني» كذلك مع «المالكي» لبحث منصب رئيس الوزراء، وقد خاب أمل الإيرانيين لعجز «المالكي» عن حشد الجيش لمواجهة مقاتلي «الدولة الإسلامية»، فيما قال مسؤول سابق طلب عدم الكشف عن شخصيته نظرا لحساسية الموضوع «إن الإيرانيين صبوا غضبهم على المالكي».

وتبعت زيارة «سليماني» زيارة لـ«علي شامخاني» الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني الذي اجتمع مع «السيستاني» وعدد من كبار رجال الدين الشيعة وسياسيين من السنة في منتصف يوليو/تموز.

وقال خبراء إن زيارة «شامخاني» مهمة ليس فقط لكونه مسؤولا أمنيا كبيرا وإنما أيضا لأنه معتدل نسبيا ومقرب من الرئيس «حسن روحاني» ومن الزعيم الأعلى الإيراني«آيه الله علي خامنئي».

وبعد أسبوع من الاجتماع مع «شامخاني» أصدر «السيستاني» الذي كان يضغط بشكل ضمني على «المالكي» كي يتنحى بيانا يدعو فيه الزعماء السياسيين لعدم التشبث بالسلطة.

وعندما أعلن الرئيس العراقي «فؤاد معصوم» أن «العبادي» هو المرشح ليكون رئيس الوزراء الجديد أرسل «شامخاني» برقية تهنئة حتى قبل أن يعلن «المالكي» ما إذا كان سيتنحى.

وعلق «نوربخش» على ذلك بأن إيران كانت من بين الدول الأولى التي أيدت «العبادي».

وقد أشادت السعودية التي طالما انتقدت ما ترى أنها سياسات طائفية «للمالكي» بترشيح «العبادي»، وبالرغم من الخلافات العميقة بين السعودية وإيران بسبب الحرب في سوريا في السنوات القليلة الماضية فإن البلدين يواجهان الآن تهديدا مشتركا من تنظيم «الدولة الإسلامية». فقد هدد مقاتلون من الجماعة المتشددة بمهاجمة السعودية في تسجيلات مصورة وضعت على شبكة الإنترنت.

وكسرت إيران الجمود الدبلوماسي الأسبوع الماضي وأرسلت «حسين أمير عبد اللهيان» نائب وزير الخارجية في زيارة رسمية إلى جدة في أول اجتماع على هذا المستوى منذ أن أصبح «روحاني» رئيسا للجمهورية قبل عام، وبحث «عبد اللهيان» نمو تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق إلى جانب موضوعات أخرى مع نظيره السعودي.

لكن الأكثر مفاجأة من دفء العلاقات بين البلدين هو قبول إيران الضمني للقصف الأمريكي في العراق بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وهنا أيضا تراجع إيراني عن موقف تقليدي في سياستها الخارجية في مواجهة تهديد مشترك.

وقال وزير الخارجية العراقي «هوشيار زيباري» إن تنظيم «الدولة الإسلامية» عدو مشترك لكل من الولايات المتحدة وإيران، مشيرا إلى أنه كان يقول دائما إن هناك مصلحة مشتركة يين البلدين حتى في أصعب الأوقات وحتى لو لم يعترفا بذلك.

ولم ينتقد المتشددون في إيران الهجمات الأمريكية في العراق، والتزمت الصحافة المحافظة التي كثيرا ما تهاجم الولايات المتحدة الصمت.

وقال «نوربخش» إنه لم يكن هناك انتقاد من أي نوع للهجمات الأمريكية الأخيرة على العراق، مضيفا أن خطاب «خامنئي» لم يتضمن انتقادا بأي شكل لما تفعله الولايات المتحدة داخل العراق الآن، في الوقت الذي وجه فيه انتقادا للولايات المتحدة بخصوص مجموعة كبيرة من القضايا الأخرى في خطبه التي ألقاها في الآونة الأخيرة بما في ذلك الموقف الأمريكي من المحادثات بين إيران والقوى الخارجية بخصوص برنامج إيران النووي.

 

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية إيران

موقع إلكترونيّ إيرانيّ ينفي استبعاد قاسم سليماني من الملف العراقي

إيران تؤكد شنّ غارات جوية ضد «الدولة الإسلامية» بالعراق